الأماكن

منصة النفط

محسن شیرمحمد
21 دورہ

خلال السنوات الثماني من الحرب المفروضة، كان أحد أهداف العراق الهجوم علی منصات النفط الإيرانية في الخليج الفارسي ومنع إنتاج النفط وتصديره، وهو ما لم ينجح بالطبع رغم الهجمات العديدة.

منصة النفط هي بناية بحرية ضخمة مزودة بمرافق مثل حفر آبار النفط واستخراجه وانتاجه. تُستخدم منصات النفط لتخزين النفط المستخرج مؤقتًا ريثما يُنقل إلى الشاطئ ومعالجته  في مصفاة. يمكن تثبيت منصات النفط في قاع البحر كجزيرة اصطناعية أو طفوها على سطح الماء[1]

تمتلك إيران 159 منصة بحرية، بما في ذلك 29 منصة استغلال كبيرة في منطقة بهرجان (حقول هندیجان، بهرجانسار، نوروز، سروش وماهشهر)، وخارك (حقول فوروزان، أبوذر، دورود، اسفنديار، آرش وفرزاد)، ومنطقة سيري (حقول الوند، اسفند، سيوند، دنا، نصرت، فارور A و B)، ومنطقة لافان (حقول رسالت، رشادت، سلمان، بلال وألفا)، ومنطقة قشم (حقول هنجام، هرمز A و B، D و F وتوسن)، ومنطقة كيش (حقل كيش الكبير للغاز). [2]

منصات النفط هی التابعة لشركة النفط البحرية الإيرانية. تأسست هذه الشركة أواسط سبتمبر 1980م بقرار و تصویت من مجلس الثورة، وبإلغاء عقود الشراكة مع الشركات متعددة الجنسيات المرتبطة بالنظام البهلوي، وبدأ تشغيلها بالتزامن مع بدء الحرب المفروضة من العراق على إيران. [3] 

مع اندلاع الحرب المفروضة، بدأ العراق بمهاجمة منشآت النفط الإيرانية. في البداية، كانت قدرة العراق على الهجوم في الخليج الفارسي محدودة، وبما أن البحرية العراقية لم تكن متطورة أو قوية، فقد اضطرت إلى استخدام قوتها الجوية لمهاجمة المنشآت النفطية الإيرانية. كما لم تكن بنية سلاح الجو العراقي ومعداته وصواريخه مناسبة لمهاجمة السفن ومحطات النفط، ولكن بنفس هذه الإمكانيات، كان الجيش العراقي يهاجم باستمرار المنشآت النفطية الإيرانية في الخليج الفارسي.[4] خلال سنوات 1980م إلى 1985م، تعرضت المنشآت النفطية في منطقتي بهرغان وخارك للهجوم أكثر من حقول النفط الإيرانية الأخرى.[5]

وتعرضت منصة انتاج نوروز (منطقة بهرجان في شمال الخليج الفارسي) ومنصات بئرها لقصف صواریخ عراقي أكثر من 10 مرات، ولحقت بها اضرار فادحة، وفي 19 فبراير 1982م تضررت المنصة بشكل كامل.[6]

ونتيجة لهذه الهجمات، فقدت نحو 9 ملايين برميل من النفط الخام بسبب حرائق الآبار؛ ونظرا لشدة الانفجارات، كان ما يقرب من 6 آلاف إلى 10 آلاف برميل من النفط يحترق يوميا على المنصتين 5 و9 وحدهما.[7]

وبالطبع، بفضل جهود موظفي وزارة النفط، تم إغلاق بئرين في حقل نوروز النفطي في 11 مارس 1982،[8] وخلال عملية السيطرة على حرائق البئرين، استشهد عدد من موظفي شركة النفط البحرية الإيرانية في هجمات العدو.[9]

الأيام الأولى من ربیع ١٩٨٣م، هاجم العراق آبار نوروز النفطية مجددًا، وامتد التسرب النفطي إلى سواحل الكويت والبحرين والإمارات ، إلا أن هذه الدول لم تتخذ موقفًا ضد الإجراء العراقي. [10]

