الأماكن

قاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات

محسن شیرمحمد
9 دورہ

كانت قاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات أحد المراكز الدفاعية لجنوب خوزستان و شمال الخليج الفارسی خلال فترة الدفاع المقدس. في عام 1965م (1344 هـ.ش)، تم إعداد خطة لإنشاء قاعدة جویة بهدف تأمين الدفاع الجوي للبلاد، و منع اختراق الطائرات المعادية و المهاجمة، إضافةً إلى تحقيق الأمن في منطقة الخليج الفارسي. و بعد الدراسات الأولية، تم إنشاء هذه القاعدة في الجهة الجنوبية من مدينة بوشهر و على مقربة من الساحل. و في عام 1970م (1349 هـ.ش)، و مع وصول الطائرات المقاتلة من طراز F-5، قاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات عملها كوحدة مقاتلة، ثمّ في عام 1976م (1355 هـ.ش) زادت قدراتها بدخول طائرات الفانتوم F-4 إلى الخدمة.[1]

في عام 1980م (1359هـ.ش)، كانت قاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات تضمّ خمسين طائرة فانتوم F-4 و تسعة و سبعين طياراً2[2] و كانت من المطارات التي استُهدفت من قِبل العراق في 22 سبتمبر 1980(31 شهریور1359ه.ش) إلاّ أنّ الأضرار اقتصرت على مدرج الإقلاع، الذي تمّت إعادة إصلاحه سريعاً.[3]

و بعد هذا الهجوم، أقلعت أربع طائرات فانتوم F-4 من القاعدة في الساعة الرابعة و  النصف مساءً من يوم 22 سبتمبر 1980، بقيادة المقدم الطيار «جهانگير ابن‌يمین» و بعد عبور نهر الأروند دخلت الأجواء العراقية و قصفت قاعدة الشعيبية في محافظة البصرة، ثم عادت بسلام إلى «بوشهر»[4] و في الأول من أكتوبر 1980، عاودت قاعدة بوشهر تنفيذ عملياتها، حيث أقلعت فی هذا الیوم ثلاثون طائرة فانتوم F-4 لقصف قاعدة «الشعيبية» الجوية، و المنشآت العسكرية في ميناء «الفاو» و كذلك قوات العدو في منطقة «شلَمچه».[5]

من أبرز عمليات قاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات خلال عام 1980م (1359 هـ.ش) كانت مواجهة القوات البحرية العراقية و قصف المنشآت في موانئ «البصرة» و «الفاو» و «أمّ القصر».[6]و من أهمّ الإجراءات التي قامت بها القاعدة في بداية الحرب كان قصف قوات العدو البرية في جنوب خوزستان، مما أدّى إلى إبطاء تقدّم العدو. و قد تمّ دعم القوات الإيرانية في تلك المنطقة تحت قيادة مقرّ «أروند» التابع للجيش الإيراني، و من أبرز العمليات في هذا السياق: عملية «كوي ذوالفقاری،» و قصف و تدمير الجسر العائم العراقي على نهر «بهمنشیر» و منع تقدّم القوات البرية العراقية نحو مدينة آبادان في 31 أکتوبر 1980م (9 آبان 1359 هـ.ش).[7]

كما كان لـقاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات دورٌ محوريّ في عملية «مرواريد» و تدمير القوات البحرية العراقية في ديسمبر 1980م (آذر 1359 هـ.ش) نُفِّذت العملية بشكلٍ مشترك بين القوات البحرية و القوات الجوية الإيرانية بهدف تدمير القطع البحرية القتالية العراقية و كذلك منصّتي النفط "البكر" و"العمية"، وذلك في  28 نوفمبر 1980م (7 آذر 1359 هـ.ش) و قد نفّذت القوات الجوية الإيرانية 67 طلعة جوية خلال هذه العملية، انطلقت أغلبها من قاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات.

