قاعدة بندر عباس الجوية التاسعة للمقاتلات التكتيكية

بقلم: محسن شیرمحمد نقله الی العربیة: سید محمود عربی
1 بازدید

تعتبر قاعدة المقاتلات التاسعة التي تقع على مشارف مدينة بندر عباس وتطل على مضيق هرمز، منشأة ذات أهمية استراتيجية كبيرة ولعبت دوراً محورياً خلال فترة الدفاع المقدس. حيث تم افتتاح محطة جوية في بندر عباس عام 1342 هـ ش (1963م). وبدأت أعمال تطوير المطار وبناء المرافق الجوية ذات الصلة في عام 1348 هـ ش (1969م)، واكتملت تدريجياً بحلول عام 1352 هـ ش (1973م).[1] وبحلول عام 1356 هـ ش (1977م)،[2] أصبحت آخر قاعدة للقوات الجوية يتم نشر المقاتلات القاذفة فانتوم F-4 فيها، لتتشكل بذلك قاعدة المقاتلات التاسعة.[3]

وفي أوائل عقد الخمسينيات الهجري الشمسي (السبعينيات من القرن العشرين)، ولتلبية الحاجة إلى الدوريات البحرية على طول السواحل الإيرانية في الخليج الفارسي وبحر عُمان، اشترت إيران 6 طائرات P-3F. وعلى الرغم من أن الطائرات كانت مخصصة في البداية للبحرية، إلا أنها تم نشرها في القوات الجوية في عام 1353 هـ ش (1974م) في قاعدة بندر عباس، وذلك لعدم توفر البنية التحتية الملائمة لاستيعابها في صفوف البحرية.

في أعقاب اندلاع حرب ظفار في سلطنة عمان، استجابت إيران لطلب المساعدة من السلطنة، حيث شارك الجيش الإيراني في قمع المعارضين من عام 1351 إلى 1354 هـ ش (1972-1975م). وفي تلك الحرب، شاركت قاعدة بندر عباس، حيث نفذت طائرات فانتوم F-4 التابعة لها طلعات جوية متعددة فوق جنوب عُمان وظفار.[4] بعد الثورة الإسلامية، ونظراً لصعوبات صيانة طائرات P-3F في بندر عباس، تم نقل هذه الطائرات إلى قاعدة شيراز.[5]

وفي عام 1359 هـ ش (1980م) وعلى أعتاب الحرب المفروضة، كانت قاعدة المقاتلات التاسعة في بندر عباس تمتلك 26 طائرة مقاتلة من طراز F-4، منها 23 طائرة كانت جاهزة تماماً للعمليات. وكان بالقاعدة أيضاً 41 طياراً مقاتلاً[6] وحوالي ألف فرد من القوات الفنية والدعم.[7]

لم تتعرض قاعدة بندر عباس للقصف الجوي في بداية الغزو العراقي بسبب موقعها البعيد. ولكن في اليوم التالي للهجوم، شاركت القاعدة بفاعلية في عملية "كمان-99"، وهي هجوم جوي ضخم نفذته القوات الجوية الإيرانية ضد أهداف عراقية مهمة. تمثلت أدوار قاعدة بندر عباس في هذه العملية بتقديم الدعم لقاعدتي بوشهر وهمدان، حماية المجال الجوي فوق الخليج الفارسي ومضيق هرمز، وتغطية عمليات السفن البحرية الإيرانية.[8]

في الأيام الأولى من الحرب، انتشرت أخبار غير مؤكدة عن رصد زوارق "أوزا" العراقية في محيط أبو ظبي. ولو كانت هذه الأخبار صحيحة، لكانت بندر عباس ستصبح عرضة لهجمات القوات البحرية العراقية. ولذلك، طلبت القوات البحرية من القوات الجوية في صباح 10 مهر 1359 هـ ش (2 أكتوبر 1980م) أن يقوم سرب استطلاع باستخدام طائرة من طراز RF-4 بالتقاط صور جوية للمنطقة المذكورة. كما كانت طائرات فانتوم المقاتلة في قاعدة بندر عباس مجهزة بصواريخ "مافريك" وتنتظر نتائج الاستطلاع، بهدف تدمير الزوارق العراقية في حال تأكيد وجودها. ولكن، بعد اكتمال مهمة الاستطلاع، اتضح أن الخبر كان غير صحيح، وأن القوات البحرية العراقية ليس لها وجود في هذه المنطقة.[9]

