العمليات

عملية خيبر

بقلم: لیلا آزاده نقله الی العربیة: سید محمود عربی
11 دورہ

عملیة خیبر هی أول عملیة برمائیة للقوات المسلحة الإیرانیة، تم التخطیط لها من قبل مقر خاتم الأنبیاء (9) فی القطاع الجنوبی-هور الحویزة، ونفذها مقرا کربلاء والنجف. وقد أرست هذه العملیة الأساس لعملیات لاحقة مثل بدر، والفجر 8، وکربلاء 5.

في أعقاب عملية رمضان، تم دراسة منطقتي فكة الرملية وهور المائية كساحة للمعركة ضد العدو، مما أدى إلى تنفيذ عملية الفجر التمهيدية وعملية خیبر فيهما على التوالي.[1] استهدفت عملية خیبر تدمير قوات الفيلق الثالث العراقي، وتأمين جزیرتي مجنون الشمالية والجنوبية. كما كان المخطط هو مواصلة الهجوم من الجزیرتین ومحور الطلائیة إلى النشوة، والالتقاء بقوات محور زید، بهدف الاستيلاء على المنطقة البرية شرق دجلة عبر هور، ومنع وصول التعزيزات إلى الفيلق الثالث العراقي من الشمال.[2]

تقع منطقة عمليات خيبر شرق نهر دجلة وداخل هور الهويزة. يحدها من الشمال العزير، ومن الجنوب القرنة-الطلائية، بالإضافة إلى محور في زيد. وتضم هذه المنطقة جزيرتي مجنون الشمالية والجنوبية، ومنشآت تشمل أبراج الكهرباء، وأبراج تقوية البث الإذاعي والتلفزيوني، ومصانع الورق، وآبار النفط.[3]

للبدء بالعملية، تم التخطيط لمحورين منفصلين: هور الهويزة وزيد.[4] يُعرف هور الهويزة أيضاً باسم هور العظيم، وهو عبارة عن مستنقعات تقع جنوب غرب مدينة الهويزة وتبعد 100 كيلومتر عن الأهواز.[5] أما زيد، فهي عبارة عن نقطة عسكرية تقع شمال منطقة شلمجة العامة، غرب طريق الأهواز-خرمشهر، وكانت من المحاور الرئيسية للهجوم العراقي الأولي وطريقاً حيوياً للوصول إلى طريق الأهواز-خرمشهر.[6]

في محور الهور، كُلّفت قيادة النجف (الحرس الثوري) بتنفيذ العملية، في حين كُلّفت قيادة كربلاء (الجيش) بالعملية في محور زيد. لكن العملية الرئيسية والفاصلة كانت ستجري في الهور، مع الإشارة إلى أن القيادة والسيطرة العامة على العملية كانت من مسؤولية قيادة خاتم الأنبياء.[7] في محور الهور، تم تحديد خمسة أهداف هي: العزير، والقرنة، وجزيرتا مجنون الشمالية والجنوبية، والنشوة، والطلائية. ولهذا الغرض، شكل الحرس الثوري قيادات فرعية لتنفيذ العملية وهي: النصر، والحديد، وحنين، والفتح، وبدر. أما في محور زيد، فقد استعدت للعملية وحدات الجيش الإيراني من الفرق 21 و77 و28 مشاة، والفرق 81 و16 و92 المدرعة، إضافة إلى وحدات الحرس الثوري المتمثلة في الفرقة 14 "الإمام الحسين (ع)"، والفرقة 7 "ولي العصر (عج)"، واللواء 72 المدرع "محرم"، وكلها كانت تعمل تحت إمرة قيادة كربلاء (الجيش).[8]

تمكنت القوات الإيرانية من دخول منطقة الهور قبل يوم واحد من بدء العملية، حيث تقدمت في الممرات المائية قدر الإمكان لتدمير الكمائن العراقية.  ابتدئت  العملية في تمام الساعة 21:30 يوم 22 فبراير 1984، تحت اسم "يا رسول الله (ص)"، وتم تنفيذها على ثلاث مراحل.

في المرحلة الأولى، تمكن المجاهدون من الانتشار في مضيق ومدينة القرنة، على طريق البصرة-العمارة الاستراتيجي، وفي جزيرتي مجنون. وفي هذه المرحلة، أعلنت العراق حالة الطوارئ في مدينة العمارة، وقامت بتجميع وإرسال قواتها إلى منطقة العمليات.[9]

في المرحلة الثانية، كان القرار هو التقدم من منطقة الجفير إلى الطلائية، ومن ثم إلى مدينة النشوة، لكن هذا لم يتحقق بسبب تحركات القوات العراقية.[10] كان العدو قد علم بالعملية في الطلائية، وبعد أن كشف أهدافها ومحاور الهجوم الرئيسية، حاول تطهير المنطقة المحيطة بطريق البصرة-العمارة، ثم ركز جهوده على الطلائية.

