المفاهيم والمصطلحات
مرافقة ناقلات النفط
بقلم: محسن شيرمحمد نقله الی العربیة: سید محمود عربی
11 دورہ
خلال فترة الدفاع المقدس، وللتصدي لهجمات العراق على خطوط الملاحة البحرية وناقلات النفط الإيرانية، كانت تُنفذ مهمة مرافقة السفن وناقلات النفط.
إن أول حالات مرافقة السفن غير الحربية تعود إلى الحرب العالمية الثانية، حيث كانت تتم مرافقة سفن نقل الأسلحة والإمدادات العسكرية من الولايات المتحدة إلى المملكة المتحدة لمنع الغواصات الألمانية من إلحاق الضرر بها.
أُجريت أهم عمليات المرافقة خلال فترة الدفاع المقدس في البحر، وكان مقصدها ميناء الإمام الخميني. كان الميناء خلال سنوات الحرب الثماني يتميز بقدرة أكبر على نقل البضائع العابرة مقارنة بغيره من الموانئ، نظراً لوجود بنية تحتية متطورة من الطرق والسكك الحديدية، ومنشآت حديثة لتحميل وتفريغ البضائع، فضلاً عن قدرته على استقبال عدد كبير من السفن (في بدايات الحرب). لذلك، كان معظم السفن التجارية وبعض ناقلات النفط يتخذون هذا الميناء وجهة نظرهم.[1]
نظراً لأهمية ميناء الإمام الخميني، بدأ الجيش العراقي، اعتباراً من أواخر الأسبوع الثاني من شهر يناير 1981م، بمهاجمة السفن المتجهة إلى هذه المحطة في خور موسى.[2] وحتى مايو 1981م، كانت الهجمات العراقية محدودة، لكنها ازدادت اعتباراً من20 مايو 1981م على السفن التي تتردد على طريق خور موسى.
وفي أواخر أغسطس 1982م، أعلن العراق منطقة محظورة (ممنوع مرور السفن) بنصف قطر 35 ميلاً بحرياً من جزيرة خارك، محذراً من أنه سيهاجم السفن التي تمر في هذه المنطقة. وفي شهر سبتمبر، اتسعت الاشتباكات البحرية لتشمل المياه الشرقية للخليج الفارسي أيضاً.[3]
في مواجهة تصاعد الهجمات العراقية، اتخذت إيران قراراً بحماية السفن المتجهة إلى ميناء الإمام الخميني، من خلال إسنادها بالسفن الحربية والطائرات المقاتلة. وبناءً على ذلك، بدأت السفن التجارية منذ صيف 1982م في الإبحار ضمن قوافل من بوشهر إلى خور موسى، حيث كانت تحظى بالمرافقة البحرية والجوية.[4]
ولتعزيز التنسيق بين القوات الإيرانية المكلفة بتأمين السفن، تم إطلاق خطة متكاملة تحت مسمى "أژدر" (طوربيد)، شاركت في تنفيذها كل من: القوات البحرية والجوية وطيران الجيش والمدفعية البرية التابعة لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية.[5]
في خطة "أژدر" (طوربيد)، كانت جميع سفن الشحن وناقلات النفط المتجهة إلى مينائي الإمام الخميني وماهشهر، ترسو أولاً في ميناء بوشهر بعد عبورها مضيق هرمز، وذلك حتى يصل عددها إلى قافلة تتكون من 16 إلى 20 سفينة.[6] بعد ذلك، وبالتنسيق مع الوحدات العملياتية المتمركزة في المنطقة، كان يتم إصدار الأمر العملياتي اللازم قبل 24 ساعة من موعد تحرك القوافل، بهدف إعداد الجاهزية لمواجهة الهجمات المحتملة للعدو.[7]
كان يتم عقد اجتماع تنسيقي قبل كل عملية مرافقة بأيام، ويضم ممثلين عن القوات البحرية والجوية وطيران الجيش.[8] وكان على القوات الجوية توفير حماية جوية فعّالة للقوافل حتى وصول السفن إلى أرصفتها.