هاجم العراق مجددًا منصتين نفطيتين في منطقة نوروز في ٢٤ يونيو ١٩٨٣م. تسبب الهجوم على بئر نوروز النفطية رقم ٣ في تسرب ألفي برميل نفط يوميًا إلى الخليج الفارسي، ولكن بفضل جهود ٣٠ عاملًا من مصفاة طهران، تم احتواء البئر بعد ٣ أشهر واثني عشر يومًا في أواخر سبتمبر ١٩٨٣م. [11]

كما تعرضت منصة بهرغانسر (منطقة بهرغان في شمال الخليج الفارسي) لهجمات جوية معادية أربع مرات خلال الحرب (1982، 1985، 1986، 1987م)، [12] وتضررت مرافقها السكنية والاستغلالية بنسبة 100%.[13]

کما تعرضت الهياكل العلوية لخمس منصات بحرية في هنديجان (منطقة بهرغان في شمال الخليج الفارسي) للهجوم بين عامي 1982م و1987م، مما أدى إلى إلحاق أضرار إجمالية بنسبة 20% بهذه المنصات.[14]

كما أصبحت مرافق الاستغلال والمنصة الرئيسية لآبار حقل سروش (منطقة بهرجان في شمال الخليج الفارسي)، التي كانت تقع على متن بارجة باسارجاد، غير صالحة للاستخدام بعد هجوم العدو في عام 1983م.[15]

کما تعرض حقل أبوذر النفطي (منطقة خارج) لهجمات عراقية متواصلة خلال سنوات الحرب المفروضة. في 24 اکتوبر 1985م،[16] هاجم العدو منصة أبوذر، مما أدى إلى اندلاع حريق وتدمير المنصات استراحت/الراحة  ومنصة 11 ؛ وفي هذه الحوادث، استشهد موظفان من الشركة وعدد من موظفي سفينة بدر. ونظرًا لكثرة الآبار في منصة أبوذر ووجود كميات كبيرة من الغاز، تم تأمين جميع آبار أبوذربحقن الأسمنت عام 1983، ولم تحدث أي حرائق خلال هجمات العدو باستثناء حالة واحدة تم احتواؤها علی الفور.[17]

مع استمرار الحرب، ازدادت القوة الجوية العراقية، وحصلت على مجموعة متنوعة من الأسلحة الحديثة لضرب منشآت النفط الإيرانية في الخليج الفارسي.

 استلام الطائرات والصواريخ الفرنسية أحدث تحولاً في قدرات القوة الجوية العراقية لشن هجمات على مراكز تصدير النفط الإيرانية.[18]

سنوات 1986 إلى 1988م، ومع توسع الحرب المفروضة إلى منطقتي لافان وسيري، تعرضت المنشآت البحرية في حقول رشادات ورسالت وسلمان وسيري أيضاً لهجمات من قبل العراق والبحرية الأميركية [19] في  14 و 18 نوفمبر1986م،[20] نتيجة هجوم الطائرات العراقية، تضررت أجزاء من هيكل منصة التشغيل رقم 1 سلمان (منطقة لاوان) واستشهد ثلاثة من موظفي المنصة. [21]

 وفي 16 أكتوبر1986م، تعرّضت منصة رشادات (منطقة لافان) لهجوم جوي عراقي، ما أدى إلى تضرر منصة الإنتاج ومرافق منصات الحفر وخطوط الأنابيب التابعة لها بشكل بالغ، وسقوطها في البحر. أثناء تأدية هذا الهجوم إستشهد اثنان من الموظفین، وفُقد شخص واحد. [22]

كما استُهدفت منشأة رسالات البحرية (منطقة لافان) بغارات جوية عراقية على مرحلتين في 13 يوليو و27 سبتمبر 1987م. في الهجوم الأول، اشتعلت النيران في عدد من آبار المنصة، وفي الهجوم الثاني، اشتعلت النيران في منصة الإنتاج بسبب الشظايا، مما جعلها غير صالحة للاستخدام تمامًا، ودُمرت منصة الحفر الموجودة عليها بالكامل. قام غواصون من شركة النفط البحرية الإيرانية بتأمين هذه البئر في أكتوبر 1987م، ومنعوا تسرب النفط منها.[23]

