التسلح

فرقاطة

إعداد: محسن شيرمحمد نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
2 دورہ

كان لفرقاطات القوات البحرية الإيرانية دور فعّال ومؤثر في العمليات البحرية التي جرت خلال الحرب المفروضة على العراق.

الفرقاطة، هي سفينة حربية صغيرة، ولها استخدامات محددة بالنظر إلى بنيتها وتجهيزاتها والأسلحة المنصوبة عليها. تعمل معظم الفرقاطات في الشؤون الساحلية، وتتولى مهمة الدوريات وحماية الموانئ. تتميز الفرقاطات بمحركات قوية وسرعة عالية،[1] لكنها غير قادرة على العمليات في البحار الهائجة. يتراوح وزن الفرقاطة عادة بين 150 و 300 طن، ولها أنواع مختلفة منها المزودة بالمدافع والمزودة بقاذفات الصواريخ.[2]

كانت القوات البحرية الإيرانية قبل الحرب المفروضة تمتلك 3 فرقاطات مدفعية من طراز بهرام في منطقة بندر عباس البحرية الأولى، و 4 فرقاطات مدفعية من طراز مهران في منطقة خرمشهر البحرية الثالثة، و 9 فرقاطات قاذفة للصواريخ من طراز كمان (بيكان) في منطقة بوشهر البحرية الثانية. وبالإضافة إلى ما سبق، كانت تمتلك 26 فرقاطة بحجم 65 قدماً (19.8 متر) موزعة على هذه المناطق البحرية الثلاث.[3]

قبل الثورة الإسلامية، كان الدمج التكتيكي للقوات الجوية البحرية (هوانيروز)، والفرقاطات الصاروخية، وقوات الكوماندوز البحرية، مدعوماً بإسناد القوات الجوية في شمال الخليج الفارسي، يمثل أفضل تشكيل قتالي في مواجهة القوات البحرية العراقية.[4]

في المقابل، كانت القوات البحرية العراقية تمتلك قبل فرض الحرب على إيران: 14 فرقاطة صاروخية من طراز أوزا، و12 فرقاطة سريعة قاذفة للطوربيدات من طراز بي-6، و20 فرقاطة مختلفة للدوريات الساحلية (وجميعها سوفيتية الصنع). وتُعد فرقاطات أوزا أكثر أهمية لتسليحها بصواريخ ستيكس (Styx).[5]

خلال فترة الدفاع المقدس، كانت أهم الفرقاطات في الخدمة الإيرانية هي فرقاطات طراز بيكان أو كمان.[6] وقد طُلبت هذه الفرقاطات من فرنسا عام 1974م،[7] حيث تم تسليم 9 فرقاطات منها قبل الثورة الإسلامية، وتم تسليم الثلاثة المتبقية في عام 1981م.[8]

وكان هناك نوع آخر من التجهيزات البحرية وهي الفرقاطات الصاروخية من طراز كمان، أو ما يُعرف بـطراز كومباتانت (Combattante)، والمجهزة بصواريخ هاربون المضادة للسفن عالية السرعة، وأنظمة مراقبة إطلاق نار وحرب إلكترونية حديثة، ومدافع خفيفة أوتوماتيكية بالكامل للدفاع الجوي والاشتباك السطحي.[9]

بعد الثورة الإسلامية، لم يتسنَّ استلام 200 صاروخ هاربون (المخصصة للفرقاطات الصاروخية) بسبب إلغاء مشتريات الأسلحة من قبل الحكومة المؤقتة.[10] ونتيجة لذلك، لم يكن في ترسانة القوات البحرية خلال الحرب المفروضة سوى 12 صاروخ هاربون فقط. مثّل هذا الوضع نقطة ضعف أساسية وقيوداً ملحوظة على القوة البحرية، إذ لم يكن بإمكان كل فرقاطة الاحتفاظ بأكثر من صاروخ واحد. وبعد فترة من بدء الحرب وإطلاق بعض الصواريخ على أهداف عراقية في البحر، اضطرت بعض الفرقاطات لتنفيذ مهامها إلى نقل الصواريخ من فرقاطة إلى أخرى.[11]

كان التكتيك الأهم للبحرية الإيرانية هو استدراج القطع البحرية، وخاصة الفرقاطات العراقية، من ميناء أم القصر إلى داخل الخليج الفارسي، ومن ثم تدميرها في عملية جوية-بحرية مشتركة. في بداية الحرب، استغلت الوحدات البحرية الإيرانية الدعم القوي للقوات الجوية وتقدمت حتى مصب خور عبد الله وداخله، حيث عملت على استفزاز الوحدات العراقية لسحبها وتدميرها.

