الأماكن
مارد
إعداد: محسن شيرمحمد
نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
3 دورہ
تعرضت قرية مارِد، الواقعة في محافظة خوزستان وعلى ضفاف نهر كارون، للاحتلال من قبل الجيش العراقي في الأيام الأولى من الحرب المفروضة، وتم تحريرها بعد عام واحد في عملية ثامن الأئمة.
تتبع مارد إدارياً مدينة خرمشهر، وتقع على بعد 18 كيلومتراً شمال آبادان، وهي مُطلة على الضفة الغربية للطريق الواصل بين آبادان والأهواز.[1]
اضطر الجيش العراقي إلى إعادة التفكير في خطته لاحتلال آبادان بعد فشله في عبور أروندرود والصعوبة البالغة لعبور خرمشهر. تمحورت الخطة البديلة حول اختراق خطوط الدفاع بعبور نهر كارون من قطاع مارد، ثم الاندفاع نحو نهر بهمنشير.[2]
في ظلام فجر 11 أكتوبر 1980م[3]، نجح اللواء السادس المدرع في إنشاء نقطة عبور "رأس جسر" حيوية، بعرض 2 كيلومتر، تمتد من كارون إلى طريق الأهواز-خرمشهر، بعد نصب جسر P.M.P العائم.[4] واجهت القوات المدافعة إخفاقاً عملياتياً؛ حيث لم يكن هناك أي تواجد عسكري إيراني فاعل لمواجهة العبور بسبب نقص الكوادر والافتقار لنظام قيادة وسيطرة (C2) مناسب.[5] أُرسلت قوات إيرانية محدودة إلى مارد لإعاقة التقدم، إلا أن الطبيعة السهلية والمكشوفة للمنطقة وضعف التسليح حالا دون القدرة على وقف زحف القوات العراقية.[6]
أكمل العدو سيطرته على طريق الأهواز-آبادان، ليحكم إغلاق الطريق أمام 900 مدني كانوا يفرون من آبادان. نتيجة لذلك، اقتيد الرجال كأسرى، بينما تُرِكت النساء والأطفال مُشردين في الصحراء وعادوا أدراجهم نحو آبادان.[7]
عزز العدو مواقعه الميدانية شرق كارون، وبعد ثلاثة أيام وفي ليلة 14 أكتوبر 1980م، سقطت قرية مارد تحت الاحتلال. وفي صباح اليوم التالي، تقدمت القوات العراقية نحو طريق ماهشهر-آبادان، وبمجرد الاستيلاء عليه، أحكمت الحصار البري بالكامل على جزيرة آبادان.[8] ارتكبت القوات العراقية في مارد أعمال عنف ضد المواطنين العرب، حيث أعدمت عدداً منهم واقتادت البقية كأسرى.[9]
رغم أن الهدف الأصلي للعراق من عبور نهر كارون كان الوصول إلى جزيرة آبادان، إلا أنه كان من الضروري توسيع رأس الجسر في الجزء الشمالي منه لتأمين مواقع الجسور على النهر. ولهذا السبب، قامت القوات العراقية بالانتشار شمالاً حتى مسافة بضع مئات من الأمتار من قرية سلمانيه (شمال آبادان).[10] وبهذا، نجح العراق في إنشاء رأس جسر بالغ الأهمية في منطقة شرق كارون، مما مهد الطريق للوصول إلى جزيرة آبادان.[11]
في 10 ديسمبر 1980م، نصب العدو جسراً آخر على نهر كارون شمال الجسر السابق في منطقة مارد. ونظراً للطبيعة الحرجية للمنطقة وانعدام الرؤية، لم يكن بالإمكان تنفيذ نيران المدفعية والهاون الإيرانية بفعالية على الجسر.[12]
في 18 ديسمبر 1980م، أعد مقر أروند التابع للجيش الإيراني خطة تهدف إلى دحر الجيش العراقي من مناطق شرق نهر كارون وتحرير طريقي الأهواز وماهشهر المؤديين إلى آبادان.[13] سُميت الخطة بـ"توكل"، وتقرر تنفيذها على مرحلتين. في المرحلة الأولى، كان المخطط أن يشكل اللواء 37 المدرع قوة الضربة الرئيسية في المرحلة الأولى، بشن هجوم على أعمق نقطة في رأس جسر العدو في المحور الحيوي بين الشرق والغرب، والهدف الأبرز كان احتلال جسر مارد.[14] نفذ اللواء 37 المدرع هذه العملية في 10 يناير 1981م، لكنها باءت بالفشل.[15]
بعد عملية تلال مُدُن، التي نفذها الجيش والحرس الثوري في شمال آبادان في 15 مايو 1981م وأدت إلى تحرير تلال مُدُن،[16] وضعت القيادة عملية أخرى في الجزء الشمالي من المنطقة المحتلة شرق كارون، أُطلق عليها اسم" فرمانده کل قوا، خمینی روح خدا "(القائد العام للقوات المسلحة، الخميني روح الله).