و خلال عملية مرواريد، تمّ تدمير 11 قطعة بحرية قتالية و13 طائرة مقاتلة و مروحية واحدة تابعة للعدو. و قد تعرّضت القوات البحرية العراقية في هذه العملية لخسائر فادحة، بحيث لم تتمكّن حتى نهاية الحرب من أداء دور فعّال في الخليج الفارسي، كما توقّف تصدير النفط العراقي عملياً من منصّتي "البكر" و"العمية". و في أثناء العملية، تحطّمت طائرة فانتوم تابعة لـقاعدة بوشهر الجوية السادسة، و استُشهد الطيّاران اللذان كانا علی متنها.[8]

لعبت قاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات دورًا مهمًا أيضًا في سلسلة عمليات تحرير خوزستان. ففي عملية ثامن الأئمة و كسر حصار آبادان، تولّت القاعدة دور دعم القوات الإيرانية في منطقة شرق نهر كارون.[9]بلغت جهود قاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات ذروتها في 27 سبتمبر 1981م (5 مهر 1360 هـ.ش)، حيث أقلعت أربع طائرات فانتوم من بوشهر إلى أجواء منطقة «مارَد» في الأراضي المحتلة شرق «كارون»، و بالرغم من إطلاق صواريخ سام-2 و سام-3 المضادة للطائرات، تمكّنت الطائرات بنجاح من قصف مقر اللواء المدرع الثالث العراقي.[10]

كما شاركت القاعدة في عملية «طريق القدس»[11] و عملية «بيت المقدس» التي أدّت إلى تحرير مدينة خرمشهر.[12] خلال عملية بيت المقدس، تم إرسال عدد من طائرات فانتوم من قاعدة بندرعباس الجوية إلى بوشهر لتعزيز القدرات الجوية لقاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات. بلغت ذروة العمليات خلال 7 و10 و11 و16 و17 مايو 1982م (أيام 7، 10، 11، 16 و17 اردیبهشت 1361 هـ.ش) حيث تم قصف مواقع العدو بواسطة طائرات الفانتوم.[13]

و من بين الإجراءات الأخرى التي قامت بها القاعدة كانت الدفاع الجوي عن حقول النفط في شمال الخليج الفارسي، و مرافقة قوافل الناقلات النفطية و السفن التجارية إلى جزيرة «خارك» و ميناء «الإمام. و نظرًا للهجمات الجوية المتكررة على جزيرة خارك، و التي كانت تهدف إلى قطع صادرات النفط و الضغط على إيران، و بمبادرة «عباس بابائي» نائب العمليات في القوات الجوية آنذاك، تم في ديسمبر 1985م (آذر 1364 هـ.ش) نقل فوج من طائرات F-14 من أصفهان إلى بوشهر، لتصبح عمليات التصدي و الاستطلاع الجوي فوق مياه الخليج الفارسي لمرافقة الناقلات النفطية و السفن التجارية أكثر سرعة و دقة.[14]

خلال الحرب المفروضة، قامت طائرات قاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات بأداء ما مجموعه 10870 طلعة جوية قتالية، و استشهد 89 من عناصر القاعدة، كان 63 منهم طيارين.[15] من بين أبرز قادة قاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات خلال فترة الدفاع المقدس يمكن الإشارة إلى «مهدي دادپي»[16] و«علي رضا نمكي عراقي».[17]؛ و الآن يتولّى قيادة القاعدة اللواء الطيار «نعمت الله صدوقي.».[18]

و من الطيارين البارزين الذين خدموا في قاعدة بوشهر الجویة السادسة للمقاتلات، خلال الدفاع المقدس يمكن ذكر: عباس دوران، حسين خلعتبري، همایون شوقي، علي أمجدیان و حسن طالب مهر.[19]

