الأماكن
القاعدة الجوية المقاتلة الرابعة
إعداد: محسن شيرمحمد
نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
21 دورہ
تقع القاعدة الجوية المقاتلة الرابعة (وحدتي) في شمال محافظة خوزستان وغرب مدينة دزفول. وكانت هذه القاعدة تُعدّ من أهم المراكز العسكرية في محافظة خوزستان خلال فترة "الدفاع المقدس" .
تعود جذور قاعدة وحدتي إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، حيث تم تأسيسها في دزفول كنقطة إسناد لوجستي لشحنات الإغاثة المُوجهة للاتحاد السوفييتي من جانب قوات الحلفاء. بعد خروج الحلفاء، أُلحقت المنشأة بالجيش الإيراني. شهد عام 1956م التخطيط لتطوير الموقع إلى قاعدة جوية، واكتملت أجزاؤها الرئيسية بعد عامين، حيث هبطت فيها أول دفعة من الطائرات النفاثة التابعة لسلاح الجو الإيراني في 26 نوفمبر 1959م. وقد أُنجز بناء القاعدة وتسليمها النهائي لسلاح الجو بعد عامين.[1]
أُطلق اسم "وحدتي" على قاعدة دزفول رسمياً في فبراير 1961م، تخليداً لذكرى طيارين شقيقين من القوات الجوية فقدا حياتهما في حادثين.[2] استُضيفت في القاعدة في المراحل الأولى مقاتلات F-84، تلتها مقاتلات F-86.[3] بدأت القاعدة في التحديث عام 1968م باستلام طائرات F-5 الأكثر تقدماً لاستبدال طائرات F-86. وتم استكمال تسليم كامل أسطول F-5 المخصص للقاعدة في يناير 1971م.[4] أعادت القوات الجوية تصنيف القاعدة في عام 1971م باسمها الحالي: "قاعدة وحدتي الجوية المقاتلة الرابعة"، وذلك في إطار الهيكلة الجديدة لشبكة القواعد الوطنية.[5]
في سبتمبر 1980م، كانت قاعدة وحدتي الجوية تضم 76 مقاتلة من طراز F-5 و63 طياراً.[6] لعبت هذه القاعدة دوراً حاسماً في مواجهة العدو مع بداية الهجوم العراقي. بدأت العمليات المضادة للعدوان منذ سبتمبر 1980م في أعقاب الانتهاكات الحدودية العراقية. في 18 سبتمبر 1980م، استشهد الطيار محمد زارع نعمتي بعد اشتباك جوي مع القوات العراقية على خلفية تجاوزات العدو في المنطقة الحدودية الجنوبية لفكة، حيث أُسقطت طائرته. في اليوم نفسه، أُسر الطيار حسين لشگري بعد اشتباك جوي مماثل في مواجهة التجاوزات الحدودية العراقية بالقرب من مهران في منطقة تحت سيطرة العدو، بعد أن اُستهدفت طائرته. أُطلق سراحه بعد 18 عاماً من الأسر.[7]
في 23 سبتمبر 1980م، نفّذت إيران أول رد عسكري واسع النطاق عبر عملية "البرز"، التي عُرفت بـ (كمان 99). شملت العملية 343 طلعة جوية، منها 217 مهمة عبور حدود، و128 طلعة لمهام دوريات ومراقبة مسلحة، وإسناد جوي قريب، وتصوير جوي. كان نصيب قاعدة وحدتي من هذه العملية 55 طلعة لمهام عابرة للحدود.[8]
في بداية الحرب، ركز القادة والمهندسون القتاليون في القوات الجوية الإيرانية جهودهم الجوية الأكبر في منطقة دزفول، بالاعتماد على قاعدة وحدتي، لإرباك الوحدات البرية للعدو وشل حركتها في شمال خوزستان، وقصف تمركزات الجيش البعثي غرب نهر الكرخة. تسببت هذه العمليات بأثمان باهظة على القوات الجوية، إذ فقدت 5 طائرات F-5 واستُشهد 5 طيارين. خلال هذه المرحلة التي دامت نحو أربعين يوماً، حاولت القوات العراقية ذات الأعداد الكبيرة مراراً اختراق المنطقة لعبور جسر نادر ونهر الكرخة، وكان هدفها إطباق الحصار على خوزستان باحتلال شوش وأنديمشك ودزفول، الأمر الذي كان سيقطع شريان الإمداد عن المحافظة. لهذا، أُعطيت هذه المنطقة أولوية الدفاع الأولى للقوات الإيرانية.