التسلح
طائرة سي-130 (C-130)
إعداد: محسن شیرمحمد
نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
11 دورہ
تُعد طائرة C-130 طائرة نقل أمريكية المنشأ. وخلال سنوات الدفاع المقدس، كان لها دور حيوي في إسناد العمليات اللوجستية والقيام بمهام النقل الجوي للقوات المسلحة الإيرانية.
طائرة C-130 هي نتاج شركة لوكهيد الأمريكية، وأكملت بنجاح أولى طلعاتها التجريبية في عام 1954م. تتميز هذه الطائرة بقدرتها على العمل في مدارج قصيرة ووعرة وترابية، وفي حال الإقلاع بحمولة قصوى من مدرج قصير، يمكنها الاستعانة بثمانية محركات JATO (أي: دفع إضافي) للمساعدة على الرفع.[1] تبلغ أبعادها 29.79 م طولاً، و40.41 م عرضاً، و11.66 م ارتفاعاً، وتصل سرعتها القصوى إلى حوالي 600 كم/ساعة، بمدى عمل يبلغ 7,800 كم[2] وسقف طيران أقصى قدره 33,000 قدم. صُممت الـ C-130 في طرازات متعددة لتنفيذ مهام واسعة تشمل: النقل التعبوي للقوات، والإخلاء الطبي، وعمليات البحث والإنقاذ. كما يُستغل بعض طرازاتها كمراكز قيادة جوية متقدمة وطائرات تزويد بالوقود جواً.[3] يبرز الطراز AC بقدرته النارية العالية، حيث يجهز بحزمة تسليح متنوعة تشمل مدفع عيار 105 ملم، و40 ملم، و20 ملم، ورشاش عيار 7.62 ملم.[4] تتطلب الطائرة 4 أفراد طاقم، وقادرة على حمل 92 جندياً بكامل تجهيزاتهم، أو 64 مظلياً، أو 73 مصاباً على نقالات مع ممرضتين.[5]
وصلت أولى طائرات C-130 إلى سلاح الجو الإيراني في يونيو 1963م، وتم تمركزها في قاعدة مهرآباد.[6] بينما تمركزت أعداد أخرى في قاعدة شيراز خلال العام نفسه.[7] تدريجياً، وحتى عام 1978م، كانت إيران قد اشترت ما مجموعه 50 طائرة C-130 من طرازي E و H.[8] بعد انتصار الثورة الإسلامية في فبراير 1979م، لعبت طائرات الـ C-130 دوراً في نقل الأفراد، الشحنات، والذخيرة لتقديم الإسناد اللوجستي للقوات العسكرية في أعقاب الأزمة التي اندلعت في كردستان.[9] وفي 22 سبتمبر 1980م، كانت قاعدة مهرآباد من أوائل المطارات التي تعرضت لعدوان جوي عراقي، ما أدى إلى تدمير طائرة C-130 واحدة.[10] ومع بدء العدو للاجتياح البري، كُرّست طائرات الـ C-130 لنقل القوات العسكرية إلى جبهات القتال.[11]
اعتمدت قاعدة النقل الجوي الأولى في مهرآباد وقاعدة النقل الجوي السابعة في شيراز على طائرات الـ C-130 لتنفيذ مختلف مهام النقل (نقل العسكريين، الشحنات، الذخائر، والمصابين) طوال فترة الحرب المفروضة.[12] كمثال، نقلت طائرات C-130 من قاعدة شيراز 1500 مجاهد من مشهد إلى خوزستان لدعم عملية بيت المقدس.[13] خلال هذه الفترة، نُفِّذت أيضاً مهام الاستطلاع الاستخباراتي باستخدام الطائرات المتخصصة EC-130، المعروفة باسم "الخفاش"، والتي كانت تنطلق من قاعدة مهرآباد للنقل الجوي الأولى.[14]
كان هذا النوع من التحليق يندرج تحت إطار النقل التكتيكي، حيث كانت طائرة C-130 مزودة بمنظومات تنصت بالغة الحساسية، تُحلِّق باستمرار في ظروف الأزمات على طول الخطوط الحدودية الغربية والجنوبية الغربية للبلاد، لتبلغ عن تحركات سلاح الجو المعادي باستخدام أنظمة التنصت الخاصة بها. من المهام الجوهرية لطائرة التنصت "الخفاش" هو إبلاغ الرادارات ومراكز التحكم بانطلاق طائرات العدو باتجاه الأراضي الإيرانية أو جبهات القتال؛ ويلي ذلك إصدار الأمر لإقلاع المقاتلات الاعتراضية والمطاردة والتدمير. وبهذه الطريقة، إما أن يتم إسقاط طائرة العدو، أو على الأقل تحييد مهمتها وإجبارها على الفرار.[15] فشلت محاولات العدو المتكررة في استهداف هذه الطائرة؛ ففي 30 نوفمبر 1981م، على سبيل المثال، هاجمت خمس مقاتلات معادية طائرة "الخفاش" في منطقة عمليات طريق القدس، وتقدمت إحداها برادار مطفأ حتى مسافة 25 ميلاً، لكن طائرة الـ C-130 تمكنت من الابتعاد عن المنطقة.[16]