في شهر مهر 1359 هـ ش (أكتوبر 1980م)، تم إرسال طيارين من قاعدة بندر عباس إلى قاعدة "شهيد نوجه" في همدان للمشاركة في الطلعات الجوية التي تهدف إلى مواجهة العدو.[10] ونظراً للاحتلال السوفيتي لأفغانستان وكفاح المجاهدين الأفغان ضد المحتلين، وكذلك المساعدات الأمريكية التي كانت تُرسل عبر باكستان إلى أفغانستان، تم تكليف قاعدة بندر عباس بالاستعداد لمواجهة أي اعتداءات محتملة أو امتداد للصراعات إلى داخل إيران. ولكن بسبب بعد المسافة بين القاعدة والحدود الشرقية للبلاد، تم إرسال طائرتي فانتوم من بندر عباس إلى قاعدة جابهار ليتم استخدامهما عند الضرورة.[11]

خلال فترة الدفاع المقدس، وقبل أن تبلغ حرب الناقلات ذروتها في عام 1366 هـ ش (1987م) في الخليج الفارسي،[12] كان يتم إرسال طائرات وطيارين من قاعدة المقاتلات التاسعة إلى وحدات الخطوط الأمامية في دزفول وهمدان وبوشهر، للمشاركة في الطلعات القتالية والمساهمة في سير العمليات الحربية.[13] على سبيل المثال، في عملية "والفجر 8"، كانت القاعدة التاسعة إحدى القواعد التي تولت مسؤولية تعويض الطائرات التي خسرتها قاعدة بوشهر خلال العملية.[14]

كما كان أحد أهم الإجراءات التي اتخذتها قاعدة المقاتلات التاسعة في بندر عباس خلال حرب الناقلات، فمع بدء الهجمات العراقية على ناقلات النفط الإيرانية في الخليج الفارسي، كُلفت قاعدة بندر عباس بمهمة التصدي للعدو. ولهذا الغرض، تم نشر طائرتين مقاتلتين من طراز F-4 في جزيرة كيش، وذلك من أجل مرافقة قوافل ناقلات النفط ومواجهة الهجمات الجوية العراقية.[15]

مع استمرار دعم حكومات الخليج الفارسي مثل السعودية والكويت للعراق، قررت إيران الرد بالمثل باستهداف ناقلات النفط والسفن التجارية لتلك الدول.[16] وقد استهدفت طائرات فانتوم التابعة لقاعدة بندر عباس سفن هذه الدول مراراً وتكراراً في مهام مختلفة. على سبيل المثال، في 28 فروردين 1365 هـ ش (17 أبريل 1986م)، استهدفت طائرتا F-4 من قاعدة بندر عباس، باستخدام صاروخ "مافريك"، ناقلة غاز مسال سعودية قبالة سواحل المملكة.[17]

ووقعت أيضاً اشتباكات محدودة بين مقاتلات من قاعدة بندر عباس والقوات الأمريكية في الخليج. وفي أحد هذه الاشتباكات عام 1363 هـ ش (1984م)، تعرضت طائرة فانتوم لضربة بصاروخ أمريكي أرض-جو، لكن طياريها تمكنا من الهبوط بها بسلام في بندر عباس.[18] وفي عام 1367 هـ ش (1988م)، تم نشر طائرات F-14 في القاعدة لتعزيز قدرتها الجوية.[19]

كان أحد الأحداث المريرة التي وقعت في المجال الجوي لقاعدة بندر عباس عام 1367 هـ ش (1988م) هو استهداف طائرة ركاب إيرانية من طراز إيرباص بصواريخ أطلقتها البارجة الأمريكية "يو إس إس فنسنس"، مما أدى إلى استشهاد 290 مدنياً.[20] بعد انتهاء الدفاع المقدس، استمرت قاعدة بندر عباس في مهمتها المتمثلة في حراسة أجواء الخليج الفارسي ومضيق هرمز وبحر عُمان. حيث تقوم طائرات فانتوم التابعة للقاعدة بطلعات استطلاعية أسبوعية فوق الجزر الإيرانية في الخليج الفارسي مثل أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى. كما كانت من ضمن إنجازات القاعدة اعتراض الطائرة التي كانت تقل الإرهابي عبد المالك ريغي والقبض عليه.[21] ومن أبرز القادة والطيارين في القاعدة خلال فترة الدفاع المقدس هم فريدون طالب دوست، علي أكبر إسكندري، فريدون صمدي وقاسم مساعد.[22] ويتولى حالياً العميد طيار محسن حيدريان قيادة القاعدة التاسعة.[23]

عقب حادث جوي خلال مناورات الخليج الفارسي في 18 ارديبهشت 1374 هـ ش (8 مايو 1995م)، والذي أسفر عن استشهاد الطيار خسرو عبد الكريمي، تم تغيير اسم قاعدة بندر عباس ليصبح قاعدة "الشهيد عبد الكريمي".[24]

بقلم: محسن شیرمحمد

نقله الی العربیة: سید محمود عربی

 

 

 

 

 

[1] نصرتي، مهرداد. پرواز بر فراز خلیج ‌فارس، مجلة صف الشهرية، العدد 440، بهمن 1396 هـ. ش. (فبراير 2018 م)، ص 36.

