الأماكن
محافظة هرمزكان
إعداد: عماد عزت آبادي
نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
6 دورہ
كانت محافظة هرمزكان، خلال السنوات الثماني للحرب المفروضة، واحدة من المراكز الرئيسية لدعم اقتصاد البلاد وإسناد المجهود الحربي، وذلك بسبب موقعها الذي يضم جزر الخليج الفارسي الاستراتيجية ومضيق هرمز.
تقع محافظة هرمزكان وعاصمتها بندر عباس في جنوب إيران، على الساحل الشمالي للخليج الفارسي وجزء من بحر عُمان.[1] يحدها من الشمال محافظة كرمان، ومن الشرق محافظتا كرمان وسيستان وبلوشستان، ومن الغرب محافظة بوشهر. أما من الجنوب الشرقي فيحدها بحر مكران، ويحدها الخليج الفارسي من الجنوب والجنوب الغربي.[2]
يبلغ عدد سكان هذه المحافظة أكثر من مليون ونصف المليون شخص، بناءً على الإحصائيات الرسمية لعام 2011م. ويتميز الطقس فيها بكونه حاراً وجافاً في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية، وحاراً ورطباً في الجنوب والجنوب الغربي.
تنقسم المحافظة إلى 13 مدينة وهي: أبوموسى، قشم، بستك، بشاغرد، سيريك، جاسك، ميناب، رودان، خمير، بارسيان، بندر عباس، بندر لنجة، وحاجي أباد. كما تضم 14 جزيرة تقع كلها في مياه الخليج الفارسي، وهي: قشم، هرمز، لارك، هنگام، كيش، لاوان، سيري، فارور الكبرى، فارور الصغرى، هندورابي، شتور، أبو موسى، طنب الكبرى، وطنب الصغرى.[3]
تتركز الأنشطة المعيشية لسكان هرمزكان في الزراعة، والصيد، والتجارة. كما تحوي المحافظة ثروات طبيعية ومعدنية تشمل: النفط، والغاز، والكروميت، والحديد الصلب، والألومنيوم، والتربة الحمراء، وغير ذلك. وتكتسب هرمزكان أهمية اقتصادية خاصة في قطاعي الملاحة البحرية والثروة السمكية.[4]
شُكّلت المحافظة العامة للموانئ والجزر الساحلية للخليج الفارسي وبحر عُمان ومقرها بندر عباس في عام 1967م. وفي 27 سبتمبر 1976م، سُميت هذه المحافظة رسمياً باسم "هرمزكان"، وذلك تماشياً مع اسم مضيق هرمز.[5]
مع اندلاع الحرب المفروضة في 22 سبتمبر 1980م، اكتسبت هرمزكان أهمية قصوى لوجود 1500 كيلومتر من الشريط الساحلي الممتد من بحر مكران شرقاً إلى الخليج الفارسي غرباً، وامتلاكها جزر حيوية مثل سيري، وهرمز، وأبو موسى، وطنب الكبرى والصغرى. نظراً لتعرض ميناءي خرمشهر وآبادان (اللذين كانا الموانئ الرئيسية لإيران) لهجمات العدو، تولت بندر عباس، التي تضم أرصفة شهيد باهنر وشهيد رجائي، مهمة استيراد البضائع للبلاد، لتحل محل الميناءين الواقعين في خوزستان. كما أن بُعد المحافظة عن خط الجبهة الرئيسي جعلها موقعاً مناسباً لإسناد الجبهة، وهو ما تحقق عبر إنشاء فرع دعم من قبل هيئة دعم الحرب التابعة لـ"جهاد سازندكي"(جهاد البناء) في جزيرة هرمز في وقت مبكر من الحرب.
أُرسلت أول دفعة من مجاهدي هرمزكان إلى الجبهة في 14 نوفمبر 1980م.[6] كان حرس الثورة في هرمزكان جزءاً من الحرس الثوري للمنطقة السادسة، حيث عمل تحت إمرة فرقة 41 ثار الله التي تتخذ من كرمان مركزاً لها،[7] إلى أن تم تأسيس كتيبة 422 الزهراء (س) (الكتيبة المخصصة لمجاهدي هرمزكان) على يد منصور نبي زاده في 21 مارس 1986م.[8]
نظراً لإلمامهم بالبيئة المائية، شارك مجاهدو هرمزكان بفاعلية في العمليات البرمائية. لعب قائدي الزوارق من المحافظة دوراً في عمليتي خيبر والفجر 8، بينما كان للغواصين دور مؤثر في عمليتي كربلاء 4 و 5.[9] وفي العمليات البرية، شارك المجاهدون كقوة مساندة في فرق 41 ثار الله، و19 فجر، والإمام الحسين (ع)، ولواء 33 المهدي (عج)، وشاركوا في عمليات كبرى مثل فتح المبين وطريق القدس.[10]
تواجد مجاهدو المحافظة في أغلب مناطق العمليات، بما في ذلك: مخفر زيد، خرمشهر، المنصات النفطية، جزيرة خارك، الفكة، شرق دجلة، الزبيدات، البُستان، دشت عباس، الكرخة نور، جزابة، أم الرصاص، الصخرة، شط علي، جزر مجنون، مريوان، قصر شيرين، وسقز.