في أعقاب تجميد عمل طائرات (الدورية البحرية) P-3F في يوليو 1985م، حلت طائرات C-130 محلها، واستمرت في تنفيذ عمليات الدوريات والاستطلاع الجوي البحري حتى أكتوبر 1986م.[17] وخلال مهام الدورية البحرية، كان أفراد كتيبة النقل التعبوي يتوجهون إلى بندر عباس في مهمات تستغرق أسبوعاً. كانت الطائرات تبدأ رحلتها صباحاً من المدخل الشمالي للخليج الفارسي وتغطي منطقة تمتد حتى جواتر (على الحدود الباكستانية في بحر عُمان) عند غروب الشمس. وخلال هذه الطلعات، كان يتم إرسال إحصائيات مفصلة عن السفن الداخلة والخارجة من الخليج الفارسي إلى المحطة الأرضية، وذلك عبر المراقبة البصرية والرادارية. كانت هذه الرحلات تستغرق حوالي 8 ساعات في المتوسط، وتوفر معلومات استخباراتية دقيقة حول السفن التي تحمل الأسلحة للعراق ليتم استهدافها لاحقاً وتدميرها بواسطة المقاتلات الإيرانية.[18]
شهدت فترة الدفاع المقدس عدة حوادث لطائرات C-130، كان أحدها البارز في خريف 1981م. ففي 29 سبتمبر 1981م، وبعد انتهاء عملية ثامن الأئمة (كسر حصار عبادان)، قرر قادة الجيش والحرس الثوري العودة معاً إلى طهران لتقديم تقرير انتصارهم إلى الإمام الخميني (قده). وعند وصول الطائرة إلى منطقة كهريزك، توقفت محركاتها الأربعة عن العمل بسبب انفجار في مقصورة الطائرة.[19] نجح الطيار في هبوط اضطراري بالطائرة التي كانت بلا محركات في جنح الظلام، لكن لعدم انغلاق عجلات الجانب الأيسر، ارتطمت جناح الطائرة بتل قناة مائية، واشتعلت النيران. نجا الطيارون والطاقم وعدد من الركاب، لكن بقية الركاب، وهم من كبار القادة العسكريين في البلاد، استشهدوا. كان من بين الشهداء: العميد ولي الله فلاحي (قائم مقام رئيس الأركان)، العقيد جواد فكوري (قائد القوات الجوية)، العقيد موسى نامجو (وزير الدفاع)، يوسف كلاه دوز (قائم مقام قائد الحرس الثوري)، ومحمد جهان آرا (قائد حرس خرمشهر). وقد أرجع الخبراء من القوات الجوية الإيرانية والباكستانية سبب الانفجار إلى ارتفاع شديد في الجهد الكهربائي الزائد في أنظمة الطائرة.[20]
في حادث مأساوي آخر، تحطمت طائرة نقل من طراز C-130 كانت متجهة من كرمنشاه إلى زاهدان في 2 نوفمبر 1986م، حيث اصطدمت بجبل بالقرب من مطار زاهدان بسبب خلل فني وتمزقت. أسفر الحادث عن استشهاد 91 فرداً من اللواء 88 المدرع.[21] بعد انتهاء فترة الدفاع المقدس، خضعت طائرات C-130 لبرنامج تطوير شامل داخل الصناعات الجوية الإيرانية، شمل تحديث إلكترونيات الطيران، والأجزاء الهيكلية، والأجنحة، والجسم، والمحركات. وأجرت الطائرة المُحدّثة أول رحلة ناجحة لها في 25 سبتمبر 2010م.[22]
حالياً، تقدم قاعدة مهرآباد الدعم لباقي القواعد الجوية في جميع أنحاء البلاد، وتُنفَّذ فيها عمليات الإصلاح الشامل (العمرة/الأوفرهول) لمختلف المقاتلات وطائرات النقل التابعة للقوة الجوية، ومن ضمنها طائرات C-130.[23] بينما تُجرى أعمال الإصلاحات الأساسية لهذا النوع من الطائرات في قاعدة شيراز.[24]
[1] نمازي، محمود وآخرون، هواپيماشناسي(علم الطائرات)، طهران، مطبعة القوة الجوية للجيش، 1371 ش / 1992م، ص 78.
[2] المصدر نفسه، ص 76.
[3] المصدر نفسه، ص 77.
[4] المصدر نفسه، ص 79.
[5] بابائي، محمدرضا، پرندههاي پولادين ايران، ج 2: هواپيماهاي شكاري و ترابري(طيور إيران الفولاذية، ج 2: المقاتلات وطائرات النقل)، طهران، منشورات سبز رايانگستر، 1394 ش / 2015م، ص 251.