في 24 یولیو 1987م، اصطدمت ناقلة النفط «بريدجتون»، التي كانت تحت حماية الحاملات الأمريكية، بلغم بحري في الخليج الفارسي، ما أدى إلى تضررها. ردًا على هذا الحادث، في 18 أبريل 1988م، استهدفت البحرية الأمريكية منصتي النفط «نصر» و«سلمان» (منطقة لافان) في إيران. [24] ونتيجة لهذا الهجوم، دُمرت أجزاء مهمة من مجمع إنتاج النفط «سلمان» بالكامل.[25] تم تدمير المبنى السكني على منصة النصر، وتم قطع الإنتاج والتشغيل في حقول النصر بشكل كامل لمدة 37 يومًا. [26] في 15 و16 أكتوبر 1987م، استُهدفت ناقلتا نفط تحملان العلم الأمريكي بصواريخ «سيلك وورم» الإيرانية في ميناء الأحمدي بالكويت. [27] ردًا على هذه الهجمات، هاجمت الولايات المتحدة المنصتين R-7 وR-4 في حقل رشادات النفطي (منطقة لافان) بأربع سفن حربية في 19 أكتوبر 1987م. [28] بعد تحذير عمال المنصة، استولوا عليها وفجّروها. [29]

خلال ثماني سنوات من الدفاع المقدس، تعرضت منشآت النفط الإيرانية ومنصات الإنتاج في میاه الخليج الفارسي لأكثر من 3000 هجوم، واستشهد 48 موظفًا من شركة النفط البحرية الإيرانية، وأصبح 187 آخرون من قدامى المحاربين. [30] خلال الحرب وتسرب النفط الخام في الخليج الفارسي، هلك 38% من الحيوانات والكائنات الحية في الخليج الفارسي نتيجة الهجمات على آبار النفط وناقلات النفط الإيرانية. [31]

مع انتهاء الحرب المفروضة، بدأت إعادة بناء منصات النفط؛ بما في ذلك إعادة بناء آبار حقل سلمان عام ١٩٩١م، والتجديد والتحديث الكامل لمنصة مجمع سلمان البحري عام ١٩٩٢. [32] كما اكتملت إعادة بناء آبار حقل نصرت عام ١٩٩١م، وأُنجزت إعادة بناء وتجديد وتحديث منصة نصر في العام نفسه، ليصل الإنتاج إلى كامل طاقته. [33] كما بدأ إعادة بناء منصة الاستغلال وبدء الإنتاج المحدود من حقل بحرجانسر في 11  فبراير ١٩٩١م، بدأ ​​إنتاج بمتوسط ٣٠١٩ برميلًا يوميًا.[34]

بعد الحرب المفروضة، بدأ استغلال حقل بارس الجنوبي للغاز في الخليج الفارسي عام ١٩٩٨م. يُعدّ حقل بارس الجنوبي، الذي يحتوي على ٨٪ من إجمالي الغاز العالمي ونحو نصف احتياطيات الغاز في البلاد، أحد أكبر موارد الغاز في العالم، والتي يتم تقاسمها بين إيران وقطر. ولاستخراج الغاز من هذا الحقل، قامت إيران بتركيب ٣٦ منصة بحرية.[35]

في الوقت الحالي، تعمل 159 منصة بحرية إيرانية، بما في ذلك 29 منصة إنتاج كبيرة، في الخليج الفارسي.[36]

---------------

[1]. «سکوی نفتی جیست»(ما هي منصة النفط؟)، موقع سربوش الإخباري، https://www.sarpoosh.com/economy/economic-terms/oil-platform-32.html

[2]. «جايغاه ویجه شرکت نفت فلات قاره ایران در منطقه و جهان»(المكانة الخاصة لشركة النفط البحرية الإيرانية في المنطقة والعالم)، موقع شركة النفط البحرية الإيرانية، www.iooc.ir/Home/ProPages/8

[3]. سکوهاي اقتدار(منصات السلطة)، مجلة مشعل الأسبوعية، العدد 1072، ص 21.

[4]. حسين علائي، روند جنغ ايران و عراق (مسار الحرب العراقية الإيرانية)، المجلد 1، طهران، مرز و بوم، 2012، ص 639.

[5]. سکوهاي اقتدار(منصات السلطة)، ص 20-21.

[6]. نفسه.

[7]. نفسه، ص 21.

[8]. حسين علائي، نفسه، ص 592.

[9]. سکوهاي اقتدار(منصات السلطة)، ص 21.