شمل التخطيط لهذه العملية حفر قناة بالقرب من مارد بهدف تقصير المسافة بين خطوط القوات الإيرانية وخطوط العدو. وبناءً على ذلك، تم خلال ثلاثة أشهر حفر قناة بطول 1750 متراً، وبعرض نصف متر، وعمق 1.4 متر تحت سطح الأرض، وصولاً إلى مسافة 250 متراً فقط من خطوط العدو الدفاعية.
شارك في العملية 300 مجاهد من الحرس الثوري والتعبئة، معززين بمدفعية إسناد من الجيش. بدأت العملية في الساعة 3:40 فجراً من يوم 11 يونيو 1981م بعد قصف مدفعي استمر 10 دقائق. باغتت القوات المهاجمة العدو من محورين وتمكنت من التقدم 6 كيلومترات حتى الساعة السابعة صباحاً. كان رد فعل العدو على العملية عنيفاً جداً، وحاول استعادة المنطقة المحررة على مدار أسبوع. قامت القوات الإيرانية، في اليوم الأول للعملية، بإخلاء جزء من المنطقة المحررة لغرض تثبيت المكاسب، وعززت مواقعها بالاعتماد على ساتر ترابي كان قد أُنشئ ليلة العملية، مما سمح لها بإحباط الهجمات المضادة العراقية. أسفرت العملية عن تحرير حوالي 4 كيلومترات مربعة من المنطقة المحتلة جنوب سلمانيه، وتقريب خطوط الجبهة بشكل كبير من جسر مارد. ونتيجة لهذا التهديد، فكك العدو جسر مارد واعتمد على جسر القصبه فوق كارون، ثم لاحقاً على جسر حفار.[17]
ظلت قرية مارِد تحت احتلال العدو حتى عملية ثامن الأئمة (ع) (27 سبتمبر 1981م).[18] تمركزت في منطقة مارد وحدات من الجيش الشعبي العراقي، إلى جانب المقر الرئيسي للواء السادس العراقي.[19] كما تم نشر سرية من القوات الخاصة "الكوماندوز" العراقية في مارد بتاريخ 11 سبتمبر 1981م.[20]
في سياق عملية ثامن الأئمة بتاريخ 27 سبتمبر 1981م، كُلفت الفرقة 77 التابعة للجيش، بالتعاون مع قوات الحرس الثوري، بمهمة تحرير المناطق المحتلة شرق نهر كارون.[21] وبعد يومين من القتال العنيف، نجحت القوات في طرد العدو من شرق كارون وكسر حصار آبادان.[22] على محور دار خوين (شمال آبادان)، تمكنت قوات اللواء الثالث من الفرقة 77 وقوات الحرس الثوري، عقب تحرير قرية مارد، من السيطرة على جسر القصبه.[23]
وفقاً لإحصاء المركز الإحصائي الإيراني لعام 2011م، يبلغ عدد سكان قرية مارد 16 شخصاً فقط (7 أسَر)، ويوجد بها 5 وحدات سكنية.[24]
وفي خطوة لتحسين جودة مياه نهر بهمنشير وزيادة جودة مياه الشرب في آبادان، تم في يوليو 2021م بناء سد ترابي على نهر كارون بالقرب من قرية مارد. بلغ طول السد 190 متراً، وعرض تاجه 11 متراً، وارتفاعه التقريبي 19 متراً. أدى بناء هذا السد إلى إغلاق نهر كارون وقطع اتصاله بالخليج الفارسي، مما فصل المياه المالحة عن العذبة، وحسّن بشكل كبير جودة المياه في آبادان.[25]
[1] بورجباري، بجمان، اطلس جغرافياي حماسي: خوزستان در جنگ (أطلس الجغرافيا الملحمية: خوزستان في الحرب)، ج 1، طهران، صرير، 1389 ش / 2010م، ص 41.
[2] المصدر نفسه، ص 195.