على الرغم من أن القوات الإيرانية سيطرت على محور طريق الطلائية لمسافة تصل إلى 6 كيلومترات، وأن لواءً عراقياً قد تم تدميره، إلا أن المساحة المحدودة للمناورة وكثافة النيران العراقية جعلت التقدم والالتحام مع محور جزر مجنون أمراً مستحيلاً، مما أدى إلى التخلي عن مواصلة العملية في الطلائية. وفقًا لذلك، نُفِّذَت المرحلة الثالثة من العملية بهدف تثبيت مواقع القوات الإيرانية في جزر مجنون.[11] كانت أقصر مسافة بين خط المواجهة الأمامي واليابسة في هذه العملية البرمائية تتجاوز 13 كيلومترًا، ولذلك لم يكن بالإمكان توفير الدعم البري. ولم تكن جهود الوحدة البحرية الحديثة التابعة للحرس الثوري (مقر نوح النبي)، التي تولَّت مسؤولية النقل في الأهوار وإسناد الوحدات العاملة التابعة لمقري كربلاء والنجف، وكذلك جهود القوات الجوية للجيش كافية لتلبية احتياجات القوات الصديقة.

من جهة أخرى، قصف العدو منطقة العمليات على نطاق واسع بقنابل كيميائية من نوع قنابل الكبريت وغاز الخردل المسبب للتقرحات، وغاز الأعصاب "تابون". ولهذه الأسباب، لم يكن بالإمكان تثبيت السيطرة على المنطقة بالكامل، واقتصر الأمر على تثبيت المواقع في جزر مجنون فقط.[12]

وقدمت القوات الجوية للجيش الدعم لهذه العملية من خلال 1300 ساعة طيران، وباستخدام 90 طائرة مروحية من مختلف الأنواع، نقلت 20,000 جندي مشاة، وحملت 200 طن من الذخائر والأسلحة الثقيلة والخفيفة، كما قامت بإخلاء 2,000 جريح وشهيد.[13]

وفي هذه العملية، أصيب قائد فرقة الإمام الحسين (7) التابعة للحرس الثوري، حسين خرازي، بشظية في خط المواجهة مما أدى إلى بتر ذراعه اليمنى. كما نال شرف الشهادة كل من: حاج محمد إبراهيم همت، قائد فرقة محمد رسول الله (9) 27، وأكبر زجاجي، النائب الأول لقائد الفرقة 27، وحميد باكري، نائب قائد فرقة عاشوراء 31.[14]

وخلال المراحل الثلاث لعملية خيبر، دُمرت 23 وحدة قتالية للعدو بنسبة تتراوح بين 20 و100 بالمائة، فيما سقط 16,140 جنديًا عراقيًا بين قتيل وجريح وأسير. وكان من بين الأسرى، بالإضافة إلى ضباط وضباط صف وجنود الجيش الشعبي العراقي، مجموعة من المرتزقة من مصر والسودان والمغرب والصومال. كما تم تدمير 330 دبابة وناقلة جنود، و6 طائرات، و9 مروحيات، و200 سيارة، وكمية كبيرة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة للعدو.[15]

وفي المقابل، غنمت القوات الإيرانية 40 دبابة وناقلة جنود، و20 سيارة، وعشرات من قطع مدفعية الدفاع الجوي، وبعض مستودعات الذخيرة، إلى جانب كميات من المعدات.[16] كما جرى تحرير 1180 كيلومترًا مربعًا من الأراضي، منها 1000 كيلومتر مربع من الأهوار، و140 كيلومترًا مربعًا من الجزر، و40 كيلومترًا مربعًا من منطقة "الطلائية"، ما أتاح الوصول إلى آبار النفط في المنطقة.[17]

وأما بالنسبة للخسائر الإيرانية في عملية خيبر، فقد استشهد 1,800 فرد وأصيب 15,000 آخرون. ونتيجة للهجمات الكيميائية، استشهد 40 شخصًا وأصيب 2,500. ودُمرت 3 مروحيات "شينوك" تابعة للقوات الجوية للجيش، واستشهد 33 مقاتلاً من قوات "البسيج" كانوا على متن إحدى هذه المروحيات بعد أن هاجمتها طائرة "ميغ" عراقية.[18]