وكان أحد أكبر المخاوف التي انتابت البحرية الإيرانية في الأيام الأولى من الحرب هو احتمال قيام فرقاطات الإطلاق الصاروخي العراقية بشن هجمات مباغتة على الموانئ الإيرانية. كان من الممكن للفرقاطات العراقية أن تقترب من السواحل الإيرانية مستغلة ظلام الليل وعبر سواحل الدول العربية في الخليج الفارسي، لتنفيذ هجمات على موانئ مثل بندر عباس، وبوشهر، وبندر الإمام الخميني، بالإضافة إلى منشآت النفط والغاز الإيرانية في الخليج الفارسي. لمنع مثل هذا الإجراء، شكلت البحرية الإيرانية سلسلة متكاملة وموثوقة من المراقبة والتعرف على أي تحرك للوحدات العراقية، مستخدمة في ذلك جميع جزرها ومنصاتها النفطية في الخليج الفارسي. وكانت نتيجة هذه الإجراءات أن العراق لم يتمكن أبداً من تنفيذ أي تحرك جدي ضد الموانئ الإيرانية في الخليج الفارسي.[12]

نفذت القوات البحرية الإيرانية عملية "أشكان" بتاريخ 1 تشرين الثاني / نوفمبر 1980م. شاركت في العملية ثلاث فرقاطات صاروخية من طراز كمان (الفرقاطات جوشن وكردونه وبيكان) ومروحية واحدة من طراز إس إتش-3 دي، حيث قاموا بوضع منصتي البكر والعمية النفطيتين تحت نيران المدفعية، مما أدى إلى تدمير جزء من المنصات وإلحاق أضرار بالغة بمنشآتها. وفي هذه العملية أيضاً، حاولت طائرة عراقية مهاجمة الفرقاطات، لكن الفرقاطة بيكان استهدفتها ونجحت في إسقاطها.[13]

في 4 نوفمبر 1980م، وبهدف تدمير منصتي البكر والعمية بالكامل، شاركت القوات التالية: فريق عمليات خاصة من المغاوير البحرية، واثنتان من الفرقاطات الصاروخية، ومروحيتان من طراز إس إتش-3 دي، وسفينة صغيرة لحمل المتفجرات، بالإضافة إلى القاعدة الجوية السادسة للمقاتلات لتوفير الغطاء الجوي.[14] أسفرت هذه العملية عن إلحاق أضرار جسيمة بالمنصات، مما أدى إلى القطع الكامل لصادرات النفط من خلالهما.[15] وخلال هذه العملية، نجحت الفرقاطة بيكان في استهداف وتدمير فرقاطتين للعدو عند مصب خور عبد الله باستخدام المدافع والصواريخ.[16]

في 28 نوفمبر 1980م، جرت عملية "مرواريد"، وكان محورها الفرقاطة "بيكان" مدعومة بمقاتلات الفانتوم التابعة للقوات الجوية،[17] وشاركت فيها أيضاً الفرقاطة "جوشن".[18] كان الهدف الاستراتيجي هو السيطرة على منصة البكر من قبل مغاوير البحرية.[19] أدت العملية إلى تدمير خمسة زوارق صاروخية طراز أوزا، وثلاثة زوارق سريعة، وكاسحة ألغام، وسفينة إنزال/نقل جنود عراقية، ووحدتين بحريتين أخريين مجهولتين، إضافة إلى تضرر 3 زوارق أخرى بشكل كلي، وإسقاط 11 طائرة معادية.[20] في نهاية يوم القتال، تعرضت الفرقاطة بيكان للاستهداف بصواريخ ستيكس من زورق أوزا عراقي وتم تدميرها.[21] نجحت مروحيات البحرية في إنقاذ 16 فرداً من طاقم الفرقاطة وفريق العمليات الخاصة، وانتشال جثتي شهيدين.[22]

بعد نجاح العملية في 28 نوفمبر 1980م، اضطرت القوات البحرية العراقية إلى تعديل عقيدتها القتالية، واستبدلت وحداتها البحرية (خاصة زوارق أوزا) بوحدات جوية مسلحة بصواريخ مضادة للسفن.[23]

تمكنت الفرقاطات طراز بيكان التابعة للبحرية الإيرانية، بفضل تقنياتها الحديثة، من بناء خط الدفاع البحري الأمامي ضد العراق، ما أجبره على التراجع إلى وضع دفاعي.[24]

بالإضافة إلى صراعها مع العراق، اشتبكت البحرية الإيرانية مع سفن أمريكية في الخليج الفارسي، ووصلت هذه الاشتباكات أوجها في أبريل 1988م، حيث واجهت السفن سهند، وسبلان، والفرقاطة جوشن الأسطول الأمريكي، مما أدى إلى معركة غير متكافئة انتهت بإغراق المدمرة سهند والفرقاطة جوشن.[25]