[2] علي عسكري، زهره. پرواز با آتش، جنات فکه، 1395 هـ. ش. (2016 م)، ص 145.

[3] نمكي عراقي، علي رضا وآخرون. تاریخ نبردهای هوایی ـ عملیات کمان -99 موسوم به 140 فروندی و انهدام نیروی هوایی دشمن، (تاريخ المعارك الجوية - عملية كمان-99 المعروفة بـ 140 طلعة وتدمير القوة الجوية للعدو)، المجلد 3، طهران، مرکز انتشارات راهبردی (نهاجا)، 1396 هـ. ش. (2017 م)، ص 62، 63.

[4] شيرمحمد، محسن. “چشمان عقاب”، طهران، مرکز انتشارات راهبردی (نهاجا)، 1396 هـ. ش. (2017 م)، ص 105.

[5] شيرمحمد، محسن. “پاکبازان عرصه عشق”، مجلة صنایع هوایی، العدد 315، مرداد إلى مهر 1397 هـ. ش. (أغسطس إلى أكتوبر 2018 م)، ص 28.

[6] گروه مؤلفین تاریخ دفاع مقدس هوایی، تاریخ نبردهای هوایی ـ تا آغاز تهاجم سراسری عراق، (مجموعة مؤلفي تاريخ الدفاع المقدس الجوي. “تاريخ المعارك الجوية - حتى بداية الهجوم العراقي الشامل)، المجلد 1، طهران، مرکز انتشارات راهبردی (نهاجا)، 1393 هـ. ش. (2014 م)، ص 393.

[7] المصدر نفسه، ص 62، 63.

 [8]المصدر نفسه.

[9] شيرمحمد، محسن. “چشمان عقاب”، ص 149، 150.

[10] علي عسكري، زهره. المصدر نفسه، ص 211، 212.

[11] غلامي، براتعلي. “پدافند هوایی ـ سیر توسعه و تکامل”، المجلد 1، طهران، إيران سبز، 1399 هـ. ش. (2020 م)، ص 154؛ علي عسكري، زهره. المصدر نفسه، ص 399.

[12] همه چیز در مورد جنگ نفتکش‌ها (كل شيء عن حرب الناقلات)، خارگ نيوز، 20 مهر 1398 هـ. ش. (12 أكتوبر 2019 م)، https://www.khargnews.ir

[13] نمكي عراقي، علي رضا وآخرون. المصدر نفسه، ص 62، 63.

[14] نمكي، علي رضا. “نیروی هوایی در دفاع مقدس”، طهران، منشورات إيران سبز، 1389 هـ. ش. (2010 م)، ص 293، 294.

[15] علي عسكري، زهره. المصدر نفسه، ص 400.

[16] كوردزمان، أنتوني وأبراهام فاغنر. “درس‌های جنگ مدرن، جنگ ایران و عراق”، المجلد 2، ترجمة حسين يكتا، طهران، مرزوبوم، 1390 هـ. ش. (2011 م)، ص 32.

[17] علي عسكري، زهره. المصدر نفسه، ص 411.

[18] نصرتي، مهرداد. “پرواز بر فراز خلیج ‌فارس”، مجلة صف الشهرية، العدد 440، بهمن 1396 هـ. ش. (فبراير 2018 م)، ص 35؛ كوردزمان، أنتوني وأبراهام فاغنر. المصدر نفسه، ص 564.

[19] كوردزمان، أنتوني وأبراهام فاغنر. المصدر نفسه، ص 585.

[20] المصدر نفسه، ص 565.

[21] نصرتي، مهرداد. کوچک‌ترین تهدید دشمن را کوبنده‌تر پاسخ خواهیم داد (سوف نرد على أصغر تهديد للعدو بشكل أقوى)، مجلة صف الشهرية، العدد 463، اسفند 1398 هـ. ش. (مارس 2020 م)، ص 21.

[22] نمكي عراقي، علي رضا وآخرون. المصدر نفسه، ص 62، 63.

[23] وكالة أنباء الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، 10 تير 1400 هـ. ش. (1 يوليو 2021 م)، www.iribnews.ir/fa/news/3152877.

[24] وكالة أنباء فارس، 13 اسفند 1391 هـ. ش. (3 مارس 2013 م)، www.farsnews.ir/news/13911212001049؛ الشهيد خسرو عبد الكريمي، www.golzar.info/37551/.