المفاهيم والمصطلحات
الله أكبر
إعداد: السيد محمد سجادي هزاوة
نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
4 دورہ
أصبح "التكبير"، منذ فجر الإسلام وإلى يومنا هذا، في المعارك والتجمعات الإسلامية، بمثابة هتاف معنوي وبطولي. وفي سياق "الدفاع المقدس"، كان له دور في رفع معنويات القوات الصديقة وبث الرعب في صفوف العدو.
تعني عبارة "الله أكبر" أنَّ الله أعظم من أن يُوصَف،[1] وهي لغويًا تعني تعظيم الله وتمجيده. في صدر الإسلام، كان شعار التكبير سببًا في تقوية الروح المعنوية لقوات المسلمين وإضعاف معنويات الأعداء والكفار. كان للمسلمين منذ فجر الإسلام شعارات قوية ومميزة خاصة بهم عند مواجهة قوات العدو، تعمل على تمييز الصديق من غيره وتحطيم معنويات الخصوم في آن واحد، مثل شعارات: "أَمِتْ، أَمِتْ" (أي: أمِتِ العدو)، و"أحدٌ أحد"، و"الله أكبر".[2] وقد أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين بترديد التكبير في غزوة الخندق، وكبّر في معركة بني النضير، بل وكبّر أيضًا في ليلة زواج الإمام علي والسيدة فاطمة (عليهما السلام). وكذلك كان الإمام علي (عليه السلام) يكبّر غالبًا في القتال، فكان الناس يشاركونه الصدى ويرددون التكبير معه.[3]
انتشر هتاف التكبير على نطاق واسع في إيران خلال المراحل النهائية من عهد الشاه وعلى أعتاب نجاح الثورة الإسلامية.[4] ففي محرم 1357ش / 1978م، غطت هتافات "الله أكبر" التي أطلقها الشعب الإيراني من أعلى المنازل، خاصة أثناء الليل، جميع أنحاء البلاد. كان هذا التكتيك بمثابة طرح مبتكر في المواجهة ضد نظام البهلوي.[5]
أضحت تكبيرات ليالي محرم في تلك السنة مصدر رعب لحكومة الشاه؛ بل إن الشاه نفسه ظل يرتعد خوفًا حتى بعد لجوئه إلى المغرب، بمجرد سماعه صوت "الله أكبر" يصدح من مآذنها.[6] وفي كلمة الإمام الخميني التاريخية في بهشت زهراء بتاريخ 1 فبراير 1979، أُقرَّت صيحة التكبير كوسيلة لإظهار الانضمام والقبول لما يطرحه المتحدثون. ومنذ ذلك اليوم، باتت الجماهير تردد "الله أكبر" مرة أو ثلاث مرات لتأييد كلام أي خطيب.[7]
خلال فترة "الدفاع المقدس"، كان المجاهدون يرفعون من معنوياتهم القتالية عبر الشعارات الروحية مثل "الله أكبر"، والأناشيد الحماسية، والأعلام والرموز الدينية، إلى جانب المبادئ الاجتماعية والثقافية والتاريخية.[8] تُعد الروح المعنوية من أهم عوامل النصر في أي صراع أو حرب، كما أن الحفاظ على الانتصارات يتطلب الحفاظ على الروح الجماعية العالية في جبهات القتال والمجتمع على حد سواء. [9] في الحرب المفروضة، كان لـ "الله أكبر" الأثر ذاته على القوات الإيرانية، والأثر المعاكس تمامًا على العدو. كان ترديد التكبير من قِبل المجاهدين في فترة الدفاع المقدس إحدى أساليب الحرب النفسية الإيرانية؛ إذ كانت تحفز القوات الصديقة وتثير الرعب في نفوس جنود العدو، وتحرك دافعهم الديني، مما قد يؤدي إلى استسلامهم. كان مجاهدو إيران يكبّرون جماعيًا في بداية العديد من العمليات، أو لكسر طوق الحصار المعادي.
