عبدالحسین برونسی

سجاد نادری‌پور‎
11 بازدید

كان «عبدالحسین برونسي» قائد اللواء الثامن عشر "جواد الأئمّة (ع)" التابع للحرس الثوري الإسلامي في محافظة خراسان، و استشهد في عملية «بدر» بمنطقة «هور العظيم» في 14 مارس عام 1985م (23 اسفند 1363ه.ش).

وُلد عبدالحسين برونسي في 25 أغسطس 1942م (3 شهریور 1321 ه.ش) في قرية «گلبوي كدكن» التابعة لقضاء «تربت حيدريه» بمحافظة «خراسان الرضوي».[1] أكمل دراسته الابتدائية حتى الصف الرابع في قريته، لكنّه ترك المدرسة بعدما لاحظ سلوكا غير لائق من بعض المعلمين الرجال تجاه الطالبات في القرية، فترك التعليم و اتّجه إلى الزراعة.[2]

في عام 1962م(1341هـ.ش)، بدأ فترة خدمته العسكرية في «بيرجند» ثم أكملها في «مشهد» و خلال هذه الفترة عيّن "خادمًا" في منزل أحد ضبّاط الجيش، غير أنّه رفض البقاء هناك بسبب عدم التزام نساء المنزل بالحجاب الشرعي، فعاد إلى الثكنة العسكرية رغم العقوبة التي فُرضت عليه من قبل قائده.[3]

و في عام 1968م(1347 ه.ش)، تزوّج من «معصومة سبك‌خيز» حفيدة خالته، و رزق منها بثمانية أولاد. و بعد عام من زواجه، و مع بدء تنفيذ الإصلاح الزراعي من قبل نظام الشاه، كان بإمكانه أن يستفيد من المنافع المادّية لهذا المشروع، إلا أنّه رفض ذلك وعدّه مخالفًا لأحكام الشريعة الإسلامية، إذ كان المشروع يقوم على توزيع أراضي كبار الملاّك قسرًا على عامة الناس؛ فترك قريته و هاجر إلى مدينة مشهد.[4]

«عبدالحسين برونسي» بعد انتقاله إلى مدينة مشهد، عمل في البداية في ورشة لإنتاج مشتقات الألبان، لكنه ترك العمل بعد أن اكتشف أن صاحب الورشة كان يخلط الماء بالحليب و يبيعه للناس. بعد ذلك عمل في محلٍ لبيع الخضار، ثم تركه و التحق بمهنة البناء.[5]

و مع تصاعد النضال الشعبي ضدّ نظام الشاه، ازداد نشاط برونسي السياسي، إذ كان يشارك في محاضرات «السيد علي الخامنئي» في مسجد الكرامة بمشهد، و شارك مع مجموعة من طلبة العلوم الدينية في توزيع منشورات «الإمام الخميني» و خُطب كلّ من السيد الخامنئي و السيد «محمد الحسيني البهشتي» و غيرهما في مدن بيرجند، كاشمر، تربت حيدريه، فَريمن وغيرها من مدن محافظة «خراسان» و قد اعتقل عدّة مرات خلال هذه الفترة.[6]

و بعد انتصار الثورة الإسلامية، انضمّ برونسي إلى حرس الثورة الإسلامية، وعمل في قسم الحماية التابع لمحكمة الثورة الإسلامية في مدينة مشهد.[7] و مع بداية الاضطرابات في غرب البلاد، أُوفد إلى مدینة «پاوه» و شارك في تحريرها.[8] منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب المفروضة، تمّ إيفاد برونسي مع مجموعةٍ من المتطوّعين من محافظة خراسان إلى المناطق العملياتية في جنوب البلاد[9] و بسبب كفاءاته ترقّى في التنظيم القتالي للحرس، و كان قائد كتيبة في عملية «فتح المبين» حيث أُصيب في ظهره.[10]

تزامنًا مع تشكيل اللواء الثامن عشر «جواد الأئمة (ع)» التابع لحرس الثورة الإسلامية في محافظة «خراسان» خلال ربيع عام 1982(1361ه.ش)، تولّى «عبدالحسين برونسي» قيادة كتيبة «عبد الله» التي عُرفت لاحقًا باسم كتيبة «برونسي» [11] و في عمليتي والفجر 3 و 4، كان معاونًا للواء 18 جواد الأئمة (ع).[12]

