التسلح

خشايار

إعداد: محسن شير محمد نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
5 دورہ

خشايار، أو بي تي آر-50 (BTR-50)، هي ناقلة جند مدرعة لعبت دوراً مهماً في نقل مجاهدي الإسلام خلال عمليات الإنزال البرمائية في فترة الدفاع المقدس

إن البي تي آر-50 (BTR-50) هي ناقلة جند مدرعة برمائية روسية الصنع (الاتحاد السوفيتي)، صُممت بناءً على الدبابة الخفيفة بي تي-76 (PT-76). وخلافاً لسلسلة ناقلات BTR الأخرى التي تستخدم العجلات، فإن BTR-50 هي ناقلة جند تستخدم الجنزير (Tracked).[1]

تتميز ناقلة الجند هذه بطول 7.7 متر، عرض 3.14 متر، وارتفاع 2.3 متر.[2] يبلغ وزنها حوالي 14.5 طناً مترياً، وتستمد طاقتها من محرك ديزل بقوة 240 حصاناً.

تم تصميم الناقلة بحيث يوضع المحرك في المؤخرة ومقصورة الجنود في الوسط، وهي قادرة على استيعاب ما يصل إلى 20 جندياً. أما درعها الفولاذي، فيتراوح سمكه بين 7 ملم (خلفاً) و 13 ملم (أماماً)، ويوفر حماية بسيطة ضد الأعيرة النارية من عيار 7.62 ملم والشظايا. إن تصميم الناقلة بهيكل أملس وشبيه بالقارب يمنحها قدرة عالية على سطح الماء.[3] وتُزود بمنافث دفع على جانبيها لتمكينها من الدوران والمناورة الفعالة في البيئة المائية. ويساهم ارتفاع بدنها العلوي بمقدار 15 إلى 20 سنتيمتراً في الحفاظ على استقرار BTR-50 أثناء الطفو في المياه غير المضطربة.[4]

تعتمد ناقلة BTR-50 على جهاز يُسمى "رداكتور"للتحرك في الماء. هذا الجهاز مُجهز بمروحتين؛ حيث تقوم كل مروحة بسحب الماء من قاع النهر عبر قناة خاصة، ثم دفعه بقوة من فتحات في مؤخرة الناقلة (BTR-50). تتيح هذه الآلية للناقلة التحرك على سطح الماء بسرعة قصوى تصل إلى 10.2 كيلومتر/ساعة.[5] السرعة القصوى لمركبة BTR-50 على اليابسة تبلغ نحو 45 كيلومتراً في الساعة. وهي مجهزة بناقل حركة يحوي أربعة غيارات أمامية بالإضافة إلى غيار واحد للرجوع إلى الخلف.[6]

استُخدمت ناقلة BTR-50 في حرب الأيام الستة (1967م) من قبل كل من مصر وسوريا ضد إسرائيل، واغتنم الكيان الصهيوني عدداً منها. كما استُخدمت مرة أخرى في حرب يوم الغفران (1973م) من قبل مصر وسوريا، إضافة إلى إسرائيل نفسها.[7] قبل الثورة الإيرانية، تم شراء ألف وحدة من ناقلات BTR-50 من الاتحاد السوفيتي مقابل مبيعات الغاز ووُضعت في خدمة الجيش الإيراني، حيث سُميت باسم "خشايار".[8] ورغم إجراء مناورة لـ "خشايار" في خوزستان قبل الثورة، إلا أن قادة الجيش وجدوا أنها غير فعالة وتم إخراجها من الخدمة لهذا السبب.[9]

لكن خلال الحرب المفروضة ضد العراق، وبدءاً من عام 1982م، تقرر في الحرس الثوري إعادة ترميم الناقلة خشايار لتلبية الحاجة إلى مركبات مدرعة، وتم تجديد واختبار ثلاثة نماذج منها بمحركات غربية الصنع.[10]

في عملية خيبر (فبراير/مارس 1984م)، كانت ناقلات "خشايار" (BTR-50) هي الوسيلة الوحيدة القادرة على نقل ثم ربط الجسور العائمة المعروفة بـ "خيبر". مثّلت هذه الناقلات ورقة رابحة للحرس الثوري، نظراً لقدرتها العالية على الحركة والمناورة في المناطق المستنقعية.[11]

