الأماكن
البصرة
إعداد: حسن جعفرزادة
نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
7 دورہ
البصرة، هي مدينة ومحافظة تقع في جنوب العراق. كان احتلالها يمثل ورقة ضغط رئيسية لـ إنهاء الحرب المفروضة، كما كانت نقطة الثقل في الاستراتيجية العسكرية الإيرانية على الجبهات الجنوبية.
تَحدُّ محافظة البصرة من الغرب محافظة المثنى (السماوة)، ومن الشرق إيران (محافظة خوزستان)، ومن الشمال الشرقي محافظة ميسان (العمارة)، ومن الشمال الغربي محافظة ذي قار (الناصرية)، ومن الجنوب الشرقي الخليج الفارسي (مصب الفاو)، ومن الجنوب والجنوب الغربي دولة الكويت.[1]
تبلغ مساحة المحافظة حوالي 20,702 كيلومتر مربع، ومركزها هو مدينة البصرة التاريخية. وقد انخفض عدد سكان البصرة من 1.5 مليون نسمة في عام 1977م إلى أقل من 900 ألف نسمة في السنوات التي تلت الحرب المفروضة خلال الثمانينيات. كما تعرضت المدينة لقصف مكثف خلال حرب الخليج الفارسي (1991م)، التي اندلعت في أعقاب غزو العراق للكويت والهجوم الذي شنته الولايات المتحدة ودول أخرى لإخراج العراق من الكويت، مما أدى إلى مزيد من التناقص في عدد سكانها. وقُدر عدد سكان البصرة بنحو 1,477,200 نسمة في عام 2004م.[2] قبل اندلاع الحرب المفروضة، اتخذ النظام البعثي العراقي من البصرة قاعدة لعناصر انفصالية من محافظة خوزستان الإيرانية. حيث كانت منظمة أمن البصرة تقوم بتدريبهم عسكرياً ثم إرسالهم إلى إيران لتنفيذ أعمال تخريبية.[3] بالإضافة إلى ذلك، كانت البصرة تحتوي على إحدى القاعدتين الرئيسيتين للقوات البحرية العراقية في ميناء البصرة.[4]
مع اندلاع الحرب المفروضة، لعبت منطقة البصرة دوراً محورياً في تطورات القتال. فمنذ الأيام الأولى للحرب، كانت المنشآت الاستراتيجية في البصرة أهدافاً دائمة للقصف الجوي الإيراني؛ ورداً على الهجوم العراقي الشامل، قصفت مقاتلات القوات الجوية الإيرانية المراكز العسكرية ومنشآت النفط في المدينة خلال الأيام الأولى للحرب.[5] نتيجة لهذه الضربات، حُرِم العراق من استخدام إمكانيات ميناء البصرة، وتضاءلت صادرات النفط من تلك المنطقة؛ مما أدى إلى فرض حصار بحري إيراني على العراق.[6]
خلال الحرب المفروضة، أصبح الوصول إلى أبواب البصرة هو الهدف الاستراتيجي الرئيسي لإيران. وكانت منطقة البصرة الكبرى في الجبهة الجنوبية أهم مسرح عمليات يركز عليه القادة العسكريون الإيرانيون لتنفيذ العمليات الكبرى، وذلك ابتداءً من صيف 1982م، حيث صُممت ونُفذت عمليات متعددة في هذا المحور.[7] بعد تحرير خرمشهر، بدأت العمليات العسكرية الإيرانية بعملية "رمضان" (يوليو 1982م) شرق البصرة، بهدف ترسيخ القوات الإيرانية خلف نهر أروند رود (شرق البصرة) والسيطرة على المدينة، مما يوفر الظروف السياسية والموقع العسكري المطلوبين للجمهورية الإسلامية ولقبول شروط إيران.