وتضمنت التشكيلة المرافقة: فرقاطتين صاروخيتين، وفرقاطة دورية بوزن 65 أو 85 طناً، وقارباً خشبياً (لنج) للعمليات الاستخباراتية، إضافة إلى زورقين سريعين من الكوماندوز البحري، فضلاً عن مروحيات الطيران البحري وقاطرة إطفاء حرائق تابعة لإدارة الميناء. وكان الكوماندوز يجهزون السفن بمدافع عند الحاجة لإنشاء نطاق دفاعي. وبهذه الطريقة، كانت السفن تُرافق من جزيرة لافان إلى ميناء الإمام أو بوشهر.[9]
عادةً ما كانت المهمة تستغرق ما بين 30 و36 ساعة، حيث تبدأ من جزيرة لافان أو محيط جزيرة كيش وتنتهي في مينائي الإمام وبوشهر. ولم تقتصر مهمة المرافقة على طريق الذهاب فقط، بل كانت السفن تُرافق كذلك بعد إفراغ حمولتها أو إعادة شحنها حتى مضيق هرمز.[10]
بعد أن أصبحت الوحدات العملياتية جاهزة، كان يُعقد اجتماع آخر قبل يوم واحد من التحرك في قاعدة بوشهر البحرية، التي كانت تتولى مسؤولية القيادة العامة للعملية، وذلك بحضور جميع القادة. وبعد التنسيق وتحديد مهام كل قوة وتعيين ساعة وصول كل وحدة عملياتية، كان يبدأ تحرك السفن.
في هذه العمليات، كانت سفن البحرية الحربية تتحرك عادةً على مسار قافلة السفن لتقديم المرافقة، في حين كانت طائرات القوات الجوية المقاتلة تتولى مسؤولية الغطاء الجوي للمنطقة. أما مهمة الاشتباك مع مروحيات سوبر فريلون العراقية، فقد تم إسنادها إلى طيران الجيش.[11]
في سبتمبر 1981م، أُجريت تعديلات على الخطة العملياتية "أژدر" وحلت محلها خطة جديدة باسم "أژدر - 2"، والتي تم بموجبها استخدام مروحيات كوبرا (طيران الجيش) لمواجهة مروحيات سوبر فريلون المعادية.[12]
ومع دعم الأجانب للعراق، وخاصةً فرنسا، في تزويده بمعدات عسكرية حديثة، بما في ذلك طائرات سوبر إتاندارد وميراج ومروحيات سوبر فريلون المزودة بصواريخ إكزوسيت جو-سطح، اكتسب العدو تدريجياً قدرة أكبر على تهديد القوافل.[13] ولمواجهة هذا التطور، تم إدخال تغييرات على تكتيك تنفيذ عمليات مرافقة القوافل، وتم إعداد خطة عملياتية باسم "تمساح". واستناداً إلى هذه الخطة، كانت مرافقة القوافل تُنفذ ليلاً، لتقليل فرصة عمل الوحدات الجوية المعادية في ظلام الليل.[14]
بمجرد ظهور حركة السفن في امتداد مياه المنطقة البحرية شمال غرب الخليج الفارسي، كانت القوات العراقية تُحلِّق بطائراتها المقاتلة سوبر إتاندارد وميراج ومروحياتها الصاروخية سوبر فريلون باتجاه قوافل السفن. وكانت رادارات سربندر وبوشهر تُبلغ فريق طيران الجيش، الذي كان جاهزاً للتحليق في شبه جزيرة بويه سيف (خور موسى). وفي هذه المرحلة، كانت مروحية سيكورسكي تابعة للقوات البحرية، ومجهزة بأنظمة ملاحة[15] ورادارات سطحية، تنضم إلى فريق طيران الجيش، لتقود فريق مروحيات كوبرا نحو الهدف.
