التسلح
طائرة ميراج F-1
إعداد: محسن شيرمحمد
نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
4 دورہ
طائرة ميراج F-1 هي مقاتلة فرنسية خفيفة ومتعددة الأدوار، استخدمها الجيش العراقي البعثي بشكل مكثف في الحرب المفروضة على إيران.
ميراج (التي تعني لغوياً "السراب")[1] تُصنف كطائرة حديثة، وتتميز بالقدرة على الطيران المنخفض ومعدل صعود مرتفع جداً. تبلغ سرعتها 2.2 ماخ،[2] وتعتمد على محرك توربوجيت مزود بحارق خلفي، وتحمل مدفعين من عيار 30 ملم. في عمليات الاعتراض، تُزود عادةً بصاروخين ماجيك 550 الحراريين للاشتباك عن قرب، وبصاروخ سوبر 530 جو-جو (الموجه رادارياً) للاشتباك البعيد.[3]
بدأت إجراءات تزويد الجيش العراقي بهذه المقاتلة خلال زيارة صدام لفرنسا عام 1970م.[4] وفي عام 1975م، تم توقيع عقد شراء 72 طائرة بين البلدين.[5] بناءً على هذا الاتفاق، انطلق تدريب المجموعة الأولى من الطيارين والفنيين العراقيين في فرنسا بتاريخ 26 يونيو 1980م،[6] وبدأت عمليات تسليم طائرات ميراج الأولى للعراق في عام 1981م.[7] كانت الطائرات الموردة مطلية بألوان تمويهية تشمل الأخضر الرمادي والرملي المتقطع للجزء العلوي، والأزرق الرمادي للجزء السفلي.[8]
بسبب صعوبة الصيانة واللوجستيات لطائرات ميراج[9]، تم نشر فريق دعم فني من الشركة الفرنسية المنتجة في العراق في أكتوبر 1981م.[10] كما كان للمختصين الفرنسيين دور فعال في بناء ملاجئ خرسانية جديدة في القواعد العراقية لتوفير الحماية لهذه المقاتلات.[11] بمجرد دخولها المعارك، شاركت طائرات ميراج في الاشتباكات الجوية ونجحت في تحقيق إصابات؛ فقد استهدفت طائرة F-14 إيرانية في 18 نوفمبر 1981م، وطائرتين F-14 في 24 نوفمبر 1981م.[12] إلا أن الميراج تكبدت خسائر أيضاً في المعارك الجوية مع المقاتلات الإيرانية؛ ففي ديسمبر 1981م، تم إسقاط أول طائرة ميراج عراقية بواسطة طائرة F-14 إيرانية على بُعد 50 كم شرق الأهواز.[13]
في السنة الثانية للحرب، بدأ العراق بتشغيل طائرات ميراج في مهام الاستطلاع والتصوير بعد تزويدها بكاميرات خاصة.[14] ورغم أن ميراج كانت مخصصة بشكل أساسي لعمليات الاعتراض، قرر العراق توسيع دورها لتشمل مهام جو-أرض. ولهذا الغرض، أُجريت أول دورة تدريبية على القصف جو-أرض داخل العراق في الفترة من فبراير إلى يوليو 1983م في قاعدة صدام الجوية.[15] في هذه المهام ضد إيران، استُخدمت المقاتلات بقنابل AS-30 موجهة بالليزر فرنسية الصنع، وصواريخ X-29 الروسية الموجهة بالليزر، وثلاثة أنواع من القنابل العنقودية.[16] لاحقاً، استُخدمت الطائرات أيضاً لاستهداف الأهداف البحرية، حيث نُفّذ أول هجوم بحري بها في فبراير 1985م.[17] ومع تسليم فرنسا لخزانات الوقود القابلة للنقل التي تتيح التزود بالوقود من مقاتلة إلى أخرى، أصبحت طائرات ميراج العراقية قادرة على التزود بالوقود جواً على ارتفاع منخفض.[18] وقد مكّنتها هذه القدرة من شن غارات بعيدة المدى في الخليج الفارسي؛ ومن أبرز عملياتها: الهجوم على جزيرة خارك في أكتوبر 1986م، والهجوم على جزيرة لارك الإيرانية في ديسمبر 1986م،[19] والهجوم على محطة نيكا لتوليد الكهرباء في محافظة مازندران الإيرانية في أكتوبر 1987م.[20]
تواصلت غارات طائرات ميراج على المدن الإيرانية المكتظة بالسكان حتى مراحل الحرب المفروضة النهائية، مستهدفة بشكل مباشر المدنيين العزّل في مختلف المدن.[21] وفي المقابل، تمكنت القوات الجوية ومنظومات الدفاع الجوي الإيرانية من إسقاط 33 طائرة من طراز ميراج F1 خلال سنوات الدفاع المقدس الثماني.[22]
بعد قبول قرار مجلس الأمن رقم 598، شاركت طائرات ميراج في الهجوم العراقي المضاد على الحدود الإيرانية. كما قدمت هذه الطائرات، بالتعاون مع مقاتلات ميغ-23 العراقية، دعماً جوياً مكثفاً ومركزاً لقوات منظمة مجاهدي خلق (المنافقين) خلال هجومهم على غرب إيران، وذلك بهدف تأمين انسحاب ما تبقى من قواتهم إلى داخل الأراضي العراقية بعد هزيمتهم أمام القوات الإيرانية.[23]
وتشير التقارير إلى أنه خلال حرب الخليج الفارسي الأولى (1991م)، ونظراً للهجوم الذي شنته الولايات المتحدة وحلفاؤها على العراق، تم تحويل وإجلاء عدد من الطائرات العراقية، ومن ضمنها طائرات ميراج، إلى إيران للحفاظ عليها من التدمير.[24]
[1]زركر، عقيل، "سراب؛ داستان ميراژهاي عراقي"(السراب؛ قصة طائرات ميراج العراقية)، مجلة صنايع هوايي، ع 219، شهريور 1388 ش / سبتمبر 2009م، ص 99.