[9] انطلاقاً من هذه الأهمية، قصف الطيارون مواقع العدو مراراً، لمنع أي محاولة للعبور. في الوقت نفسه، كانت القاعدة المقاتلة الرابعة نفسها تحت تهديد مستمر من القصف الجوي، ونيران المدفعية، والصواريخ أرض-أرض. أتاح القرب الشديد لقاعدة وحدتي من خطوط المواجهة للطائرات المقاتلة أن تصل إلى أهدافها في دقائق معدودة.[10] تكللت هذه التضحيات بنجاح حاسم تمثل في إجبار القوات الغازية على التوقف وشل حركتها في شمال خوزستان بحلول 31 أكتوبر.[11]
مع استمرار الحرب، تزايد الدور النشط لقاعدة وحدتي في الإسناد الجوي لقوات التحرير البرية في خوزستان. على سبيل المثال، شاركت القاعدة بنشاط ملحوظ في العمليات الكبرى وهي: عملية "ثامن الأئمة" (کسر حصار آبادان في أكتوبر 1981م): شاركت القاعدة بكتيبتي مقاتلات (الـ 41 والـ 42). وفي عملية "طريق القدس" (تحرير البُستان والمناطق الغربية من خوزستان في ديسمبر 1981م) والتي شاركت القاعدة بسرب من المقاتلات الاعتراضية ومجموعة قاذفة قنابل من طراز F-5. وفي عملية "بيت المقدس" (تحرير الخرمشهر والجزء الجنوبي الغربي من خوزستان في مايو ويونيو 1982م) والتي شاركت القاعدة بطائرات F-5 التابعة للكتيبة 41.[12]
تحملت قاعدة وحدتي العبء الأكبر من الخسائر في الطائرات خلال الحرب، إذ بلغ معدل تلف طائراتها 65%، وقدمت العدد الأكبر من الشهداء الطيارين.[13]من بين الشهداء البارزين في قاعدة وحدتي خلال "الدفاع المقدس": تورج يوسف، السيد شهاب الدين الطباطبائي، فيروز شيخ حسني، غلام حسين عروجي، جنگيز سپهر، نصر الله أصيل أدب، حسين بهرام، هادي جوريكي، منصور ناظريان، محمد علي فرزين، حميد فضيلت، محمد زارع نعمتي، كامبخش ضيائي، حسين مُقيمي، جهان بخش منصوري، مصطفى مرتضائي، فتح علي غلام رضائي، وأصغر صدري نوشاد.[14]
كما كان مستشفى قاعدة وحدتي نشطاً في علاج جرحى القوات المسلحة وتسهيل نقلهم إلى مراكز علاج أخرى. عالج المستشفى 19 ألف مصاب خلال الفترة من 22 سبتمبر 1980م حتى نهاية الحرب.[15]
تعاقب على قيادة القاعدة أثناء الحرب القادة: محمد رضا تابش فرد، عباس عابدين، علي کيلاني، علي رضواني، السيد إسماعيل الموسوي، وحبيب بقائي (حتى انتهاء الحرب). ويشغل حالياً رتبة عميد ثانٍ طيار جواد ولدي منصب قائد القاعدة.[16]
بعد نهاية الحرب المفروضة، واصلت قاعدة وحدتي مهامها، وتصدرت إعادة بناء وتحديث معداتها قائمة الأولويات. في مشروع "آذرخش" (تحديث وتطوير مقاتلات F-5)، تم تجديد ورفع كفاءة عدد من طائرات F-5 المقاتلة. تُعدّ وحدتي اليوم أهم قاعدة جوية في محافظة خوزستان، حيث تضم ثلاث كتائب تكتيكية وتدريبية من مقاتلات F-5.[17] ومنذ عام 2002م، تستضيف القاعدة معرض "راهيان نور" الجوي خلال عطلة النوروز، والذي يعرض أنواع الطائرات والمروحيات والمعدات الجوية، مصحوباً بطلعات استعراضية لمقاتلات F-5.[18]
[1] نمكي، علي رضا وحسين خليلي، تاریخ نبردهای هوایی دفاع مقدس ـ جنگ با تانکها (تاريخ المعارك الجوية للدفاع المقدس ـ الحرب مع الدبابات)، ج 5، طهران، مرکز انتشارات راهبردی نهاجا (مركز النشر الاستراتيجي لنهاجا)، 1396ش/2017 م، ص 31 و 32.