ومن الأسماء اللامعة للشهداء المرتبطين بهذه الوحدات خلال الحرب، نذكر النقيب محمد إبراهيم همتي، قائد الفرقاطة بيكان،[26] والنقيب علي زارع نعمتي، القائد الثاني للفرقاطة جوشن.[27]

بعد نهاية الحرب، ومنذ عام 2003م، بدأت إيران التصنيع المحلي للفرقاطات من طراز بيكان ضمن مشروع سينا. تم تسمية أول فرقاطة منتجة بهذا الاسم تخليداً لاسم "بيكان"، وتم إدخالها الخدمة في الأسطول الشمالي في بندر أنزلي. وفي إطار مشروع سينا، تم حتى الآن بناء وتسليم خمس فرقاطات هي: بيكان، وجوشن، ودرفش، وسپر (للشمال)، وزره (للجنوب) للبحرية الإيرانية.[28]

 

[1] رستمي، محمود، فرهنگ واژه‌هاي نظامي (قاموس المصطلحات العسكرية)، طهران، ستاد مشترک ارتش جمهوری اسلامی ایران (هيئة الأركان المشتركة لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية)، 1378 ش / 1999م، ص 835.

[2] سليماني سوادكوهي، شاهرخ، از سوادكوه تا لندن و درياهاي دور (من سوادكوه إلى لندن والبحار البعيدة)، طهران، منشورات أمير محمد، 1392 ش / 2013م، ص 123.

[3] معنوي رودسري، عبد الله، نگاهي به نيروي دريايي ارتش جمهوري اسلامي ايران در هشت سال دفاع مقدس (نظرة على القوة البحرية لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سنوات الدفاع المقدس الثماني)، طهران، إيران سبز، 1397 ش / 2018م، ص 64 و 65.

[4] المصدر نفسه، ص 242.

[5] المصدر نفسه، ص 67، 75 و 76.

[6] "زره جديد بر تن ناوگان ارتش در جنوب" (درع جديد على أسطول الجيش في الجنوب(، وكالة تسنيم للأنباء، 24 دي 1399 ش / 13 يناير 2021م، HTTPS://TN.AI/2431639

[7] عبدي‌زاده، مونس، راز مرواريد (سر اللؤلؤة)، طهران، سوره مهر، 1395 ش / 2016م، ص 77.

[8] معنوي رودسري، عبد الله، المصدر نفسه، ص 65.

[9] سليماني سوادكوهي، شاهرخ، المصدر نفسه، ص 241.

[10] "ناخدا صمدي، وقتي مي‌گويند ارتش در جنگ غافلگير شد، ديوانه مي‌شوم" ("النقيب صمدي: عندما يقولون إن الجيش فُوجئ في الحرب، أُجنّ(، وكالة خبر أونلاين للأنباء، 3 مهر 1398 ش / 25 سبتمبر 2019م khabaronline.ir/xf5Vk.

[11] سليماني سوادكوهي، شاهرخ، المصدر نفسه، ص 313.

[12] المصدر نفسه، ص 316.

[13] آراسته، ناصر، معارف جنگ (معارف الحرب)، طهران، إيران سبز، 1393 ش / 2014م، ص 460.

[14] المصدر نفسه، ص 461.

[15] المصدر نفسه، ص 462 و 463.

[16] المصدر نفسه، ص 462.

[17] مسبوق، محمد وعلي‌رضا جواهري، عمليات مرواريد، طهران، مركز النشر الاستراتيجي لنهاجا، 1394 ش / 2015م، ص 182، 185 و 186.

[18] آراسته، ناصر، المصدر نفسه، ص 465.

[19] المصدر نفسه، ص 463.

[20] المصدر نفسه، ص 467

[21] المصدر نفسه، ص 466.

[22] المصدر نفسه، ص 467.

[23] سليماني سوادكوهي، شاهرخ، المصدر نفسه، ص 319.

[24] المصدر نفسه، ص 241.

[25] موسوي، سيد جلال، "غروب سهند"، مجلة صف، ع 353، اسفند 1388 و فروردين 1389 ش / مارس-أبريل 2010م، ص 46.

[26] عبدي‌زاده، مونس، المصدر نفسه، ص 86.

[27] برزگر، عبد الرحمن، كهنموئي، طهران، دفتر پژوهش‌هاي نظري و مطالعات راهبردي نداجا(مكتب البحوث النظرية والدراسات الاستراتيجية لنهاجا)، 1391 ش / 2012م، ص 59.

[28] "زره جديد بر تن ناوگان ارتش در جنوب" ("درع جديد على أسطول الجيش في الجنوب)وكالة تسنيم للأنباء)، 24 دي 1399 ش / 13 يناير 2021م، HTTPS://TN.AI/2431639.