[10]. علائي، حسين، نفسه، ص ٥٩٢.

[11]. علائي، حسين، نفسه، ص ٥٩٣.

[12]. صنعت نفت ايران بعد از بیروزی انقلاب اسلامی (صناعة النفط الإيرانية بعد انتصار الثورة الإسلامية)، طهران، روابط عمومی و ارشاد وزارت نفت، ربيع ١٩٨٠، ص ٢٧.

[13]. سکوهاي اقتدار(منصات السلطة)، ص ٢١.

[14]. نفسه، ص ٢١.

[15]. نفسه، ص ٢٢ و٢٣.

[16]. غلامي، براتعلي، بدافند هوايی: روزشمار دفاع مقدس (الدفاع الجوي: تقويم الدفاع المقدس)، المجلد ٢، طهران، انتشارات إيران سبز، ٢٠١٠م، ص ٤١٦.

[17]. سکوهاي اقتدار(منصات السلطة)، ص ٢٢ و٢٣.

[18]. علائي، حسين، نفسه، ص ٦٤٠.

[19]. سکوهاي اقتدار(منصات السلطة)، ص ٢٢ و٢٣.

[20]. غلامي، براتعلي، نفسه، ص ٥٠٥ و٥٠٧.

[21]. سکوهاي اقتدار(منصات السلطة)، ص ٢٢ و٢٣.

[22]. نفسه.

[23]. نفسه.

[24]. سکوهاي اقتدار(منصات السلطة)، ص ٢٢ و٢٣؛ شير محمد، محسن، بر فراز دریاها: نغاهی به تاریخ هوادریا و حماسه ... (ما وراء البحار: نظرة على تاريخ الطيران وملحمة ...، طهران، دفتر بجوهش‌هاي نظری و مطالعات راهبردی نداجا، 2021م، ص ٢٨١-٢٧٧.

[25]. سکوهاي اقتدار(منصات السلطة)، ص ٢٢ و٢٣.

[26]. نفسه، ص ٢٢ و٢٣.

[27]. أنصاري، مهدي ومحمود يزدانفام، روزشمار جنغ ايران و عراق- جنغ محدود ايران و آمریکا در خلیج‌ فارس (تقويم الیومی لحرب العراقية الإيرانية - الحرب الإيرانية الأمريكية المحدودة في الخليج الفارسي)، المجلد ٥١، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس سباه باسداران ، 2008م، ص ٣٠.

[28]. نفسه، ص ٤٧١ و٤٧٢.

[29]. كوردزمان، أنتوني وأبراهام فاغنر، درس‌هاي جنغ مدرن- جنغ ايران و عراق، ج2 (دروس الحرب الحديثة - الحرب العراقية الإيرانية، المجلد الثاني)، ترجمة حسين يكتا، طهران، نشر مرز و بوم ، 2011، ص 144 و145.

[30]. شرکت نفت فلات قاره ايران ۴۸ شهید تقدیم انقلاب و اسلام کرده است (شركة النفط البحرية الإيرانية تُكرّس 48 شهيدًا للثورة والإسلام)، أخبار خارك، 25/09/2019.

[31]. نافياس، مارتین إس. اي. آر. هوتن، جنغ نفت‌کش‌ها (حرب الناقلات)، ترجمة بيجمان بورجباري ورحمت قره، طهران، بنیاد حفظ آثار و نشر ارزش‌هاي دفاع مقدس، 2013، ص 14.

[32]. سکوهاي اقتدار(منصات السلطة)، ص 23 و24.

[33]. نفسه، ص 23 و24.

[34]. نفسه، ص 21.

[35] . تعمیرات اساسی ۲۰ سکوی غازی بارس جنوبی بايان یافت (اكتملت أعمال الإصلاحات الرئيسية لعشرين منصة غاز في حقل بارس الجنوبي)، وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، 7 نوفمبر 2023م؛ شركة مجمع بارس الجنوبي للغاز، www.vcmstudy.ir/group

[36]. جايغاه ویجه شرکت نفت فلات قاره ايران در منطقه و جهان (المكانة المتميزة لشركة النفط البحري الإيرانية في المنطقة والعالم)، موقع شركة النفط البحري الإيرانية، www.iooc.ir/Home/ProPages/8