[2] كُردزمن، أنطوني وأبراهام واغنر، درسهاي جنگ مدرن ـ جنگ ايران و عراق (دروس الحرب الحديثة – الحرب الإيرانية-العراقية)، ج 2، ترجمه حسين يكتا، طهران، مرزوبوم، 1390 ش / 2011م، ص 403.
[3] المصدر نفسه، ص 404.
[4] ترابي، مجيد، "ميراژهاي عراقي در نبرد ـ بخش نخست"(طائرات الميراج العراقية في المعركة – الجزء الأول)، مجلة صنايع هوايي، ع 325، بهمن 1398 ش / فبراير 2020م، ص 3.
[5] المصدر نفسه، ص 5.
[6] ترابي، مجيد، "ميراژهاي عراقي در نبرد ـ بخش دوم"(طائرات الميراج العراقية في المعركة – الجزء الثاني)، مجلة صنايع هوايي، ع 326، اسفند 1398 ش / مارس 2020م، ص 8.
[7] ترابي، مجيد، "ميراژهاي عراقي در نبرد ـ بخش سوم(طائرات الميراج العراقية في المعركة – الجزء الثالث)، مجلة صنايع هوايي، ع 327، فروردين 1399 ش / أبريل 2020م، ص 42.
[8] المصدر نفسه، ص 43.
[9] المصدر نفسه .
[10] ترابي، مجيد، "ميراژهاي عراقي در نبرد ـ بخش چهارم(طائرات الميراج العراقية في المعركة – الجزء الرابع)، مجلة صنايع هوايي، ع 328، ارديبهشت 1399 ش / مايو 2020م، ص 33.
[11] زرگر، عقيل، المصدر نفسه، ص 13.
[12] ترابي، مجيد، "ميراژهاي عراقي در نبرد ـ بخش چهارم(طائرات الميراج العراقية في المعركة – الجزء الرابع)، ص 34.
[13] المصدر نفسه، ص 35
[14] وودز، كيفن إم. وآخرون، جنگ ايران و عراق از ديدگاه فرماندهان صدام (الحرب الإيرانية-العراقية من وجهة نظر قادة صدام)، ترجمه عبد الحميد حيدري، طهران، نشر مرزوبوم، 1393 ش / 2014م، ص 362.
[15] ترابي، مجيد، "ميراژهاي عراقي در نبرد ـ بخش ششم(طائرات الميراج العراقية في المعركة – الجزء السادس)، مجلة صنايع هوايي، ع 330، تير 1399 ش / يوليو 2020م، ص 19.
[16] كُردزمن، أنطوني وأبراهام واغنر، المصدر نفسه، ص 404.
[17] نافيا، مارتن س، جنگ نفتکشها (حرب الناقلات)، ترجمه بيجمان بورجباري ورحمت قره، طهران، مؤسسة حفظ آثار وقيم الدفاع المقدس، 1392 ش / 2013م، ص 209.
[18] ترابي، مجيد، "ميراژهاي عراقي در نبرد ـ بخش دوم(طائرات الميراج العراقية في المعركة – الجزء الثاني)، ص 66.
[19] المصدر نفسه، ص 7.
[20] المصدر نفسه.
[21] ترابي، مجيد، "ميراژهاي عراقي در نبرد ـ بخش چهارم(طائرات الميراج العراقية في المعركة – الجزء الرابع)، ص 16.
[22] المصدر نفسه، ص 16.
[23] المصدر نفسه.
[24] تقوائي، بابك، "فرار به سوي ايران(الفرار نحو إيران)، مجلة جنگافزار، ع 88، فروردين 1391 ش / أبريل 2012م، ص 4.