و بعد إصابة قائد اللواء في ذلك الوقت، تسلّم «برونسي» في 29 يونيو 1984(8 تیر 1363ه.ش) قيادة اللواء الثامن عشر «جواد الأئمة (ع)»، و قاد قواته في عمليات «خيبر» و «ميمك» و «بدر».[13]

استُشهد عبدالحسين برونسي في 14 مارس 1985(23اسفند 1363ه.ش) خلال عملية «بدر» في منطقة «هور العظیم» و بقي جثمانه في ساحة المعركة.[14]

و في مايو 2011(اردیبهشت 1390ه.ش)، عُثر على جثمانه مع جثمان اثني عشر شهيدًا آخر من شهداء الدفاع المقدس شرق نهر دجلة.[15] و بعد إجراء فحوصات الحمض النووي (DNA) و التأكد من هويته، شُيّع جثمانه في 8 سبتمبر(17 شهریور ه.ش) من العام نفسه بمدينة مشهد و دُفن فيها.[16]

و جاء في وصيته: «أبنائي! استمعوا إلى القرآن جيدًا، و تقربوا منه، واجعلوا هذا الكتاب السماوي منهجًا لحياتكم. علينا أن نرجع إلى القرآن و نستمدّ منه العون و الهداية... خذوا من القرآن قدوة كي لا تضلّوا عن الطريق».[17]

إنّ ما جعل الشهيد «عبد الحسين برونسي» مشهورًا بين المقاتلين و الشعب هو حالاته الروحيّة و الإيمانيّة، و اعتماده على التوسّل بالأئمّة الأطهار (ع) في مواجهة الشدائد. يُروى أنّه في إحدى العمليات، و بعد أن وقع المقاتلون الذين كانوا تحت إمرته في حقل ألغام، سجد سجدة طويلة متوسلًا بالسيدة فاطمة الزهراء (ع)، ثم نهض من سجوده و بيّن طريقًا للخروج من حقل الألغام، من دون أي مؤشرات مادية أو علامات ظاهرة، و تمكّن من إنقاذ رجاله من دون أي خسائر. و قبل عملية بدر، قال لرفاقه: «السيدة الزهراء (ع) وعدتني بأنني سأُستشهد»؛ و كان معروفًا بين مقاتلي لواء جواد الأئمة (ع) أنّه قال:«إن لم أُستشهد في هذه العملية فسأشك في إيماني».[18]

و قال قائد الثورة الإسلامية عنه «كان الشهيد أُستاذ «عبد الحسين برونسي» يتمتّع بصفات كثيرة، لعلّ أبرزها البساطة، التواضع المدهش و الابتعاد التام عن المظاهر و التكلف».[19]

قد صدرت كتب عدّة تتناول سيرة هذا الشهيد، منها: «گل‌بوی»، منشورات «ستاره‌ها»، خاک‌های نرم کوشک(رمل كوشك الناعم)، منشورات «ملک اعظم»، برگی از یک زندگی(صفحة من حياة)، منشورات «سوره مهر»،بروید پیدایش کنید(اذهبوا وابحثوا عنه) منشورات «ستاره‌ها». كما تناولت الفيلم السينمائي «به کبودی یاس» (إلى زُرقة الياسمين) و الفيلم الوثائقي «اوستا عبدالحسین» (الأستاذ عبد الحسين) جوانب من حياته الجهادية. و تُحفَظ مخطوطاته الشخصية في متحف الدفاع المقدس ب«خراسان».[20] كما أُطلق اسم الشهيد برونسي على أحد الطرق السريعة في المنطقة التاسعة من مدينة «مشهد» تخليدًا لذكراه.

ــ


[1] . سيادت موسوي، زهرا، برگی از یک زندگی(صفحة من حياة)، طهران، دار سوره مهر، 2018، ص 8.