كانت هرمزكان على الجبهة البحرية في الخطوط الأمامية. استخدم مجاهدو المحافظة في مضيق هرمز (ممر عبور الأسطول التجاري للنظام البعثي وداعميه الإقليميين كالكويت والسعودية، وكذلك الأسطول الأمريكي المعتدي) زوارق خفيفة سريعة لتنفيذ عمليات بحرية هدفت إلى زعزعة أمن المنطقة للعدو وداعميه.[11]
بلغت هذه الأعمال ذروتها في 18 أبريل 1988م. ففي هذا اليوم، هاجم الأسطول البحري الأمريكي منصة نفط سلمان جنوب جزيرة لافان، ومنصة نفط نصر جنوب شرق جزيرة سيري، وكلاهما يقع ضمن حدود محافظة هرمزكان.[12] ورداً على ذلك، هاجمت الزوارق السريعة التابعة للقوة البحرية لحرس الثورة من جزيرة أبو موسى منصة نفط مبارك وأهدافاً أخرى،[13] بينما اشتبكت سفن سهند وسبلان والفرقاطة جوشن التابعة للمنطقة البحرية الأولى للجيش مع العدو. خلال هذه المعركة، أُسقطت مروحية أمريكية، وغُرقت الفرقاطة جوشن والناقلة سهند، وتضررت الناقلة سبلان.[14]
من بين شهداء هذه العملية يُمکن الإشارة إلى الشهيدین علي زارع نعمتي وإبراهيم حر آبادي من الفرقاطة جوشن، والشهداء عباس عفيفة، وحميد قهرماني أرجاسي، ورضا سلطاني من الناقلة سهند،[15] والشهيدین أسد الله رئيسي وإسحاق دارا من القوة البحرية للحرس الثوري اللذین استهدفا مروحية كوبرا الأمريكية.[16]
في 3 يوليو 1988م في تمام الساعة 10:22 صباحاً، استهدفت طائرة الإيرباص الإيرانية التي كانت متجهة من بندر عباس إلى دبي بصاروخ من البارجة الحربية الأمريكية يو إس إس فينسينس قرب جزيرة هرمز، مما أدى إلى استشهاد جميع الركاب وأفراد الطاقم البالغ عددهم 290 شخصاً.[17] نُقلت جثامين الشهداء إلى بندر عباس بعد جمعها من سطح البحر من قبل أفراد القوة البحرية للجيش والحرس الثوري، ووحدات الطيران البحري للجيش، والقوات الشعبية.[18]
خلال فترة الدفاع المقدس، استقبلت بندر عباس مهاجري الحرب، الذين كان معظمهم من خوزستان، وتم توطينهم في حي 22 بهمن.
قدمت محافظة هرمزكان خلال الحرب المفروضة: 1248 شهيداً، و2476 مُصاباً، و341 أسيراً محرراً. وتحتل جزيرة هرمز أعلى نسبة شهداء مقارنة بعدد سكانها على مستوى البلاد، حيث قدمت 39 شهيداً.[19]
من بين أبرز شهداء المحافظة: الشهيدة فاطمة نيك: التي استشهد تسعة من أقاربها على الجبهات، ومن ضمنهم ثلاثة من أبنائها. واستشهدت هي نفسها في مأساة هجوم النظام السعودي على زوار حرم مكة المكرمة أثناء مسيرة "البراءة من المشركين" عام 1987م، لِتُلقّب بـ"أم الشهداء في إيران".[20] الشهيد علي رضا آرمات (التعبوي من ميناب). نائب أركان فرقة 41 ثار الله الشهيد علي حاجبي. قائد حرس الثورة في جزيرة قشم الشهيد غلام شاه ذاكري. الطيار الشهيد مسعود محمدي؛ قائد السرب 91 في قاعدة بندر عباس المقاتلة.[21]
مع نهاية الحرب المفروضة، بدأ مسار تنمية محافظة هرمزكان. ففي عام 1992م، بدأ بناء مصنع الحديد الإسفنجي في قشم، وفي عام 1993م، دخلت مصفاة بندر عباس النفطية حيز الاستثمار.[22] ومن الصناعات الأخرى التي أُنشئت بعد الحرب: مصنع الألومنيوم والإسمنت في هرمزكان، وشركة بناء السفن والصناعات البحرية الإيرانية (إيْزو). وقد حولت الصناعات المقامة غرب بندر عباس والموقع الاستراتيجي للمحافظة، هرمزكان إلى العاصمة الاقتصادية لإيران.