[6] تحويل هواپيماهاي سي-130 به نيروي هوایی شاهنشاهي (تسليم طائرات C-130 للقوة الجوية الإمبراطورية)، مجلة نيروي هوايي، ع 213، تير 1342 ش / يوليو 1963م، ص 3.
[7] تاريخ نبردهاي هوايي دفاع مقدس، ج 3: عمليات كمان-99 موسوم به 140 فروندي و كسب برتري هوايي بر دشمن(تاريخ المعارك الجوية للدفاع المقدس، ج 3: عملية "كمان-99" المعروفة بـ 140 طائرة وكسب التفوق الجوي على العدو)، طهران، مركز انتشارات راهبردي نهاجا (مركز النشر الاستراتيجي للقوة الجوية)، 1396 ش / 2017م، ص 58.
[8] تاريخ نبردهاي هوايي، ج 1: تا آغاز تهاجم سراسري(تاريخ المعارك الجوية، ج 1: حتى بدء العدوان الشامل)، طهران، مركز انتشارات راهبردي نهاجا(مركز النشر الاستراتيجي للقوة الجوية)، ط 2، 1395 ش / 2016م، ص 72.
[9] المصدر نفسه، ص 174.
[10] هيئت تدوين تاريخ دفاع مقدس، تقويم مستند عملكرد نيروي الهي هوایی ارتش جمهوري اسلامي إيران، ج 3، مهر 1359(لجنة تدوين تاريخ الدفاع المقدس، التقويم الموثق لأداء القوة الجوية الإلهية لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ج 3، مهر 1359 ش)، طهران، مركز انتشارات راهبردي نهاجا(مركز النشر الاستراتيجي للقوة الجوية)، 1397 ش / 2018م، ص 110 و 10 و 12.
[11] تاريخ نبردهاي هوايي دفاع مقدس، ج 3، ص 201.
[12] تاريخ نبردهاي هوايي دفاع مقدس، ج 2: عمليات هوايي أولين پاسخ(تاريخ المعارك الجوية للدفاع المقدس، ج 2: العمليات الجوية للرد الأول)، طهران، مركز انتشارات راهبردي نهاجا(مركز النشر الاستراتيجي للقوة الجوية)، 1395 ش / 2016م، ص 16.
[13] آرياني، حامد، پرواز از فارس تا آسمان خليج فارس(الطيران من فارس إلى سماء الخليج الفارسي)، شهرية صف، ع 417، بهمن 1394 ش / فبراير 2016م، ص20.
[14] تاريخ نبردهاي هوايي دفاع مقدس، ج 2، ص 16.
[15] خليلي، حسين، نبردهاي هوايي إيران(المعارك الجوية لإيران)، طهران، منشورات إيران سبز، 1398 ش / 2019م، ص 339.
[16] حبيبي، نيكبخش و علي غلامي، دفاع مقدّس و قدرت هوايي(الدفاع المقدس والقوة الجوية)، طهران، مركز انتشارات راهبردي نهاجا(مركز النشر الاستراتيجي للقوة الجوية)، 1397 ش / 2018م، ص 331.
[17] غلامنژاد، جعفر، نيروهاي ارتشيان فارس در دفاع مقدس(قوات الجيش الفارسي في الدفاع المقدس)، شيراز، فرهنگستان أدب، 1400 ش / 2021م، ص 70.
[18] معما، محمد، «ترابري هوايي تاكتيكي گرهگشاي جبههها (النقل الجوي التكتيكي يحل عقد الجبهات)، شهرية صف، ع 359، مهر 1389 ش / أكتوبر 2010م، ص 98.
[19] قاضيميرسعيد، حکمت، چشمي در آسمان: يادمان أمير سرتيپ خلبان شهيد جواد فكوري (عين في السماء: ذكرى العميد الطيار الشهيد جواد فكوري)، طهران، منشورات عقيدتي سياسي الجيش، 1383 ش / 2004م، ص 165 و 167.
[20] المصدر نفسه، ص 179 و 183.
[21] جلوههاي اقتدار (مظاهر الاقتدار)، شهریة صف، ع 360، آبان 1389 ش / نوفمبر 2010م، ص 13.
[22] جلوههاي اقتدار (مظاهر الاقتدار)، شهریة صف، ع 360، آبان 1389 ش / نوفمبر 2010م، ص 13.
[23] «بر فراز اقتدار: گفتوگو با سرتيپ دوم محمد تسويهچي فرمانده پايگاه هوايي شهيد لشكري (فوق الاقتدار: حوار مع العميد الثاني محمد تسويهجي قائد قاعدة الشهيد لشكري الجوية)، شهریة صف، ع 384، بهمن 1391 ش / فبراير 2013م، ص 27.
[24] آرياني، حامد، المصدر نفسه، ص 21.