تمّيزت عملية خيبر عن العمليات السابقة لإيران. حيث شكّلت بيئة الاشتباك، وتنظيم الوحدات المقاتلة، وتخطيط العملية، وأساليبها القتالية، مبادرة من قبل المجاهدين. فعلى سبيل المثال، ولإنجاز هذه العملية، تحوّلت وحدات المشاة التابعة للحرس الثوري في غضون شهرين إلى وحدات برمائية. وكانت كل من هذه الوحدات مجهزة بـ50 إلى 100 قارب، وقامت بتدريب أفرادها على كيفية التحكم في القوارب والتحرك فوق المسطحات المائية. ونظرًا لعدم تزويد المروحيات الإيرانية بأجهزة رؤية ليلية، أجرى طيارون من طيران الجيش، والقوات الجوية، والقوات البحرية تدريبات طيران ليلية في مستنقع "جافخوني".[19]

من الخصائص المميزة لعملية خيبر كان حشد 250 كتيبة من المقاتلين وتصميم العملية في سرية مطلقة.[20] إضافة إلى ذلك، كان استخدام جسر خيبر الذي يبلغ طوله 13 كيلومترًا وعرضه 4 أمتار ثمرةً لدراسات وتصميمات قام بها مركز أبحاث الهندسة الحربية في جهاد البناء، وجهود المهندسين في العملية، مما أسهم في تأمين جزر مجنون. كانت المركبات الخفيفة قادرة على العبور فوق هذا الجسر بسرعة 20 كيلومترًا في الساعة، وهو ما كان بالغ الأهمية لنقل الأفراد والذخيرة.[21]

لم يتم تحقيق الهدف الرئيسي لعملية خيبر، الذي كان قطع طريق البصرة-العمّارة، ولكن سيطر المجاهدون الإيرانيون على منطقة في مستنقع "الهور" بمساحة ألف كيلومتر مربع، إلى جانب جزيرتي مجنون الشمالية والجنوبية.[22]      

[1] رشيد، محسن، اطلس جنگ ایران و عراق، ط2، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، 1389ش، ص 72.

[2] جزائري، السيد مسعود، مجنون (مروری بر عملیات‌های خیبر و بدر)، قم، نسيم حياة، 1384ش، ص 34.

[3] مدیریت بهره‌‌دهی مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، عملیات خیبرـ تصرف جزایر مجنون (طراحی، اجرا، نتایج، بازتاب‌ها) (قسم إدارة الأداء بمركز دراسات وبحوث الحرب، كتاب: عملية خيبر - السيطرة على جزر مجنون (التخطيط، التنفيذ، النتائج، الانعكاسات)، ط2، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، 1387ش، ص 18 و 19.

[4] بورجباري، بيجمان، ، اطلس جغرافیای حماسی ـ  خوزستان در جنگ، طهران، صرير، 1389ش، ص 170.

[5] جزائري، السيد مسعود، المرجع نفسه، ص 27.

[6] وكالة أنباء ميزان أونلاين، https://www.mizanonline.ir/fa/news/144408.

[7] مدیریت بهره‌‌دهی مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، المرجع نفسه، ص 20 و 22.

[8] المرجع نفسه، ص 20 و 21 و 23.

[9] دروديان، محمد، سیری در جنگ ایران و عراق ـ خرمشهر تا فاو، ج 2، ط 5، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، 1378ش، ص 87.

[10] سلطاني، مرتضى، هوانیروز و حماسه بزرگ خیبر، طهران، سورة سبز، 1389ش، ص 28.

[11] حبيبي، أبو القاسم، اطلس خوزستان در جنگ ایران و عراق، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس، 1393ش، ص 192 و 194.

[12] رشيد، محسن، المرجع نفسه، ص 72 ؛ علائي، حسين، روند جنگ ایران و عراق، ج 2، طهران، مرز و بوم، 1391ش، ص 57 و 58 و 59.

[13] سلطاني، مرتضى، المرجع نفسه، ص 29 و 30.

[14] دروديان، محمد، المرجع نفسه، ص 88 و 89 و 90.

[15] حبيبي، أبو القاسم، کارنامه عملیات سپاهیان اسلام در هشت سال دفاع مقدس، ط 5، طهران، اداره روابط‌عمومی و انتشارات سپاه پاسداران (إدارة العلاقات العامة ومنشورات حرس الثورة)، 1383ش، ص 94.

[16] جعفري، مجتبى، اطلس نبرهای ماندگار، ط 35، طهران، سورة سبز، 1393ش، ص 96.

[17] مدیریت بهره‌‌دهی مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ، المرجع نفسه، ص 32.

[18] علائي، حسين، المرجع نفسه، ص 62.

[19] المرجع نفسه، ص 46 و 47.

[20] رشيد، محسن، المرجع نفسه، ص 72.

[21] بورجباري، بيجمان، المرجع نفسه، ص 180.

[22] علائي، حسين، المرجع نفسه، ص 59.