[3] شير محمد، محسن، چشمان عقاب: حماسه گردان 11 شناسايي تاكتيكي نيروي هوايي و عمليات عكسبرداري هوايي در دفاع مقدس (عيون العقاب: ملحمة الكتيبة 11 للاستطلاع التكتيكي للقوة الجوية وعمليات التصوير الجوي في الدفاع المقدس)، طهران، مرکز انتشارات راهبردی نهاجا (مركز نهاجا للمنشورات الإستراتيجية)،1396 ش / 2017م، ص 160.
[4] بني لوحي، السيد علي وآخرون، نبردهاي شرق كارون به روايت فرماندهان (معارك شرق كارون برواية القادة)، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ (مركز الدراسات والبحوث الحربية)، 1379 ش / 2000م، ص 54.
[5] سَروري، روح الله وأبو القاسم جاوداني، عمليات ثامن الأئمة (عملية ثامن الأئمة)، طهران، نشر آجا، 1390 ش / 2011م، ص 51.
[6] بورجباري، بجمان، المصدر نفسه، ص 41.
[7] حبيبي، أبو القاسم، «اطلس راهنماي-6: آبادان در جنگ (أطلس إرشادي-6: آبادان في الحرب)»، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ (مركز الدراسات والبحوث الحربية)، 1382 ش / 2003م، ص 75.
[8] بني لوحي، السيد علي وآخرون، المصدر نفسه، ص 54.
[9] صالح، إلهام، شكست محاصره در 9 ساعت (كسر الحصار في 9 ساعات)، مرکز مطالعات و تحقیقات فرهنگ و ادب پایداری، تاریخ شفاهی ایران،(مركز دراسات وبحوث ثقافة وأدب المقاومة، التاريخ الشفوي الإيراني)، 3 مهر 1397 ش / سبتمبر 2018م، www.ora-history.ir/print.php?id=8072.
[10] بني لوحي، السيد علي وآخرون، المصدر نفسه، ص 54.
[11] المصدر نفسه، ص 55.
[12] سليماني خواه، نعمت الله، اين سوي اروند جايي براي دشمن نيست (هنا لا مكان للعدو في هذا الجانب من أروند)، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1393 ش / 2014م، ص 405.
[13] صادقي کويا، نجات علي، دفاع از آبادان: دفاع از آبادان در سال اول جنگ تحميلي (الدفاع عن آبادان: الدفاع عن آبادان في العام الأول من الحرب المفروضة)، طهران، منشورات إيران سبز، 1391 ش / 2012م، ص 173؛ دروديان، محمد، تجزيه و تحليل جنگ ايران و عراق: بازيابي ثبات (تحليل حرب إيران والعراق: استعادة الاستقرار)، ج 2، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ (مركز الدراسات والبحوث الحربية)، 1378 ش / 1999م، ص 115.
[14] صادقي کويا، نجات علي، المصدر نفسه؛ صارمي، مجيد، تيپ 37 زرهي در عمليات ثامن الأئمه (اللواء 37 المدرع في عملية ثامن الأئمة)، طهران، منشورات إيران سبز، 1389 ش / 2010م، ص 31.
[15] حسيني، السيد يعقوب، نبردهاي منطقه خرمشهر و آبادان در سال اول جنگ تحميلي (معارك منطقة خرمشهر وآبادان في العام الأول من الحرب المفروضة)، طهران، منشورات إيران سبز، 1396 ش / 2017م، ص 370 و 371.
[16] "فتح تپههاي مُدن آبادان و نقش جهاد سازندگي در پيروزي عمليات" (تحرير تلال مُدُن آبادان ودور جهاد البناء في انتصار العملية)، وكالة أنباء الدفاع المقدس، 22 ارديبهشت 1394 ش / مايو 2015م، www.defapress.ir/fa/news/46344.
[17] بورجباري، بجمان، المصدر نفسه، ص 39.
[18] المصدر نفسه، ص 41.
[19] سروري، روح الله وأبو القاسم جاوداني، المصدر نفسه، ص 56.
[20] سليماني خواه، نعمت الله، المصدر نفسه، ص 473.
[21] بني لوحي، سيد علي وآخرون، المصدر نفسه، ص 176.
[22]جعفري، مجتبى، اطلس نبردهاي ماندگار (أطلس المعارك الخالدة)، ط35، طهران، سوره سبز، 1393 ش / 2014م، ص 64.
[23] سليماني خواه، نعمت الله، المصدر نفسه، ص 475 حتى 477.
[24] www.addressmap.ir/45234/
[25] "فرماندار: ساخت سد مارد كيفيت آب آبادان را افزايش داد (المحافظ: بناء سد مارد رفع جودة مياه آبادان)، وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية، 9 تير 1400 ش / يوليو 2021م، www.irna.ir/news/84389178/.
