التسلح

مضادات الطيران

إعداد: محسن شيرمحمد نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
8 دورہ

شاركت منظومات مضادات الطيران بشكل مكثف بين إيران والعراق طوال الحرب المفروضة التي امتدت ثماني سنوات، حيث استخدمها الطرفان في عمليات حماية المجال الجوي.

بشكل عام، يُعدُّ أي سلاح يُستخدم ضد أهداف طائرة، سواء كانت طائرات، مروحيات، صواريخ، أو طائرات مسيّرة، سلاحاً مضاداً للطائرات. وتشمل هذه الأسلحة كلاً من صواريخ أرض-جو والمدفعية المضادة للطائرات.

في فترة الدفاع المقدس، كان لدى إيران صواريخ موجهة من نوع أرض-جو مثل منظومات سي كات (Sea Cat) وتايجر كات (Tigercat) ورابير (Rapier) (بريطانية الصنع)، بالإضافة إلى منظومة هوك (HAWK) (أمريكية الصنع) [1]، وصواريخ سام-7 (SAM-7)[2] (سوفيتي الصنع) المعروف بستريلا - 2.

شكّلت منظومة الهوك الدفاعي، MIM-23 Hawk،[3] والتي تعرف محلياً في إيران باسم هاغ، أحد أبرز الأسلحة المستخدمة في الدفاع الجوي الإيراني، وشاركت بفعالية في مواجهة الغارات الجوية المعادية.[4] ففي عملية والفجر-8 وحدها (الاستيلاء على الفاو)، تم تدمير 72 طائرة عراقية باستخدام منظومة هاغ.[5]

بالرغم من فعاليتها، أظهرت منظومة هوك قصوراً في التعامل مع الارتفاعات العالية، ولم تستطع مجابهة طائرات مثل ميغ-25 التي كانت تحلّق على علو شاهق.[6] لذا، سعت إيران إلى تطوير قدراتها الدفاعية، وتلقت منظومة سام-2 المضادة للطائرات (سوفيتي الصنع) عبر ليبيا[7] في عام 1984م، ثم استكملت هذا النقص باستلام منظومة إتش كيو-2 (HQ-2) المضادة للطائرات صينية الصنع في عام 1986م.[8] ويُعتبر إسقاط طائرة ميغ-25 فوق أصفهان في 15 فبراير 1987م من أبرز العمليات التي نفذتها منظومة إتش كيو-2.[9]

في بداية فرض الحرب على إيران، اعتمد العراق بشكل رئيسي على صواريخ أرض-جو من طراز سام-2 وسام-3 وسام-6.[10] وقد تم نشر بطاريات صواريخ أرض-جو الثقيلة وشبه الثقيلة (منظومات سام) العراقية للتصدي لهجمات الطائرات التي تحلق على ارتفاعات متوسطة إلى عالية.[11] وفي عام 1981م، تسلم العراق أيضاً 30 وحدة إطلاق صواريخ كروتال (Crotale) من فرنسا.[12]

تندرج مدفعية الدفاع الجوي (مضادات الطيران) ضمن منظومات الدفاع الجوي قصير المدى، وهي فعالة للمسافات التي تقل عن أربعة كيلومترات. وتمثل المدافع المضادة للطائرات في الواقع حلقة الدفاع الجوي الأقرب والأخيرة حول الوحدات والمقار والنقاط اللوجستية.[13]

في عام 1968م، انضمت المدفعية المضادة للطائرات عيار 23 ملم (سوفيتي الصنع)[14] بمدى يصل إلى 2,500 متر،[15] ومدفع أورليكون (Oerlikon) المضاد للطائرات (سويسري الصنع)[16] بمدى 4,000 متر،[17] إلى منظومة الدفاع الجوي الإيراني في عام 1971م (1350 ش). تميز مدفع أورليكون عيار 35 ملم بارتفاع معدل رمي وسرعة عالية في الاشتباك مع الطائرات، ولكن رادارات هذه المنظومة كانت تفتقر إلى القدرة اللازمة، وكانت تستغرق وقتاً طويلاً لمحاذاة المدفع مع الرادار.[18]

في المقابل، كان المدفع عيار 23 ملم يمثل نظاماً خفيفاً وسهل الاستخدام، وتم توظيفه على نطاق واسع نظراً لبساطة تدريبه.[19] وفي عام 1968م، اشترت القوات البرية للجيش الإيراني[20] واستخدمت مدافع شيلكا (Shilka) الرادارية ذاتية الحركة عيار 57 ملم، بمدى 8,800 متر،[21] بالإضافة إلى المدافع عيار 23 ملم،[22] وكلاهما سوفيتي الصنع.[23]