[2] طلوعي، مرتضى، تاریخ نیروی هوایی شاهنشاهی ـ از افسانه تا حقیقت (تاريخ القوات الجوية الشاهنشاهية ـ من الأسطورة إلى الحقيقة)، طهران، مقر قيادة القوات الجوية، 1355ش/ 1976م، ص 52.
[3] نمكي، علي رضا وحسين خليلي، المصدر نفسه، ص 32.
[4] دهباشي، حسين، فرماندهی و نافرمانی ـ خاطرات سپهبد خلبان شاپور آذربرزین (القيادة والعصيان ـ مذكرات الفريق الطيار شابور آذربُرزين)، طهران، منظمة الوثائق والمكتبة الوطنية الإيرانية، 1393ش 2014م، ص 37 و 38.
[5] نمكي، علي رضا وحسين خليلي، المصدر نفسه، ص 32.
[6] مجموعة مؤلفي تاريخ الدفاع المقدس الجوي، تاریخ نبردهای هوایی (تاريخ المعارك الجوية)، مجلد 1، ص 391.
[7] شيرمحمد، محسن، پایداری وحدتی، تاریخ پایگاه چهارم شکاری دزفول (صمود وحدتي، تاريخ القاعدة المقاتلة الرابعة دزفول)، ج 1، طهران، مرکز انتشارات راهبردی نهاجا (مركز النشر الاستراتيجي لنهاجا)، 1401ش/ 2022م، ص 105–110؛ مجموعة مؤلفي تاريخ الدفاع المقدس الجوي، تاریخ نبردهای هوایی (تاريخ المعارك الجوية)، ج 1، طهران، مرکز مطالعات راهبردی نهاجا (مركز الدراسات الاستراتيجية لنهاجا)، 1393ش/2014م، ص 312 إلى 318.
[8] هيئة تدوين تاريخ الدفاع المقدس، تقویم مستند عملکرد نیروی الهی هوایی ارتش جمهوری اسلامی ایران (التقويم الموثق لأداء القوات الجوية لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية)، مهر 1359ش /أكتوبر 1980م، مجلد 3، طهران، مرکز انتشارات راهبردی نهاجا (مركز النشر الاستراتيجي لنهاجا)، 1397ش/ 2018م، ص 63.
[9] شيرمحمد، محسن، المصدر نفسه، ص 14 و 15؛ نمكي، علي رضا، نیروی هوایی در دفاع مقدس (القوات الجوية في الدفاع المقدس)، طهران، إيران سَبز، 1389ش/ 2010م، ص 161.
[10] شيرمحمد، محسن، المصدر نفسه، ص 14 و 15.
[11] المصدر نفسه، ص 15.
[12] نمكي، علي رضا، المصدر نفسه، ص 177، 178، 212 و 251.
[13] تقوائي، بابك، "«پایگاه وحدتی و گزارش تصویری نمایشگاه هوایی راهیان نور»، (قاعدة وحدتي وتقرير مصور عن معرض "مسافرو النور" الجوي("، ماهنامه صنایع هوایی(مجلة الصناعات الجوية)، العدد 249، أرديبهشت 1391ش/مايو 2012م، ص 49.
[14] شيرمحمد، محسن، المصدر نفسه، ص 425–429.
[15] محمد زاده سلحشور، مجيد، اطلس جامع نقش اداره بهداشت، امداد و درمان نهاجا در دفاع مقدس (الأطلس الشامل لدور إدارة الصحة والإغاثة والعلاج لنهاجا في الدفاع المقدس)، طهران، سوره سَبز، 1395ش /2016م، ص 52.
[16] وكالة تسنيم للأنباء، 6 مرداد 1400 ش / 28 يوليو 2021م، فرمانده جدید پایگاه هوایی دزفول منصوب شد (تعيين قائد جديد للقاعدة الجوية في دزفول).
[17] تقوائي، بابك، المصدر نفسه، ص 49 و 50.
[18] المصدر نفسه، ص 45.
