بَمو

بقلم: حسن جعفرزاده نقله الی العربیة: سید محمود عربی
1 بازدید

بَمو هو مرتفع حدودي يقع في ناحية أزغله، التابعة لمقاطعة ثلاث باباجاني في محافظة كرمانشاه. وقد وقع تحت احتلال الجيش العراقي مع بداية الحرب المفروضة.

يقع جبل بمو عند إحداثيات 34.54 شمالاً و 45.46 شرقاً، على شكل شريط يمتد من الشمال إلى الجنوب بموازاة الخط الحدودي بين إيران والعراق، بطول 15 كيلومتراً وعرض 5 كيلومترات، في شمال غرب محافظة كرمانشاه بمنطقة أزغله التابعة لمقاطعة ثلاث باباجاني. يُعَدّ هذا الجبل جزءاً من سلسلة جبال زاغروس، ويقع بين نهر "داري زنكنه" ومضيق "سرتك". ويصل أعلى ارتفاع له داخل الأراضي الإيرانية إلى 1847 متراً فوق مستوى سطح البحر.[1] يُشكّل مرتفع بمو جزءاً من الحدود الإيرانية-العراقية. ويمر الخط الحدودي في نطاق هذا المرتفع عبر خط القمة على سفوحه الجنوبية والشرقية، مما يقسّمه إلى جزأين، يقع الجزء الأكبر والأعلى منه في الأراضي العراقية.[2]

قبل اندلاع الحرب المفروضة، كان مرتفع بمو، مع غيره من المرتفعات الحدودية، يُعتبر الموقع الدفاعي الأول لمحافظة كرمانشاه في مواجهة أي هجوم من القوات المهاجمة القادمة من العراق.[3] نظراً لأهميته الاستراتيجية، قام الجيش العراقي بتعزيز قواته على هذا المحور أثناء التحضير للهجوم على إيران، ونقل كتيبة آلية من خانقين باتجاه جبل بمو (مقابل مخفر باويسي الإيراني).[4] وقبل بدء الحرب رسمياً، كانت عناصر معادية للثورة بقيادة باليزبان (محافظ كرمانشاه في العهد البهلوي) قد تمركزت على هذا المرتفع بدعم من نظام البعث لتنفيذ عمليات تخريبية.[5] وفي أواخر شهر أغسطس 1980م، وقبل الغزو العراقي، كانت تلك العناصر قد حشدت قوات ومعدات كبيرة على هذا المرتفع.[6]

مع انطلاق الحرب، تمكن الجيش العراقي من احتلال مرتفع بمو بعد تقدمه في محور أزغله.[7] وبعد السيطرة عليه، نُشرت عليه وحوله أنواع مختلفة من الأسلحة والمعدات العسكرية نظراً لأهميته الاستراتيجية.[8] وقد استغلت القوات العراقية السيطرة التامة التي يوفرها مرتفع بمو، فأنشأت مراكز مراقبة على أعلى قمة فيه لرصد التحركات العسكرية الإيرانية. كما تمركزت على المرتفع عناصر معارضة، على رأسها منظمة مجاهدي خلق، وتم تزويدها بأجهزة المراقبة والتنصت لمتابعة أنشطة القوات الإيرانية.[9]

خلال الحرب، كان مرتفع بمو من مراكز تمركز العناصر المعادية للثورة، بما في ذلك الملكيين بقيادة باليزبان، ومنظمة مجاهدي خلق، والحزب الديمقراطي الكردستاني. وقد شكّلت هذه العناصر خطاً دفاعياً في محيط هذا المرتفع، خاصة مقابل "سرتك"، وكانت تحرسه إلى جانب الجيش العراقي.[10] وكان طريق التسلل الذي استخدمته هذه العناصر، وخاصة أفراد الحزب الديمقراطي الكردستاني، للوصول إلى منطقة جوانرود، يمر عبر مرتفعات بموي الصغير وصولاً إلى مرتفعات شاخ خشيك.[11] وفي المقابل، نفّذت القوات الكردية الموالية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في شمال العراق هجمات محدودة ضد الجيش العراقي في محيط هذا المرتفع.[12]