قبل اندلاع الحرب المفروضة، كانت إيران تمتلك 900 مدفع عيار 23 ملم و240 مدفع عيار 35 ملم نشطة.[24] ومع بداية الدفاع المقدس، كان لدى الدفاع الجوي الإيراني 50 وحدة إطلاق من منظومة أورليكون (تتكون كل وحدة من مدفعين عيار 35 ملم وجهاز رادار) و300 مدفع عيار 23 ملم.[25] في المقابل، كان الجيش العراقي يمتلك 350 مدفعاً عيار 14.5 ملم، و350 مدفعاً عيار 23 ملم، و200 مدفع عيار 57 ملم في الخدمة.[26]

في 28 أكتوبر 1980م، تسلمت إيران أربعين مدفعاً عيار 23 ملم، وفي 25 نوفمبر 1980م، تسلمت مائتي مدفع عيار 14.5 ملم بمدى 1,400 متر[27] من كوريا الشمالية.[28] وقد استخدمت المدافع الرباعية عيار 14.5 ملم في البداية في القوات البرية للجيش والحرس الثوري، ثم دُمجت لاحقاً في وحدات الدفاع الجوي.[29] ومع اغتنام 135 مدفعاً مضاداً للطائرات خلال عمليات ثامن الأئمة، وطريق القدس، وفتح المبين، وبيت المقدس (في عامي 1981م و 1982م)، تم تشكيل وحدات الدفاع الجوي المستقلة والقتالية التابعة للحرس الثوري.[30]

في عملية بيت المقدس (تحرير خرمشهر)، ومنذ أوائل مايو 1982م، تم نشر 10 وحدات أورليكون، و24 مدفعاً عيار 35 ملم، و120 مدفعاً عيار 23 ملم، و22 مدفعاً عيار 14.5 ملم تابعة للقوة الجوية للجيش، إلى جانب وحدات الصواريخ المضادة للطائرات ومدافع القوات البرية عيار 23 ملم و 57 ملم، وذلك لتأمين التغطية على الارتفاعات المنخفضة فوق منطقة القتال.[31]

في عام 1983م، تم شراء 400 مدفع عيار 23 ملم من بلغاريا، ولكن بسبب نقص الكوادر البشرية، وخاصة ضباط الصف المشرفين على بطاريات المدفع عيار 23 ملم، تم توظيف جنود الخدمة الإلزامية كأطقم لتشغيل هذه المدافع.[32] وفي عام 1984م، تم تزويد المنظومة بـ 24 وحدة إطلاق من نظام سكايغارد (Skyguard) السويسري،[33] (تتضمن كل وحدة سكايغارد مدفعين عيار 35 ملم وجهاز رادار والأجهزة الملحقة).[34]

تمتع نظام سكايغارد، بمدى 4,000 متر،[35] بسرعة استجابة مناسبة في مواجهة الطائرات العراقية، ونجح في معالجة الضعف التقني الذي كان يعانيه المدفعان عيار 23 ملم و 35 ملم في التعامل مع السرعة العالية لطائرات العدو ومحدودية مجال الرؤية لديهما.[36] كما سجل سكايغارد نجاحاً في اعتراض صواريخ إكزوسيت العراقية التي استهدفت جزيرة خارك.[37] وتم نشر المدافع عيار 23 ملم المشتراة من بلغاريا في مختلف المواقع النفطية الهامة وآبار النفط التي كانت معرضة للتهديد الشديد. وفي مارس-أبريل 1984م، تم إرسال 120 مدفعاً عيار 23 ملم بالإضافة إلى 8 وحدات أورليكون إلى جزر الخليج الفارسي التي كانت تحت التهديد المكثف للطائرات العراقية.[38]

 

في النصف الثاني من عام 1984م، اعتمدت الطائرات العراقية تكتيك التحليق الصامت، مما تسبب في تأخير وصول المعلومات الاستخباراتية (الرادارية والاعتراض) إلى وحدات الدفاع الجوي. ولمعالجة خطر استهداف السفن وناقلات النفط على وجه الخصوص، لجأ الدفاع الجوي إلى نشر بعض المدافع عيار 23 و 35 ملم على ظهر السفن لتشكيل حماية فورية تمنع اقتراب الطائرات المعادية.[39]

وفي المقابل، استخدم الحرس الثوري الإيراني المدافع المضادة للطائرات عيار 23 ملم مركبة على القوارب كجزء من استراتيجية الردع في حرب الناقلات.[40]