[2] . المصدر نفسه، ص 8؛ مجلة «شاهد ياران»، «كيف أصبح برونسي برونسيًا؟ أقوال من الشهيد برونسي عن نفسه في حوار شاهد ياران مع «الحاج السيد هاشم موسوي»، من رفاق الشهيد»، العددان 94-95، أغسطس و سبتمبر 2013(مرداد و شهریور 1392ه.ش) ص 40.

[3] . المصدر نفسه؛ المصدر نفسه.

[4] . سيادت موسوي، زهرا، المصدر نفسه، ص 8؛ مجلة «شاهد ياران»، «الرعاية الخاصة التي كان الشهيد برونسي يوليها لنفسه: الشهيد برونسي كزوج، في حوار شاهد ياران مع السيدة «معصومة سبك‌خيز»، زوجة الشهيد»، المصدر نفسه، ص 9؛ مهرداد، سيد عليرضا، گل‌بوي، مؤتمر تكريم قادة و 23 ألف شهيد من محافظة خراسان، 2001، ص 183–186.

[5] . مجلة «شاهد ياران»، «الرعاية الخاصة التي كان الشهيد برونسي يوليها لنفسه: الشهيد برونسي كزوج، في حوار شاهد ياران مع السيدة «معصومة سبك‌خيز»، زوجة الشهيد» المصدر نفسه، ص 10.

[6] . المصدر نفسه، ص 11–13؛ مهرداد، سيد عليرضا، گل‌بوي، المصدر نفسه، ص 30–38.

[7]. مهرداد، سيد عليرضا، المصدر نفسه، ص 41.

[8] . مجلة شاهد ياران، «الرعاية الخاصة التي كان الشهيد برونسي يوليها لنفسه: الشهيد برونسي كزوج، في حوار شاهد ياران مع السيدة «معصومة سبك‌خيز»، زوجة الشهيد» المصدر نفسه، ص 14.

[9] . مجلة شاهد ياران، «نال أمنيته: الشهيد برونسي في كلمات الشهيد القائد «نورعلي شوشتري»، المصدر نفسه، ص 4

[10] . موقع الموسوعة الإسلامية، https://B2n.ir/pw5197

[11]. مجلة شاهد ياران، «الأستاذ عبد الحسين كما كان: ماهية شخصية الشهيد برونسي و طريقه، في حوار شاهد ياران مع العميد المتقاعد «الحاج السيد كاظم حسيني‌فر» من رفاق الشهيد»، المصدر نفسه، ص 31؛ «جاء بدافع الحبّ إلى ساحة الجهاد: سيرة الشهيد برونسي في حوار شاهد ياران مع القائد «عباس شاملو» قائد الشهيد برونسي»، ص 37–38.

[12] . موقع الموسوعة الإسلامية، المصدر نفسه.

[13] . المصدر نفسه؛ مجلة شاهد ياران، «كان متواضعًا و بسيطًا دائمًا: ملامح الشهيد برونسي في حوار مجلة «شاهد ياران» مع العقيد المتقاعد «الحاج حميد خلخال»، المصدر نفسه، ص 69.

[14] . موقع الموسوعة الإسلامية، المصدر نفسه.

[15] صحيفة كيهان، العدد 19911، الإثنين 26 إبریل 2011(6 اردیبهشت 1390 ه.ش) ، ص 3.

[16]. المصدر نفسه، العدد 19917، الثلاثاء 23 إبریل 2011( 3 اردیبهشت 1390 ه.ش)، ص 2.

[17]. مجلة شاهد ياران، بنای عارف«البنّاء العارف»، المصدر نفسه، ص 1.

[18] . مجلة «شاهد ياران»، «قال إنّ السيدة الزهراء (ع) وعدته بالشهادة: رواية «رحيم‌پور أزغدي» عن القائد الفاطمي في جبهة الحقّ»، المصدر نفسه، ص 25.

[19] . وكالة أنباء الدفاع المقدس،https://defapress.ir/ ، موقع الموسوعة الإسلامية، https://wiki.ahlolbait.com.

[20] . موقع التاريخ الشفوي الإيراني، https://www.oral-history.ir/?page=post&id=2583