وخلال معارك الفاو (1985م)، أثبتت ناقلات "خشايار" كفاءة عالية في البيئة المائية والبرية والمستنقعات.[12] تمثلت مهام سرايا "خشايار" في عملية والفجر 8، بعد العبور الناجح لأروند رود، في إسناد المجاهدين لمدة عشرين يوماً متتالياً. شمل ذلك: نقل القوات من الساحل الإيراني إلى الساحل العراقي (الفاو)، وحمل الأفراد والذخائر والمؤن، ونقل الجرحى من خطوط المواجهة إلى الخطوط الخلفية، ونقل جثامين الشهداء إلى موقع "معراج الشهداء" على ساحل شط العرب، ودعم سرايا الدبابات في خط المواجهة بمدينة الفاو.[13]

في عام 1985م، بدأت أعمال ترميم وإعادة تأهيل 1000 ناقلة "خشايار" في مختلف مصانع الصناعات الثقيلة في البلاد، بعد أن اشترت وزارة الحرس الثوري 1000 محرك من طراز "مايك" بتكلفة بلغت حوالي 10 ملايين دولار.[14] أثمرت هذه الجهود عن صيانة جهاز "خشايار" كل ثلاثة أيام.[15] إجمالاً، دخلت 744 ناقلة "خشايار" إلى الخدمة في التنظيم المدرع للحرس الثوري بين عامي 1983 و 1985م.[16]

كان شغل الشاغل لقيادة الحرس الثوري، خاصة بعد عملية رمضان، هو استخدام المركبات المدرعة لنقل القوات إلى خطوط الدفاع الثانية والثالثة للعدو بعد اختراق الخط الأول. إذ كان امتلاك الوحدات لناقلات مدرعة يمكّنها من إيصال القوات إلى خطوط العدو اللاحقة بسرعة، مما يمنع إرهاق العناصر بسبب المسيرات الطويلة. ولهذا السبب، تركزت جهود القيادة على استخدام "خشايار".

بدءاً من 26 ديسمبر 1986م، وُضعت خطة لنقل ناقلات "خشايار" من طهران إلى منطقة العمليات، وتركيب رشاشات الدوشكا عليها، وتصليحها وتأهيلها. كما بدأت المناورات لاختبارها في قناة سلمان (جنوب خوزستان)، مع الأخذ في الاعتبار استخدامها في نقل القوات ومهام الإسناد في تطهير الخطوط باستخدام رشاشات الدوشكا.[17] وتم تجهيز 150 ناقلة "خشايار" لعملية كربلاء 5.[18]

في عملية كربلاء 5، كان التركيز منصباً على عبور قناة "كانال ماهي"، والمضي قُدماً من الشمال إلى الجنوب، بهدف الوصول إلى خلف مواقع العدو وتحصيناته. ووُضِعَ استخدام ناقلات الجنود المدرعة من طراز "خشايار" في مقدمة خطة العمليات لنقل القوات عبر قناة "كانال ماهي"، (شمال البصرة)، وكذلك لتطهير خطوط العدو الأمامية.[19] ولتعزيز هذه القوة، أُضيفت إلى مدرعات الحرس الثوري الموجودة مسبقاً 136 ناقلة جند مدرعة أُرسلت من جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ووُظّفت جميعها في عملية كربلاء 5.[20]

تقرر في عملية كربلاء 5 (1986م) أن تسيطر القوات التابعة لمقر كربلاء على الجسور فوق "كانال ماهي"، ومنطقة پنج‌ضلعی (المضلع الخماسي)، وسواتر بُوبيان. تحقيقاً للهدف، كان عليهم أن يضعوا نقطة انطلاق من المنطقة التي غمرتها المياه قرب مخفر زيد، باتجاهين رئيسيين: أحدهما للمضلع الخماسي، والآخر نحو " كانال ماهي". كان عبور المنطقة المغمورة بالمياه يمثل تحدياً كبيراً بسبب تفاوت عمق المياه، الذي تراوح بين 20 سنتيمتراً كحد أدنى و مترين كحد أقصى. استلزم هذا مركبة لا تتأثر بهذا التباين في العمق. ولهذا السبب، تم الاستعانة بناقلات "خشايار" المدرعة، التي كانت مناسبة للتعامل مع التضاريس الوعرة الموجودة تحت الماء. مكنت هذه الناقلات القوات من الوصول سريعاً إلى المناطق الجافة للاشتباك مع العدو. وبواسطة "خشايار"، عبرت القوات المنطقة المغمورة، مما أدى إلى تأمين مسارات سمحت للوحدات بالحصول على الدعم اللوجستي خلال الـ 24 ساعة الأولى، قبل أن يتم فتح طرق الإمداد الخلفية.[21]