لمواجهة الجيش العراقي، راقب القادة العسكريون الإيرانيون تطورات هذا المرتفع، بعد أن تمكنوا من إيقاف تقدم الجيش المهاجم وفي أثناء فترة تحرير الأراضي الإيرانية المحتلة. وفي 17 ديسمبر 1981م، وقع أحد أهم الإجراءات العسكرية الإيرانية على هذا المحور، حيث نفذت قوات حرس الثورة في "ريجاب" و"جوانرود"، بالاستعانة بقوات التعبئة (البسيج) المحلية، عملية محدودة باسم "مولاي المتقين" في الشريط الحدودي غرب "جوانرود"، تم خلالها تحرير جزء صغير من السفوح الغربية والجنوبية لمرتفعات بمو الحدودية.[13]

خلال مرحلة مطاردة المعتدي، وبهدف تفعيل الجبهة الوسطى، كان مرتفع بمو من بين الأهداف التي حظيت باهتمام القادة العسكريين الإيرانيين. وفي مقابل مرتفع بمو على الأراضي الإيرانية، كانت منطقة "دربندخان" على الأراضي العراقية، والتي كان لها أهمية خاصة في الخطط العملياتية الإيرانية. كان بمو أعلى مرتفع يسيطر على سد دربندخان الاستراتيجي في شمال العراق.[14] وكانت السيطرة على بمو تلعب دوراً هاماً في التقدم نحو "دربندخان"، ومع ذلك، كانت مهام الاستطلاع على هذا المرتفع صعبة للغاية بسبب طبيعته الصخرية، إضافة إلى الحماية المكثفة من الجيش العراقي.[15] وبسبب رؤية مرتفع بمو الكاملة لمؤخرة القوات الإيرانية بعمق يصل إلى 60 كيلومتراً، لم يكن بالإمكان تحقيق عنصر المفاجأة ضد الجيش العراقي على هذا المحور، مما جعل تنفيذ العملية وتحريره أمراً صعباً.[16]

خلال الحرب، جرت أهم المباحثات حول السيطرة على بمو ضمن خطة عملية "والفجر 5" في شهر أكتوبر 1983م. في الخطة الأولية للعملية، كان من المقرر أن يقوم مقر "النجف" بالسيطرة على مرتفع بمو وقرنه، للتقدم في منطقة "دربندخان" العراقية.[17] ولكن في الأيام اللاحقة، وعلى الرغم من أن جزءاً كبيراً من مباحثات التحضير لعملية "والفجر 5" كان مخصصاً لمحور بمو، فقد تم حذف السيطرة عليه من المحاور العملياتية بسبب الصعوبات التي واجهت الخطة.[18]

بعد إلغاء عملية "والفجر 5" على محور بمو، أصبحت هجمات القوات العسكرية الإيرانية في هذا المحور تتخذ طابعاً إيذاعياً ومحدوداً بشكل أساسي، وكان أي تحرك عسكري إيراني في هذا المحور يقابل برد فعل عنيف من الجيش البعثي. وفي سبتمبر 1986م، تعرضت مواقع القوات الإيرانية المقابلة لهذا المرتفع لهجوم كيميائي من العراق.[19] وفي عام 1366 هـ ش (1987م)، تصاعد نطاق هجمات منظمة مجاهدي خلق على محور بمو أيضاً، ونفذت هجمات ضد القواعد العسكرية الإيرانية المقابلة لهذا المرتفع.[20]

بعد نهاية الحرب، حافظ جبل بمو على أهميته الاستراتيجية كمرتفع حدودي. يمر الخط الحدودي في نطاق هذا المرتفع من العلامة الحدودية 67 إلى 1/67، حيث يتبع التلة الجنوبية الغربية للجبل، ومن العلامة 1/67 إلى 3/67، يشكّل خط قمة مرتفعات بمو الحدود المشتركة بين إيران والعراق.[21]

كما صدر كتاب "بمو" للمؤلف أصغر كاظمي، الذي يتناول مذكرات استطلاعية لمنطقتي قصر شيرين وذهاب في جنوب غرب وغرب البلاد، يرويها 10 من القادة والمجاهدين في 5 فصول. وقد نُشر الكتاب عام 1379 هـ ش (2000م) عن طريق منشورات سوره مهر.

