التسلح
الدبابة
إعداد: محسن شير محمد
نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
15 دورہ
الدبابة هي عربة قتالية مدرعة ومجنزرة، مجهزة بمدفع ورشاشات. وتُعدّ السلاح الأهم في الحرب البرية، وقد استخدمها الطرفان على نطاق واسع خلال الحرب المفروضة على إيران.
الدبابة هي مركبة مجنزرة ومحصنة تماماً، تحمل مدفعاً موجهاً بالرماية المباشرة ورشاشات إضافية. تمتلك الدبابة قوة قصف فائقة، وتدريعاً كاملاً، وتحركاً ومراسلات على مستوى عالٍ، مما يجعلها السلاح الأبرز في المعارك الأرضية. يعود تصميم الدبابة بصيغتها المعاصرة إلى الحرب العالمية الأولى، على يد العقيد البريطاني إرنست دانلوب سوينتون. كانت مراحل تطويرها الأولية محاطة بالسرية المطلقة؛ فعند شحنها إلى فرنسا، لتضليل المخابرات الألمانية، كُتب على صناديق التغليف اسم "تانك" الذي يعني في الأصل "خزان"، وظل هذا الاسم مستخدماً منذ ذلك الوقت.[1]
في عام 1980م وقبل بدء الحرب، كانت إيران تملك 1735 دبابة، موزعة كما يلي:
400 دبابة M-47 و M-48. 460 دبابة M-60 (أمريكية الصنع). 875 دبابة تشيفتن. 250 دبابة خفيفة سكوربيون (بريطانية الصنع).[2]
في الفترة نفسها، كان العراق يملك 2750 دبابة، وتضمنت: 50 دبابة T-72 . 2500 دبابة T-54، T-55، و T-62. 100 دبابة T-34 (سوفيتية الصنع). 100 دبابة AMX-30 (فرنسية الصنع).[3]
علاوة على ذلك، تمكن العراق من تجميع دبابة T-72 واستخدامها تحت اسم "أسد بابل". استخدمت هذه الدبابة جهاز تحديد مدى ليزري، وصُنع جزؤها الأمامي من درع سميك، وكان مدفعها الرئيسي مزوداً بآلية تلقيم ذاتي للذخيرة. في الاشتباكات المدرعة، يمكن للدبابة المجنزرة T-72 أن تحافظ على موقعها القوي ضد مختلف الدبابات الأمريكية مثل M-60.[4]
تم تحديث أنظمة التحكم بالنيران المستخدمة في دبابات T-72 سوفيتية الصنع عبر تزويدها بأجهزة تحديد مدى وحواسيب غربية.[5] كانت دبابات T-72 هي الأفضل التي استخدمها العراق في الحرب، وكانت مُقاومة لسلاح RPG-7 الذي كان السلاح الأساسي المضاد للدروع لدى مشاة القوات الإيرانية، ولعبت دوراً فعالاً في الهجمات المضادة العراقية.[6]
خلال الحرب المفروضة التي شنها العراق على إيران، وقعت إحدى أكبر معارك الدبابات في 5 يناير 1981م ضمن عملية النصر،[7] والتي شاركت فيها الفرقة المدرعة الـ 16 للجيش.[8] كانت الوحدات الرئيسية لهذه الفرقة في العملية تتألف من خمس كتائب دبابات.[9]
على الرغم من التقدم الأولي الذي أحرزته القوات الإيرانية، والذي أدى إلى تدمير جزء من معدات وأعتدة العدو وأسر 1200 جندي عراقي، إلا أن وحدات الفرقة المدرعة الـ 16 مُنيت بالهزيمة في أعقاب الهجوم المضاد الذي شنه العدو في 7 يناير 1981م[10]، بسبب الافتقار إلى التنسيق والدعم اللازمين.[11] كانت القوات العراقية في الهجوم المضاد مجهزة بدبابات T-72، التي تتفوق على الدبابات الإيرانية من حيث سرعة التلقيم ومعدل الإطلاق. ومع الدعم الجوي العراقي واستخدام صواريخ ماليوتكا المضادة للدبابات، اضطرت الفرقة الـ 16 إلى التراجع إلى مواقعها السابقة، تاركة خلفها 130 دبابة وناقلة جنود، بما في ذلك 87 دبابة تشيفتن.[12]
في إيران، كانت قوات الحرس الثوري قوة ذات قدرة عالية على المناورة، ولم تكن المعدات الثقيلة والمدرعة مناسبة لطبيعة عملها. ورغم تشكيل وحدات مدرعة داخل الحرس الثوري وحسن أدائها، إلا أن هذه المعدات (بما فيها الدبابات) لم تتحول إلى معدات استراتيجية، وظل الجيش هو القوة الأساسية المجهزة بها.[13]
خسرت إيران في الحرب العديد من دباباتها ولم تتمكن من تعويضها. ولهذا السبب، قررت التحول عن استخدام الدبابات في العمليات المناورة المستقلة إلى استخدامها كمدفعية ثابتة أو لدعم القوات المشاة.[14] وعندما كانت القوات الإيرانية بحاجة إلى قدرة عالية على الحركة، كانت تُفضل دبابات M-60 على دبابات تشيفتن لسرعتها وخفتها الأكبر.[15]
أجرى الجيش العراقي تعديلات على دباباته T-55 أثناء الحرب، شملت تركيب مدافع 125 ملم لرفع القوة النارية وتزويدها بدروع اصطناعية لزيادة الحماية. كما زُودت بعض هذه الدبابات ودبابات T-72 بمعدات كاسحة ألغام لاستخدامها في اختراق حقول الألغام الإيرانية ضمن طليعة الهجمات المدرعة.[16]