بعد انتهاء الحرب، استُخدمت ناقلات "خشايار" أيضاً في مجالات المنفعة العامة. فخلال فيضانات عام 2019م التي ضربت محافظة خوزستان، تم إنقاذ العديد من الأفراد العالقين في القرى المتضررة بمساعدة ناقلات "خشايار" المدرعة التابعة للواء المدرع "حضرت حجة (عج)" التابع للقوة البرية للحرس الثوري.[22]

 

[1]موقع إينما، "عبور کردن بی ـ تی ـ آر ـ 50 از خندق و موانع" (عبور BTR-50 من الخنادق والعوائق)، 1400 ش/ 2021م، https://enama.ir/videos/1162436.

[2] جعفري، فتح الله، چنانه- خودنگاشت فتح‌الله جعفری (جنانة - السيرة الذاتية لفتح الله جعفري)، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1402 ش/ 2023م، ص 444.

[3] موقع إينما، المصدر نفسه.

[4] موقع ميليتري، "نفربر خشایار" (ناقلة الجند خشايار)، 29 تير 1393 ش/ 20 يوليو 2014م، www.military.ir/forums/topic/2811.

[5] بلوري، محمد، تاکسی سرویسی برای فاو، طهران، سوره مهر، 1398 ش/ 2019م، ص 402.

[6] المصدر نفسه، ص 428.

[7] موقع ميليتري، المصدر نفسه.

[8] جعفري، فتح الله، ص 444.

[9] موقع فردانيوز،"ماجرای بازسازی 1000 نفربر 50 BTR در ایران" (قصة إعادة تأهيل 1000 ناقلة BTR-50 في إيران)، 1 آبان 1398 ش/ 23 أكتوبر 2019م، www.fardanews.com.

[10] جعفري، فتح الله، المصدر نفسه، ص 444.

[11] موقع فردا نيوز، المصدر نفسه.

[12] المصدر نفسه.

[13] بلوري، محمد، المصدر نفسه، ص 476.

[14] علائي، حسين، "بررسی نقش دولت جمهوری اسلامی ایران در جنگ تحمیلی عراق علیه ایران" (دراسة دور حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الحرب المفروضة)، فصلية مطالعات بین‌المللی، ع 64، بهار 1399 ش/ ربيع 2020م، ص 145.

[15] موقع ميليتري، المصدر نفسه.

[16] جعفري، فتح الله، المصدر نفسه، ص 444.

[17] عملیات کربلای پنج، عبور از بحران ناکامی در عملیات سرنوشت‌ساز" (عملية كربلاء 5، عبور من أزمة الفشل في العملية المصيرية)، منظمة وثائق الدفاع المقدس، www.defadocs.ir.

[18] علاميان، سعيد، برای تاریخ می‌گویم- خاطرات محسن رفیق‌دوست 1368-1357( أروي للتاريخ - مذكرات محسن رفيق دوست 1978-1989م)، طهران، سوره مهر، 1392 ش/ 2013م، ص 358 و 360.

[19] دروديان، محمد، سیری در جنگ ایران و عراق- فاو تا شلمچه(نظرة في الحرب الإيرانية العراقية - الفاو إلى الشلمجة)، ج 3، طهران، مركز دراسات وبحوث الحرب، 1378 ش/ 1999م، ص 131.

[20] عملیات کربلای پنج، عبور از بحران ناکامی در عملیات سرنوشت‌ساز (عملية كربلاء 5، عبور من أزمة الفشل في العملية المصيرية( المصدر نفسه.

[21] وكالة أنباء إيسنا، رمز الخبر: 97102211526، 22 دي 1397 ش/ 12 يناير 2019م.

[22] موقع نادي الصحفيين الشباب، رمز الخبر: 6895603، 23 فروردین 1398 ش/ 12 أبريل 2019م.