ومن التقاليد الشائعة بين المجاهدين أنهم كانوا يتبادلون الأخبار السارة عبر هتاف "الله أكبر".[10] وفي الذكرى السنوية الأولى للحرب المفروضة، انطلقت تكبيرات شاملة في جميع أنحاء البلاد في تمام الساعة 21:00 من يوم الجمعة 25 سبتمبر 1981م. تسبب هتاف "الله أكبر" الذي ردده الجنود في خط الجبهة الأول بالتزامن مع الشعب في جميع أنحاء إيران، في إثارة هلع العدو من احتمال شن هجوم مضاد، مما دفع الجيش العراقي إلى تكثيف إطلاق النيران في العديد من المناطق العملياتية.[11]
كذلك، بعد تحقيق الانتصارات في العمليات أو تحرير المدن، كان الناس يعلنون فرحتهم بالتكبير. فعلى سبيل المثال، في أعقاب انتصار المجاهدين المسلمين في جبهة البُسْتان وتحرير هذه المدينة، هتف الملايين من الإيرانيين بـ "الله أكبر" فوق أسطح منازلهم.[12] وبالمثل، بعد نجاح عملية "ثامن الأئمة(ع)"، عبّر سكان المدن المختلفة عن مشاعرهم تجاه هذا الانتصار بترديد "الله أكبر" من على أسطح المنازل.[13] كان التكبير يستهدف أحيانًا الوازع الديني أو الخلفية المذهبية للجنود العراقيين، فيُزلزل قلوبهم ويضطرهم إلى الاستسلام أو الفرار، ويفقدون بذلك قدرتهم على القتال. وفي بعض الأحيان، كان بعض الجنود العراقيين يسلمون أنفسهم للقوات الإيرانية بمجرد سماع صوت التكبير على الحدود.[14]
في ليالي العمليات، كان التأكيد على المجاهدين الإيرانيين هو ضرورة التزام الصمت التام حتى يصلوا إلى أسفل سواتر العدو، لكن يبدأون هجومهم على الساتر بالتكبير. إن صوت صيحة التكبير الذي ينبعث من أسفل أقدام العدو كان يبث الرعب والهلع في قلوبهم، وفي المقابل كان قوة قلب للمجاهدين الإيرانيين. على سبيل المثال، عند هجوم القوات العراقية على مرتفع 402 في سومار، كان العدو على وشك تحقيق النصر، ولم يتبق للقوات الإيرانية سوى عدد قليل. دخلت هذه القوة القليلة المعركة وهي تصرخ بـ "الله أكبر"، فما كان من العدو، بالرغم من تفوقه، إلا أن تراجع وهُزم عند سماع صوت التكبير. وتسببت صيحة التكبير في عودة القوات الصديقة المنسحبة إلى ساحة القتال، وإعادة تمركزها في المرتفع الاستراتيجي 402. ولقد أدلى كبار قادة الدفاع المقدس بتصريحات عديدة حول التكبير وتأثيراته.
يقول الشهيد حسن باقري، أحد قادة حرس الثورة الإسلامية، عن أثر الدفاع بالتكبير: في عملية بيت المقدس، تمكنت الدبابات العراقية من الوصول إلى السواتر الترابية. لقد كاد الأمر أن ينتهي لولا أن فكرة خطرت على بال القادة، وهي أن يصرخوا بـ "الله أكبر" على طول خط الجبهة. وبعد أن بدأ المجاهدون التكبير، تخلى طواقم وسائقو الدبابات العراقية التي كانت على الطريق عن دباباتهم وفروا. أما من كانوا خلفهم فقد فروا بدباباتهم، وتم صد الهجوم بفضل عون الله وذخيرة "الله أكبر".
وعن الفتح بالتكبير، يقول الشهيد إبراهيم همت، قائد فرقة 27 محمد رسول الله (ص) لحرس الثورة: وصلت قواتنا إلى مسافة 150 مترًا من العدو، وبدأت العملية فور بزوغ الفجر. لم يطل الأمر حتى سقطت جميع المرتفعات، فقد بث الإخوة بـ "الله أكبر" رعبًا في قلوب العدو لدرجة أن 200 شخص من البعثيين وقعوا في الأسر. قال أحد ضباطهم: عندما هاجمتمونا، كانت الجبال بأكملها تردد "الله أكبر"، ولو كنا نعلم أن عددكم قليل، لتمكنّا من أسركم جميعًا.