بين عامي 1984 و 1988م، اشترت إيران 1000 دبابة من طرازات T-54 و T-55، و260 دبابة T-59[17] من ليبيا وكوريا الشمالية.[18] كما استولت القوات الإيرانية على 600 دبابة T-55، و200 دبابة T-62، و29 دبابة T-72 كغنائم حرب من العدو.[19] ومع ذلك، تكبدت إيران خسائر فادحة أيضاً؛ فالعديد من الدبابات كانت بقدرة عملياتية محدودة أو غير صالحة للعمليات على الإطلاق بسبب نقص قطع الغيار وغياب كوادر الصيانة والإصلاح الفعالة.[20] عانت دبابات T-59 و T-72 (المستخدمة من قبل إيران) من مشكلة في نظام التحكم بالنيران، مما حدّ من قدرتها على إصابة الهدف من الطلقة الأولى أو الرماية أثناء الحركة. ومع ذلك، تمتعت مدافع هذه الدبابات بمرونة أكبر، وكان نظام إطلاق النار المباشر فيها أسهل في الاستخدام من الأنظمة المتقدمة المخصصة للمواجهة المباشرة بين الدبابات.[21]
بعد انتهاء الحرب المفروضة، وفي أوائل التسعينيات الميلادية، وضعت منظمة جهاد الاكتفاء الذاتي التابعة للقوة البرية بالجيش خطة تصميم وإنتاج دبابة محلية تحت اسم "ذوالفقار". وأثمرت هذه الجهود عن تصميم وبناء دبابة "ذوالفقار-1" في عام 1996م. كما تم الكشف عن دبابة "كرار"، التي تُعدّ الدبابة الإيرانية الأكثر تطوراً، في مارس 2017م، وافتُتح خط إنتاجها الضخم بالتزامن في صناعات بني هاشم المدرعة بمدينة درود. تُعتبر "كرار" في جوهرها نسخة مطورة من دبابات T-72.[22]
[1] رستمي، محمود، فرهنگ واژههای نظامی(معجم المصطلحات العسكرية)، طهران، إيران سَبز، ط2، 1386 ش / 2007م، ص 246.
[2] كردزمن، أنتوني وأبراهام واغنر، درسهای جنگ مدرن ـ جنگ ایران و عراق(دروس الحرب الحديثة – الحرب الإيرانية العراقية)، ج 1، ترجمه حسين يكتا، طهران، مرزوبوم، 1390 ش / 2011م، ص 145 و 374.
[3] المصدر نفسه.
[4] بلاكول، جيمس، صاعقه در صحرا (الصاعقة في الصحراء)، ترجمه حميد فرهادي نيا وهوشمند نامور طهراني، طهران، منشورات اطلاعات، 1372 ش / 1993م، ص 106.
[5] كردزمن، أنتوني وأبراهام واغنر، المصدر نفسه، مجلد 2، ص 338.
[6] المصدر نفسه.
[7] "بزرگترین نبرد تانکها بعد از جنگ جهانی دوم در گفتگو با فرماندهان عملیات نصر (هویزه)" (أكبر معركة دبابات بعد الحرب العالمية الثانية في حوار مع قادة عملية نصر (هويزه)، مجلة غدير، العدد 3، دي 1385 ش / يناير 2007م، ص 11.
[8] حسيني، السيد يعقوب، عملیات نصر(عملية نصر)، طهران، إيران سَبز، 1393 ش / 2014م، ص 350 و 351.
[9] ويژهنامه سوره مهر(الملحق الخاص سورة مهر)، العدد 3، شهريور 1391 ش / سبتمبر 2012م، ص 23.
[10] المصدر نفسه.
[11] أبوغزالة، عبد الحليم، جنگ ایران و عراق(حرب إيران والعراق)، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ سپاه پاسداران (مركز حرس الثورة للدراسات وبحوث الحرب)، ص 362.
[12] علائي، حسين، روند جنگ ایران و عراق (مسار الحرب الإيرانية العراقية)، ج 1، طهران، مرزوبوم، 1391 ش / 2012م، ص 290.
[13] شيرعلي نيا، جعفر، دایرهالمعارف مصور تاریخ جنگ ایران و عراق (الموسوعة المصورة لتاريخ الحرب الإيرانية العراقية)، طهران، سايان، 1392 ش / 2013م، ص 209.
[14] كردزمن، أنتوني وأبراهام واغنر، المصدر نفسه، مجلد 2، ص 337.
[15] المصدر نفسه، ص 338.
[16] المصدر نفسه، ص 339.
[17] المصدر نفسه، ص 330.
[18] يوسف أقدم، كريم، آماد و پشتیبانی نزاجا در هشت سال جنگ تحمیلی(الإمداد والإسناد للقوات البرية للجيش في ثماني سنوات من الحرب المفروضة)، طهران، هیئت معارف جنگ شهید سپهبد علی صیاد شیرازی (هيئة معارف الحرب للشهيد الفريق علي صياد شيرازي، 1401 ش / 2022م، ص 73 و 74.
[19] جعفري، فتح الله، چنانه ـ خودنگاشت فتحالله جعفری(چنانه - السيرة الذاتية لـ فتح الله جعفري)، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز الدفاع المقدس للوثائق والبحوث، 1402 ش / 2023م، ص 440، 441 و 445.
[20] المصدر نفسه.
[21] المصدر نفسه، ص 338.
[22] "گامهایی که برای تولید تانک در ایران برداشته شد" (الخطوات التي اتُخذت لـ إنتاج الدبابات في إيران)، وكالة أنباء فارس، 3 دي 1397 ش / 24 ديسمبر 2018م.