و مع انتهاء الحرب، استمرت المهام العملياتية للقاعدة، و مع اكتمال محطة بوشهر النووية ازدادت أهمية القاعدة. أهمّ مهمة حالية للقاعدة هي الحفاظ على الجاهزية القتالية من خلال تنفيذ التدريبات و المناورات الموكلة إليها، بهدف حماية الأجواء في الخليج الفارسي و المراكز الاستراتيجية و الاقتصادية مثل المحطة النووية و مجالات النفط في خارك و عسلویه.[20]

و من بين الإجراءات التي قامت بها القاعدة بعد الحرب، إعادة بناء الطائرات المتضررة، والتي بدأت عام 2008م (1387 هـ.ش)، حتى أصبح عدد 13 طائرة فانتوم جاهزة للطيران مرة أخرى بحلول عام 2016م (1395 هـ.ش).[21]و منذ عام 2013م (1392 هـ.ش)، تم تفعيل فوج طائرات بدون طيار في قاعدة بوشهر الجوية السادسة للقيام بالمهام القتالية والاستطلاعية.[22]


[1] . آرياني، حامد، پایگاهی برای اولین پاسخ (قاعدة للرد الأول)، مجلة صف، العدد 429، فبراير 2017، ص. 21–22.

[2] . مجموعة المؤلفين، تاریخ نبردهای هوایی- تا آغاز تهاجم سراسری عراق (تاريخ المعارك الجوية حتی بدء الهجوم الشامل للعراق) المجلد 1، طهران، مركز النشر الاستراتيجي للقوات الجوية الإيرانية، 2014، ص. 391.

[3] . هيئة تأليف تاريخ الدفاع المقدس، تقویم مستند عملکرد نیروی الهی هوایی ارتش جمهوری اسلامی ایران، (تقويم الأداء الموثّق للقوات الجوية الإلهية للجيش الإيراني)، المجلد 3، سبتمبر–أكتوبر 1980، طهران، مركز النشر الاستراتيجي للقوات الجوية، 2018، ص. 15.

[4] . نفس المصدر، ص. 21–22.

[5] . نفس المصدر، ص. 78–79.

[6] . نمكي، علي رضا، نیروی هوایی در دفاع مقدس (القوات الجوية في الدفاع المقدس)، طهران، منشورات إيران سبز، 2010، ص. 162.

[7] . نفس المصدر، ص. 163–164.

[8] . مسبوق، محمد و علي رضا جواهري،عملية «مرواريد»، طهران، مركز النشر الاستراتيجي للقوات الجوية، ص. 185–186.

[9] . نمكي، علي رضا، نفس المصدر، ص. 178.

[10] . نفس المصدر، ص. 188.

[11] نفس المصدر، ص. 212.

[12]. آرياني، حامد، نفس المصدر، ص. 21–22.

[13] . نمكي، علي رضا، نفس المصدر، ص. 259–265.

[14] . آرياني، حامد، نفس المصدر، ص. 21–22.

[15] . نفس المصدر، ص 21–22.

[16] . نمكي عراقي، علي رضا و آخرون، تاريخ المعارك الجوية، المجلد 3، طهران، مركز النشر الاستراتيجي للقوات الجوية الإيرانية، 2017، ص. 57.

[17] . نمكي، علي رضا، نفس المصدر، ص. 6.

[18] . فرمانده پایگاه ششم شکاری شهید یاسینی بوشهر معارفه شد(تعيين قائد قاعدة بوشهر الجوية السادسة «الشهيد ياسيني»، وكالة مهر للأنباء، 14 يناير 2021، متاح على: www.mehrnews.com/news/5122206/

[19]. ياحسيني، سيد قاسم، پرواز روی خاک- خاطرات سرهنگ خلبان منوچهر شیرآقایی،(الطيران فوق الأرض – ذكريات العقيد الطيار منوچهر شيرآقايي،)طهران، سوره مهر، 2012، ص. 301.

[20] . آرياني، حامد، نفس المصدر، ص. 21–22.

[21]. نفس المصدر، ص. 27.

[22] . نفس المصدر، ص. 26.