أما عن أثر التكبير في بث الهلع في قلوب العدو، فيقول الشهيد القائد قاسم سليماني: "الله أكبر" لدى القوات كانت تحمل صفة عسكرية وروحانية في آن واحد، وكانت في الواقع إعلانًا لعقيدتهم. في رأيي، إن عظمة هذه التكبيرات هي ما جعل العراقيين يسلمون أنفسهم. بعد النصر وأسر عدد كبير من الأعداء، نقلنا الأسرى إلى خلف الجبهة. في البداية، كنا نعتقد أن عدد العدو لا يتجاوز 100 شخص، لكن عندما وصلنا إلى مواقعهم، أدركنا أنهم كانوا عشرة أضعاف عددنا! كانوا يمتلكون كل شيء؛ أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة، بينما كانت قواتنا تملك أقل القليل من السلاح، ولكن بعون الله وباسم الله وبصيحة "الله أكبر"، وقع الرعب في قلوب الأعداء.[15]
شوهدت أيضًا أمثلة لترديد التكبير في الحركات السياسية لدول إسلامية أخرى؛ فعلى سبيل المثال، أطلق سكان كشمير في مسيرات عام1990م شعار "الله أكبر، الخميني القائد". كما يرفع الفلسطينيون صيحة: "الله أكبر، النصر للإسلام". وبين عامي1990م-2000م، كان نداء "الله أكبر" يُسمع بكثرة في شوارع كيب تاون بجنوب أفريقيا.[16]
لقد تم استخدام عبارة "الله أكبر" في أعلام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وجمهورية العراق، وأنصار الله في اليمن، وأفغانستان قبل حركة طالبان، كما أن علم منظمة التعاون الإسلامي مزين أيضًا بـ "الله أكبر". ومع ظهور تنظيم "داعش" على يد أجهزة استخبارات غربية، تحوّل التكبير إلى شعار دارج لهذه المجموعة الإرهابية. ونتيجة لذلك، اتفق مجاهدو جبهة المقاومة في سوريا، بقيادة الشهيد القائد قاسم سليماني، على استخدام شعار "لبيك يا زينب" بدلًا من التكبير عند الهجوم أو إعلان الأخبار أو النصر، وذلك لتجنب الخلط مع شعار داعش، ومنع وقوع اشتباكات خاطئة بين القوات الصديقة. وكسنَّة متبعة سنويًا، في أيام عشرة الفجر للثورة الإسلامية، وتحديدًا في مساء الحادي والعشرين من شهر بهمن / العاشر من فبراير كل عام، في تمام الساعة 21:00، ترتفع أصوات التكبير من مآذن المساجد، وأسطح المنازل، والحسينيات، وفي شوارع وأزقة المدن والقرى الإيرانية، لتجسد كلمة الوحدة.
1]محمدي الري شهري، محمد، دانشنامه عقاید اسلامي (موسوعة العقائد الإسلامية) / محمدي ري شهري، بمشاركة رضا برنجكار، ترجمه مهدي مهريزي، مؤسسة دارالحديث العلمية الثقافية، ج 5، معرفتشناسی (معرفة النفس)، ط 3، 1387ش/2008م، ص 167.
[2] مرادي، علي و آخرون، واکاوی فقهی و حقوقی عملیات روانی (تحليل فقهي وقانوني للعمليات النفسية)، مجلة پژوهشنامه حقوق اسلامي، السنة السابعة عشرة، ع1، المتسلسل 44، خريف وشتاء 1395ش/2016م، ص 153.
[3] حداد عادل، غلامعلي، موسوعة العالم الإسلامي، ج 8، مؤسسة دائرة المعارف الإسلامية، 1383ش/2004م، ص 20-22.