في عام 1986م، تم نقل 22 نظام سكايغارد تابعة للقوات البرية، والتي كانت تُشغل مدافعها عيار 35 ملم في الجنوب بطريقة تقليدية وغير رادارية، إلى القوة الجوية لاستخدامها كمنظومات سكايغارد مكتملة بكافة ملحقاتها الرادارية.[41]

وبهدف إقامة دفاع جوي محكم حول جزيرة خارك، نُشرت 8 منظومات سكايغارد متكاملة مع معداتها الملحقة. وساهم هذا الإجراء، بالتعاون بين المدافع عيار 35 ملم و 23 ملم التابعة للدفاع الجوي للجيش والحرس الثوري، في إقامة حاجز ناري متكامل لحماية سماء الجزيرة بالكامل.[42]

كما توصلت القوات الإيرانية والعراقية على حد سواء خلال الحرب إلى استنتاج مفاده أن مدفعية الدفاع الجوي يمكن أن تستخدم بفعالية كسلاح ضد المشاة، مما أدى إلى حشد أعداد كبيرة منها في خطوط التماس الأمامية.[43]

في عام 1988م، تم توفير تغطية دفاع جوي لـ 645 مركزاً حيوياً في إيران، باستخدام معدات تراوحت بين 4 مدافع عيار 23 ملم وصولاً إلى 8 وحدات سكايغارد و40 مدفعاً من أنواع مختلفة، وذلك بحسب الأهمية الاستراتيجية لكل موقع.[44] وطوال سنوات الحرب المفروضة الثماني، نجح الحرس الثوري في اغتنام 446 مدفعاً من أنواع مضادة للطائرات؛[45] وبنهاية الحرب، امتلكت إيران ما مجموعه 2,800 مدفع مضاد للطائرات من مختلف الأنواع.[46]

أما العراق، ففي نهاية الحرب عام 1988م، وبعد تطوير دفاعه الجوي، امتلك على التوالي 120 و150 و25 منظومة إطلاق صواريخ من نوع سام-2 وسام-3 وسام-6، بالإضافة إلى 60 منصة إطلاق صواريخ رولاند (Roland).[47]

مع انتهاء الدفاع المقدس، بدأت جهود تصنيع أنواع مختلفة من المدافع والصواريخ المضادة للطائرات محلياً؛ فعلى سبيل المثال، تم تصنيع مدفع الدفاع الجوي مصباح-1 (Mesbah-1) في عام 2010م[48]، ومدفع سعير (Saeer) المضاد للطائرات في عام 2011م.[49] وتشمل الصواريخ الإيرانية التي صُنعت محلياً منظومات صياد (Sayyad) وباور 273 (Bavar 273) وطائر (Taa’er).[50]

 

[1] مجموعة أساتذة معارف الحرب، معارف جنگ(معارف الحرب)، طهران، منشورات إيران سبز، 1393 ش / 2014م، ص 362.

[2] أزغندي، علي رضا، روابط خارجي إيران 1357-1320 (العلاقات الخارجية الإيرانية 1941-1979م)، طهران، قومس، ط 1، 1376 ش / 1997م، ص 324.

[3] غلامي، براتعلي، پدافند هوايي- سير توسعه و تكميل، ج 1 (الدفاع الجوي - مسار التطور والتكامل، ج 1)، طهران، منشورات إيران سبز، 1399 ش / 2020م، ص 81.

[4] أصلاني، يعقوب، راكت و موشك‌هاي استراتژيك-موشك‌هاي سطح به هوا،)الصواريخ والقذائف الاستراتيجية - صواريخ سطح-جو)، ج 6، طهران، انتشارات سازمان عقيدتي سياسي ارتش (منشورات الهيئة العقائدية السياسية للجيش)، 1380 ش / 2001م، ص 33.

[5] زاهدي مطلق، إبراهيم، شليك به آسمان(إطلاق النار نحو السماء)، طهران، سوره مهر، 1396 ش / 2017م، ص 246.

[6] كُردزمن، أنطوني وأبراهام واغنر، درس‌هاي جنگ مدرن-جنگ إيران و عراق،(دروس الحرب الحديثة - حرب إيران والعراق)، ج 2 ترجمه حسين يکتا، نشر مرزوبوم، 1390 ش / 2011م، ص 383.

[7] أحمدي، محمدعلي، أطلس پدافند هوايي سپاه در دوران دفاع مقدس(أطلس الدفاع الجوي للحرس الثوري في فترة الدفاع المقدس)، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1400 ش / 2021م، ص 178.