 

[1] کاظمی، أصغر، بَـمـو (خاطرات شناسایی منطقه قصرشیرین و ذهاب)، طهران، دفتر ادبیات و هنر مقاومت (مكتب أدب وفن المقاومة)، 2000، ص 24؛ لطف‌الله‌زادگان، علیرضا، روزشمار جنگ ایران و عراق، ج 16، طهران، ‌ مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز للوثائق وأبحاث الدفاع المقدس)، 2015، ص 1033؛ المنظمة الجغرافية للقوات المسلحة، خريطة 1:500,000 ثلاث باباجاني، طهران، 2011؛ هژبری، علي و مرتضی حصاری، آشنایی با کوه مقدس بمو «التعرف على جبل بمو المقدس»، فصلية مطالعات باستان‌شناسی پارسه، العدد 8، 2019، ص 29.

[2] لطف‌الله‌زادگان، علیرضا، روزشمار جنگ ایران و عراق، ج 16، ص 1033؛ کاظمی، أصغر، المرجع نفسه، ص 23.

[3] حسینی، ناصر، تأمین بغداد هدف اول رژیم بعث عراق از تهاجم به غرب کشور «تأمين بغداد الهدف الأول لنظام البعث العراقي من الهجوم على غرب البلاد»، فصلية علوم و فنون نظامی، العدد 31، 2015، ص 9.

[4] نخعی، هادی، روزشمار جنگ ایران و عراق، ج 7، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، 2018، ص 262.

[5] یکتا، حسین، روزشمار جنگ ایران و عراق، ج 2، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، 1998، ص 547.

[6] سلیمانی‌خواه، نعمت‌الله، روزشمار جنگ ایران و عراق، ج 9، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، 2015، ص 504.

[7] دری، حسن، اطلس کرمانشاه در جنگ، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، 2004، خريطة ص 57.

[8] فوزی، یحیی و علیرضا لطف‌الله‌زادگان، روزشمار جنگ ایران و عراق، ج 43، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، 2012، ص 302.

[9] المرجع نفسه، ص 81.

[10] کاظمی، أصغر، المرجع نفسه، ص 288 و 331؛ نعمتی، یعقوب و آخرون، روزشمار جنگ ایران و عراق، ج 27، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، 2015، ص 285 و 848.

[11] لطف‌الله‌زادگان، علیرضا و ایرج همتی، روزشمار جنگ ایران و عراق، ج 28، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، 2018، ص 975.

[12] خداوردی، مهدی، روزشمار جنگ ایران و عراق، ج 42، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، 2018، ص 777.

[13] لطف‌الله‌زادگان، علیرضا، روزشمار جنگ ایران و عراق، ج 16، ص 1026؛ کاظمی، أصغر، المرجع نفسه، ص 57.

[14] فوزی، یحیی و علیرضا لطف‌الله‌زادگان، المرجع نفسه، ص 302.

[15] نعمتی، یعقوب و همکاران، المرجع نفسه، ص 261 و 286.

[16] فوزی، یحیی و علیرضا لطف‌الله‌زادگان، المرجع نفسه، ص 206.

[17] نعمتی، یعقوب و آخرون، المرجع نفسه، ص 421.

[18] المرجع نفسه، ص 970.

[19] فوزی، یحیی و علیرضا لطف‌الله‌زادگان، المرجع نفسه، ص 690.

[20] لطف‌الله‌زادگان، علیرضا، روزشمار جنگ ایران و عراق، ج 49، ص 225.

[21] عزتی، عزت‌الله و هوشنگ میرزایی‌پور، «بررسي مناطق مرزي استان کرمانشاه با عراق و نقش آن در اهداف استراتژيک ايران» (دراسة المناطق الحدودية لمحافظة كرمانشاه مع العراق ودورها في الأهداف الاستراتيجية لإيران)، فصلية نگرش‌های نو در جغرافیای انسانی، الدورة 3، العدد 4، 2011، ص 25.