[8] إدراكاً لأهمية هذا الهدف، وضع الجيش العراقي الدفاع عن البصرة في صميم استراتيجيته، وركّز في المناطق الشرقية للبصرة أكثر الموانع الدفاعية تحصيناً وتعقيداً إلى جانب أكبر قدر ممكن من القدرات العسكرية.[9] شملت أبرز المعارك التي شنتها القوات الإيرانية في المنطقة العامة للبصرة، بهدف التقدم والسيطرة عليها، العمليات التالية: رمضان (يوليو 1982م)، خيبر وبدر (مارس 1984م و 1985م)، والفجر 8 (فبراير 1986م)، وكربلاء 4 و 5 (يناير 1987م)، وكربلاء 8 (أبريل 1987م)، وأنصار الحسين (مايو 1987م).[10]
تُعدّ عملية "كربلاء 5" العملية الأهم التي نُفذت في منطقة البصرة بهدف التقدم والسيطرة على المدينة. وشهدت عملية كربلاء 5 أعنف الاشتباكات طوال فترة الحرب، حيث وصل التهديد الإيراني إلى أبواب البصرة.[11] ونظراً لتركيز الجيش العراقي لأغلب قواته في هذه المنطقة لأهميتها العسكرية، تمكنت القوات الإيرانية من تدمير جزء كبير من الآلة العسكرية العراقية في هذا المحور.[12] وقد أدى انتصار إيران في عملية كربلاء 5 وكسر المواقع الدفاعية والتحصينات العراقية في المنطقة الحيوية شرق البصرة، إلى إحداث تحولات مهمة.
يرى الخبراء العسكريون أن البصرة كانت نقطة تحول في مسار الحرب نحو نهايتها.[13] فمع تقدم إيران باتجاه البصرة، تصاعد الضغط السياسي الدولي على إيران بشكل غير مسبوق بهدف إنهاء الحرب. كانت تداعيات هذا الضغط هي قرار مجلس الأمن 598، وخطة حظر التسليح، ودخول الجيش الأمريكي إلى الخليج الفارسي، والتي كان هدفها النهائي هو وضع حد للحرب.[14] من جهة أخرى، أدت قرب القوات الإيرانية من مدينة البصرة إلى بدء مفاوضات بين القوتين العظميين آنذاك، أمريكا والاتحاد السوفيتي، لمنع استمرار الانتصارات الإيرانية في الحرب.[15]
بعد عملية "كربلاء 5"، كانت عملية "كربلاء 8" التكميلية هي آخر عملية مهمة نفذتها إيران في منطقة البصرة في أبريل 1987م. ومع ذلك، وبسبب انسداد المسارات العملياتية (نتيجة ليقظة جيش العدو وإقامة خطوط دفاعية متعددة)، لم يتسنّ التقدم نحو البصرة. وبعد هذه العملية، حوّلت إيران استراتيجيتها العملياتية من الجبهة الجنوبية إلى الشمال الغربي.[16]
بعد انتهاء الحرب المفروضة، أُعطيت الأولوية لإعادة إعمار مدينة البصرة، التي كانت ثاني أكبر مدينة في العراق ومنفذها المينائي الوحيد قبل الحرب. وقد خصصت السلطات العراقية حوالي خمسة مليارات دولار لأعمال إعادة بناء المدينة.[17]
[1] نقشه راهنمای عراق (خريطة دليل العراق)، گیتاشناسی، طهران، 1376ش/1997م.
[2] موقع الموسوعة الإسلامية الكبرى، https://www.cgie.org.ir/fa/article/228820/%D8.
[3] يكتا، حسين، روزشمار جنگ ایران و عراق: پیدایش نظام جدید- بحران در خوزستان (يوميات حرب إيران والعراق: نشأة النظام الجديد - أزمة في خوزستان)، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ سپاه پاسداران انقلاب اسلامی (مركز دراسات وأبحاث الحرب للحرس الثوري الإسلامي)، 1377ش/ 1998م، ص 747-768.