كان طيارو طيران الجيش يشتبكون مع المروحيات البحرية العراقية لتمكين القافلة من مواصلة تحركها دون قلق. وفي هذا الاشتباك والمناورة، كانت المروحيات العراقية تنسحب عادةً من ساحة المعركة، وتتضرر في بعض الأحيان. وبفضل وجود مروحيات طيران الجيش في عملية "أژدر"، لم تتعرض أي سفينة من القافلة التجارية لهجوم من قبل المروحيات العراقية. وبالطبع، لم تقتصر مهمة طيران الجيش على الاشتباك مع المروحيات فقط، بل قامت أيضاً بتدمير عدد من منصات المراقبة ومواقع التنصت العائمة والثابتة التي كان العراقيون قد أنشؤوها في شمال غرب الخليج الفارسي.[16]
خلال الحرب، تم تنفيذ أكثر من 150 عملية مرافقة قوافل، أي بمعدل حالتين شهرياً، وتُعتبر كل واحدة منها عملية بحرية كبرى.[17] وكانت مرافقة كل قافلة تمثل عملية كبرى، لأنها كانت السبيل الوحيد لإيصال المؤن إلى البلاد، خاصةً القمح والمواد الأولية، في ظل هذه الظروف.[18]
وفي عام 1987م، ومع تصاعد حرب الناقلات، بدأت الولايات المتحدة بمرافقة ناقلات النفط الكويتية. وفي إحدى هذه الحالات، وتحديداً في 22 أغسطس 1987م، اصطدمت ناقلة النفط "بريدجتون"، التي كانت تحت المرافقة الأمريكية، بلغم. وادّعت الولايات المتحدة أن إيران هي من زرعت هذا اللغم. وبعد ذلك، دخلت الولايات المتحدة رسمياً حرب الناقلات، وهاجمت القوارب العسكرية الإيرانية في أكتوبر 1987م.[19]
خلال فترة الدفاع المقدس، تمكنت بحرية الجيش الإيراني من مرافقة ما مجموعه 10 آلاف سفينة تجارية وناقلة نفط، مما أتاح استيراد 300 مليون طن من مختلف أنواع السلع إلى البلاد. ومن هذا العدد، لم يتعرض سوى 259 سفينة لضربات العدو،[20] منها 20 سفينة فقط أصيبت بأضرار جسيمة.[21]
[1] شیرمحمد، محسن، بر فراز دریاها ـ نگاهی به تاریخ هوادریا و حماسه اسکادرانهای هواناو، بالگرد و بال ثابت در جنگ تحمیلی، طهران، دفتر پژوهشهای نظری و مطالعات راهبردی نداجا (مكتب الدراسات النظرية والاستراتيجية للقوة البحرية (نداجا))، 1400 (2021م)، ص 173.
[2] المرجع نفسه، ص 174.
[3] المرجع نفسه، ص 209.
[4] علایی، حسین، روند جنگ ایران و عراق، ج 1، طهران، مرزوبوم، 1391 (2012م)، ص 548 و 549.
[5] معنوی رودسری، عبدالله، نگاهی به نیروی دریایی ارتش جمهوری اسلامی ایران در هشت سال دفاع مقدس، طهران، إيران سبز، 1397 (2018م)، ص 48 و 49.
[6] المرجع نفسه، ص 49.
[7] شیرمحمد، محسن، المرجع نفسه، ص 177.
[8] سیاری، حبیبالله و مجید منصوری، تقویم تاریخ دفاع مقدس نیروی دریایی ارتش جمهوری اسلامی ایران، حوادث و رویدادهای یکم تا سیام بهمن 1360، ج 23، طهران، دفتر پژوهشهای نظری و مطالعات راهبردی نداجا (مكتب الدراسات النظرية والاستراتيجية للقوة البحرية (نداجا))، 1395 (2016م)، ص 73.
[9] شیرمحمد، محسن، المرجع نفسه، ص 175.
[10] برزگر، عبدالرحمن، کهنمویی (خاطرات ناخدایکم شریف فرزادینیا)، طهران، دفتر پژوهشهای نظری و مطالعات راهبردی نداجا (مكتب الدراسات النظرية والاستراتيجية للقوة البحرية (نداجا))، 1391 (2012م)، ص 47 و 48.
[11] معنوی رودسری، عبدالله، المرجع نفسه، ص 49.
[12] منصوری، مجید، تأمین خطوط مواصلاتی دریایی در هشت سال دفاع مقدس در یک نگاه، طهران، دفتر پژوهشهای نظری و مطالعات راهبردی نداجا (مكتب الدراسات النظرية والاستراتيجية للقوة البحرية (نداجا))، 1396 (2017م)، ص 44.
[13] المرجع نفسه، ص 42.
[14] المرجع نفسه، ص 43.
[15] معنوی رودسری، عبدالله، المرجع نفسه، ص 49.
[16] المرجع نفسه، ص 50.
[17] مجموعة أساتذة معارف الحرب، معارف جنگ، طهران، منشورات إيران سبز، 1393 (2014م)، ص 457.
[18] المرجع نفسه، ص 175.
[19] «همه چیز در مورد جنگ نفتکشها»، خارگ نيوز، 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، https://www.khargnews.ir.
[20] معنوی رودسری، عبدالله، المرجع نفسه، ص 48 و 45.
[21] المرجع نفسه، ص 48.