[8] المصدر نفسه، ص 182 و 184.

[9] المصدر نفسه، ص190.

[10] كُردزمن، أنطوني وأبراهام واغنر، المصدر نفسه، ص 381.

[11] المصدر نفسه، ص 382.

[12] المصدر نفسه، ص 381.

[13] أسدي، هيبت‌الله، آتش توپخانه(نيران المدفعية)، طهران، منشورات دافوس أجا، 1394 ش / 2015م، ص 298.

[14] غلامي، براتعلي، المصدر نفسه، ص 44.

[15] نجفي راشد، محمد، توپخانه در عمليات‌هاي آفندي و مأموريت‌هاي ويژه(المدفعية في العمليات الهجومية والمهام الخاصة)، طهران، إيران سبز، 1397 ش / 2018م، ص 644.

[16] نجفي راشد، محمد، توپخانه در عمليات‌هاي آفندي و مأموريت‌هاي ويژه(المدفعية في العمليات الهجومية والمهام الخاصة)، طهران، إيران سبز، 1397 ش / 2018م، ص 644.

[17] أحمدي، محمدعلي، المصدر نفسه، ص 22.

[18] غلامي، براتعلي، المصدر نفسه، ص 50.

[19] المصدر نفسه، ص51.

[20] أسدي، هيبت‌الله، المصدر نفسه، ص 308.

[21] نجفي راشد، محمد، المصدر نفسه، ص 645 و 446.

[22] مجموعة أساتذة معارف الحرب، المصدر نفسه، ص 364.

[23] غلامي، براتعلي، المصدر نفسه، ص 44.

[24] أحمدي، محمدعلي، المصدر نفسه، ص 33.

[25] غلامي، براتعلي، المصدر نفسه، ص 81.

[26] أحمدي، محمدعلي، المصدر نفسه، ص 33.

[27] غلامي، براتعلي، المصدر نفسه، ص 121.

[28] نجفي راشد، محمد، المصدر نفسه، ص 448.

[29] مجموعة أساتذة معارف الحرب، المصدر نفسه، ص 362.

[30] أحمدي، محمدعلي، المصدر نفسه، ص 46.

[31] غلامي، براتعلي، المصدر نفسه، ص 123 و 124.

[32] المصدر نفسه، ص124.

[33] هان‌فر، رضا وأصغر محمدي فاتح، شناسايي دستاوردها و نوآوري‌هاي پدافند هوائي (تحديد إنجازات وابتكارات الدفاع الجوي)، فصلية مطالعات دفاع مقدس العلمية ، ع 19، خريف 1398 ش / 2019م، ص 128.

[34] غلامي، براتعلي، المصدر نفسه، ص 126.

[35] أحمدي، محمدعلي، المصدر نفسه، ص 22.

[36] جهان‌فر، رضا وأصغر محمدي فاتح، المصدر نفسه، ص 135.

[37] تفکيك وحدت‌آفرين(التفريق الموحد) شهرية صف، ع 369، شهريور 1390 ش / سبتمبر 2011م، ص 29. 

[38] غلامي، براتعلي، المصدر نفسه، ص 180.

[39] المصدر نفسه، ص183

[40] أحمدي، محمدعلي، المصدر نفسه، ص 60.

[41] المصدر نفسه، ص 387.

[42] المصدر نفسه، ص185

[43] المصدر نفسه، ص387

[44] غلامي، براتعلي، المصدر نفسه، ص 139.

[45] أحمدي، محمدعلي، المصدر نفسه، ص 328 و 329.

[46] كُردزمن، أنطوني وأبراهام واغنر، المصدر نفسه، ص 390.

[47] المصدر نفسه، ص381

[48] شکارچي إيراني موشك‌هاي دشمن را بشناسيد(تعرّف على الصياد الإيراني لصواريخ العدو)، موقع دنياي اقتصاد، 23 فبراير 2020م (4 اسفند 1398 ش).

[49] تصاوير | أنواع توپ هاي ضدهوائي إيراني(صور | أنواع المدافع الإيرانية المضادة للطائرات)، همشهري أونلاين، 13 يونيو 2021م (23 خرداد 1400 ش.)

[50] موشك‌هاي پدافندي إيران از مرزهاي إحصاري قدرت‌هاي مشهور جهان گذشتند(الصواريخ الدفاعية الإيرانية تجاوزت الحدود الحصرية للقوى العالمية المعروفة)، مشرق نيوز، 12 يوليو 2022م (21 تير 1401 ش.