وفي يوليو 2019م، تمت تسمية مطار بندر عباس الدولي تخليداً لشهداء الرحلة 655، وفي يونيو 2020م، كُشف النقاب عن نصب تذكاري لشهداء حرس الحدود في جزيرة هرمز. ولا يزال النصب التذكاري لشهداء طائرة الإيرباص، الواقع على الساحل الشرقي لبندر عباس وبالقرب من مطارها، قيد الإنشاء ولم يكتمل بعد.[23]
[1]سايباني، أحمد، جغرافيايي تاريخي هرمزگان (الجغرافيا التاريخية لهرمزكان)، بندر عباس: نسيم بادكير، 1399 ش / 2020م، ص 20.
[2] أفشار سيستاني، إيرج، استان هرمزگان (محافظة هرمزكان)، طهران: هيرمند، ص 69.
[3] سايباني، أحمد، المصدر نفسه، ص 26-21
[4] محمديان كوخردي، محمد، شهرستان بستك و بخش كوخرد، ج1 (مقاطعة بستك وقسم كوخرد، ج 1(، دبي، 2005م.
[5] أفشار سيستاني، إيرج، المصدر نفسه، ص 111 و 112.
[6] روزنامه صبح ساحل (جريدة صبح ساحل)، السنة الخامسة والعشرون، ع 4144، السبت 5 مهر 1399 ش / 26 سبتمبر 2020م، ص 2.
[7] ميرزايي، عباس، أطلس يگاني لشكر 41 ثار الله عليه السلام در 8 سال دفاع مقدس (أطلس الوحدات لفرقة 41 ثار الله (ع) في 8 سنوات من الدفاع المقدس)، طهران: مرکز چاپ اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز طبع الوثائق وأبحاث الدفاع المقدس)، 1395 ش / 2016م، ص 8.
[8] كيخا، علي، نبرد فاو البحار (معركة الفاو البحرية)، بندر عباس: رسول، 1400 ش / 2021م، ص 37.
[9] فصلية خطشكنان خليج فارس، السنة الأولى، ع 2، زمستان 1394 ش / شتاء 2016م، ص 12 و 14.
[10] جريدة صبح ساحل، المصدر نفسه.
[11] دفتر پژوهشهاي فرهنگي بنياد شهيد وأمور إيثارگران (مكتب البحوث الثقافية لمؤسسة الشهيد وشؤون المضحين القدامى)، فرهنگ إعلام شهدا استان هرمزگان (معجم أسماء شهداء محافظة هرمزكان)، طهران: شاهد، 1393 ش / 2014م، ص 43.
[12] دانشنامه عملياتهاي ماندگار نيروي دريايي راهبردي ارتش جمهوري إسلامي إيران در دوران دفاع مقدس (موسوعة العمليات الخالدة للقوة البحرية الاستراتيجية لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في فترة الدفاع المقدس)، طهران: سوره مهر، 1398 ش / 2019م، ص 213 مع إضافات.
[13] سليماني سوادكوهي، شاهرخ، إقدامات و نتايج عمليات نيروي دريايي ارتش جمهوري إسلامي إيران در مقابله با تجاوزات و مداخلات عراق و نيروهاي فرامنطقهاي در خليج فارس (إجراءات ونتائج عمليات القوة البحرية لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مواجهة اعتداءات وتدخلات العراق والقوى العابرة للمناطق في الخليج الفارسي)، طهران: دافوس، 1397 ش / 2018م، ص 326.
[14] موسوعة عملياتهاي ماندگار نيروي دريايي راهبردي ارتش جمهوري إسلامي إيران...، المصدر نفسه، ص 208 و 212 و 213 مع إضافات.
[15] المصدر نفسه، ص 400 و 403.
[16] فصلية خطشكنان خليج فارس، المصدر نفسه، ص 14 مع إضافات.
[17] فصلية صنايع هوايي، السنة السادسة والعشرون، ع 298، تير 1395 ش / يوليو 2016م، ص 26 و 27.
[18] فصلية خطشكنان خليج فارس، المصدر نفسه، ص 33.
[19] دفتر پژوهشهاي فرهنگي بنياد شهيد وأمور إيثارگران()، المصدر نفسه.
[20] بغلاني، محسن، متولد ماه مهر قصه دختراي خوب، ج1 (مولود شهر مهر، قصة الفتيات الطيبات، ج 1(، طهران: قدر ولايت، 1397 ش / 2018م، ص 33 و 34.
[21] فصلية خطشكنان خليج فارس، ع 8، پاييز 1396 ش / خريف 2017م، ص 23.
[22] أفشار سيستاني، إيرج، المصدر نفسه، ص 396.
[23] فصلية خطشكنان خليج فارس، پيوست راهيان نور دريايي (ملحق رحلات النور البحرية)