[4] رشيد، محسن، آشنایی با جنگ- گزارشی کوتاه (مقدمة في الحرب - تقرير موجز)، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ سپاه پاسداران انقلاب اسلامی (مركز دراسات وأبحاث الحرب للحرس الثوري الإسلامي)، 1380ش /2001م، ص 17.
[5] أنصاري، مهدي و حسين يكتا، روزشمار جنگ ایران و عراق- هجوم سراسری (يوميات حرب إيران والعراق - الهجوم الشامل)، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ سپاه پاسداران انقلاب اسلامی (مركز دراسات وأبحاث الحرب للحرس الثوري الإسلامي)، 1375ش/1996م، ص 359-380.
[6] علايي، حسين، روند جنگ ایران و عراق (مسار حرب إيران والعراق)، ج 1، طهران، نشر مرز و بوم، 1391ش/2012م، ص 243 و 244.
[7] أردستاني، حسين، تجزیه و تحلیل جنگ ایران و عراق- تنبیه متجاوز (تحليل حرب إيران والعراق - معاقبة المعتدي)، ج 3، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ سپاه پاسداران انقلاب اسلامی (مركز دراسات وأبحاث الحرب للحرس الثوري الإسلامي)، 1379ش/2000م، ص 231.
[8] المصدر نفسه، ص 33.
[9] دري، حسن، راهبرد عملیات محدود ایران پس از عملیات رمضان (استراتيجية العمليات المحدودة الإيرانية بعد عملية رمضان)، فصلية نگين إيران، السنة العاشرة، العدد 37، 1390ش/2011م، ص 28.
[10] رشيد، محسن، آشنایی با جنگ-گزارشی کوتاه (مقدمة في الحرب - تقرير موجز)، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ سپاه پاسداران انقلاب اسلامی (مركز دراسات وأبحاث الحرب للحرس الثوري الإسلامي)، 1380-1382ش/2001-2003م، ط 6، ص 43-72.
[11] سوداگر، أحمد، 10 قطعنامه برای 8 سال دفاع مقدس (10 قرارات لسنوات الدفاع المقدس الثمانية )، ویژهنامه سالروز پذیرش قطعنامه 598 (العدد الخاص بذكرى قبول القرار 598)، 1389.ش/2010م، ص 21.
[12] جمشيدي، محمد حسين و محمود يزدان فام، روزشمار جنگ ایران و عراق- آخرین تلاشها در جنوب (يوميات حرب إيران والعراق - الجهود الأخيرة في الجنوب)، ج 47، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ سپاه پاسداران انقلاب اسلامی (مركز دراسات وأبحاث الحرب للحرس الثوري الإسلامي)، 1381ش/2002م، ص 122 و 123.
[13] دروديان، محمد، سیری در جنگ ایران و عراق- پایان جنگ (جولة في الحرب الإيرانية العراقية - نهاية الحرب)، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ سپاه پاسداران انقلاب اسلامی (مركز دراسات وأبحاث الحرب للحرس الثوري الإسلامي)، ج 5، 1378ش/1999م، ص 23.
[14] أردستاني، حسين، المصدر نفسه، ص 390.
[15] مختارى، مجيد، بررسی تحولات نظامی ایران و عراق در مقطع پایانی جنگ (دراسة التطورات العسكرية الإيرانية والعراقية في المرحلة الأخيرة من الحرب)، فصلية مطالعات جنگ ایران و عراق، 1392ش/2013م)، السنة الثانية، العدد 6، ص 16.
[16] أردستاني، حسين، المصدر نفسه، ص 288-301.
[17] رابينز، فيليب، اهداف، استراتژیها و مشکلات عراق در جنگ (أهداف واستراتيجيات ومشاكل العراق في الحرب)، فريق الترجمة، مجلة نگاه، السنة الثالثة، العدد 26، شهریور 1381ش / سبتمبر 2002م، ص 52.