[4] روحاني، حسن، خاطرات حجتالاسلام والمسلمین دکتر حسن روحانی (مذكرات حجة الإسلام والمسلمين الدكتور حسن روحاني)، ج 1، مركز وثائق الثورة الإسلامية، 1388ش2009م، ص 484.
[5] اقدسي، مجيدرضا، انقلاب اسلامی ایران از دی 1356 تا بهمن 1357(الثورة الإسلامية الإيرانية من يناير 1978 - فبراير 1979)، مركز وثائق الثورة الإسلامية، ط 2، 1391ش/2012م، ص 137.
[6] حسينيان، روحالله، یک سال مبارزه برای سرنگونی رژیم شاه (بهمن 1356 تا بهمن 1357)، (عام من النضال لإسقاط نظام الشاه فبراير 1978 - فبراير 1979)، مركز وثائق الثورة الإسلامية، 1385ش/2006م، ص 562.
[7] «مقابلة مع الحاج محمود مرتضايي فر»، مجلة پاسدار إسلام، العدد المتسلسل 374، بهمن 1391ش/فبراير 2013م، ص 18.
[8] شهبازي، عزيزالله و روحالله شهابي، كاربرد شيوه اجراي عمليات رواني و نقش روحيه ملي كشور ...، (تطبيق أسلوب تنفيذ العمليات النفسية ودور الروح المعنوية الوطنية للبلاد…)، فصلية تحقيقات سياسي و بينالمللي دانشگاه آزاد اسلامي شهرضا، الدورة 3، العدد المتسلسل 9، اسفند 1390ش/مارس 2012م، ص 114.
[9] ستاري، محمد ومحمدحسين سيگارچيان، معرّفی چهار درونمایهی اصلیِ حاکم بر تصاویر مجموعه ...،(تقديم أربع سمات رئيسية تهيمن على صور المجموعة…)، مجلة هنرهای زیبا - هنرهای تجسمی، الدورة 24، العدد 3، خريف 1398ش/ 2019م، ص 93.
[10] هاشميان سيگارودي، سيدة نساء، گیل (جيل) مانا، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وأبحاث الدفاع المقدس)، 1399ش/ 2021م، ص 81-83.
[11] إيزدي، يدالله، روزشمار جنگ ایران و عراق: آزادسازي سرزمینهاي ایران؛ گام اول: عملیات ثامن الائمه(ع) (التقويم اليومي لحرب إيران والعراق: تحرير الأراضي الإيرانية؛ الخطوة الأولى: عملية ثامن الأئمة (ع))، ج 15، …، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وأبحاث الدفاع المقدس)، 1396ش/2018م، ص 859 و 913.
[12] لطفاللهزادگان، علي رضا، روزشمار جنگ ایران و عراق: آزادسازی سرزمینهای ایران؛ گام دوم: بستان (التقويم اليومي لحرب إيران والعراق: تحرير الأراضي الإيرانية؛ الخطوة الثانية: بستان)، ج 16، …، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وأبحاث الدفاع المقدس)، 394ش/2016م، ص 1139.
[13] إيزدي، يدالله، المصدر نفسه، ص 1085.
[14] دهقان، أحمد، گزارش روزانه جنگ (التقرير اليومي للحرب)، ج 5، النصف الثاني من عام 1361ش / 1983م، مؤسسة الشهيد حسن باقري للنشر، 1389ش/2010م، التقرير 114.
[15] سنگري، محمد رضا و مهدي عبد اللهي، عوامل معنوی و فرهنگی دفاع مقدس (العوامل المعنوية والثقافية للدفاع المقدس)، ج3، فرهنگ عاشورا - شباهتجویی به جنگهای صدر اسلام (ثقافة عاشوراء - التشابه مع حروب صدر الإسلام)، زمزم هدايت، 1386ش/ 2007م، تلخيص من ص 230-236.
[16] حاذق نيكرو، حميد، صدور انقلاب و حوزههای نفوذ فرهنگ انقلاب اسلامی در جهان (تصدير الثورة ومجالات نفوذ ثقافة الثورة الإسلامية في العالم)، فصلية 15 خرداد، العدد 26، شتاء 1389ش/2010م، ص 143 و 144.
