الأماكن

قاعدة شيراز الجوية المقاتلة السابعة

إعداد: محسن شيرمحمد نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
40 دورہ

تُعدّ قاعدة شيراز الجوية المقاتلة السابعة من القواعد الجوية التي تأسست في موقع المطار القديم على أطراف مدينة شيراز، ولعبت دوراً في الدفاع عن أجواء البلاد خلال فترة "الدفاع المقدس".

يعود تأسيس قاعدة شيراز إلى منتصف الخمسينيات الميلادية. ففي عام 1956م، تشكَّلت قاعدة شيراز الجوية بنشر طائرتين أحاديتي المحرك من طراز L-20 في المطار القديم.[1] بعد ذلك، في عام 1963م، أُنشئت القاعدة الخامسة للنقل الجوي في شيراز بقوام خمس طائرات نقل من طراز هركوليس C-130. وبعد سبع سنوات، في يوليو 1970م، تغير اسمها إلى القاعدة السابعة المستقلة للنقل. في 20 فبراير من العام نفسه، ومع نشر كتيبتين من الطائرات المقاتلة القاذفة من طراز F-4، عُززت القوة الجوية للقاعدة، وأصبحت تُعرف باسم القاعدة المقاتلة السابعة. وفي التوقيت نفسه، ازداد عدد وحدات طائرات C-130 لتصبح كتيبتين. في بداية عام 1975م، شُكِّل مقر القيادة التكتيكية الجوية في القاعدة السابعة، وأصبحت جميع القواعد المقاتلة تابعة لهذه القيادة. وفي عام 1977م، نُشرت مقاتلات F-14 في هذه القاعدة بقوام سرب يتألف من 15 طائرة، مما وسَّع دور القاعدة السابعة في حراسة أجواء جنوب البلاد.

بعد انتصار الثورة الإسلامية في عام 1979م، طرأت تغييرات جديدة على القوات الجوية، من ضمنها حلّ مقر القيادة التكتيكية الجوية. وبذلك، أصبحت القواعد المقاتلة، بما فيها القاعدة السابعة، تخضع مرة أخرى لإشراف مساعدية عمليات قيادة القوات الجوية.[2]

مع بداية الأزمات الداخلية في مناطق مختلفة من البلاد بعد الثورة، قدمت قاعدة شيراز الدعم للقوات المسلحة في التصدي للنشاطات المعادية للثورة.[3] في عام 1980م، وقبيل اندلاع الحرب المفروضة، كانت القاعدة السابعة تملك 16 مقاتلة F-14، إلى جانب 22 طائرة نقل من طراز C-130، و6 طائرات دورية بحرية من طراز P-3F.[4]

كانت قاعدة شيراز إحدى القواعد الجوية التي استهدفها العراق في 22 سبتمبر 1980م، إلا أن القصف لم يسفر عن أي خسائر في الأرواح أو المعدات.[5] وفي اليوم ذاته، نفذت القاعدة السابعة المقاتلة عدة إجراءات لمواجهة العدو، شملت 9 طلعات جوية لمهام الغطاء الجوي بمقاتلات F-14 من أجل الدفاع الجوي، و16 طلعة جوية لمهام النقل اللوجستي بطائرات C-130 لنقل القوات والمعدات العسكرية.[6] وفي اليوم التالي، وضمن عملية "كمان-99" التي هدفت إلى شن هجوم جوي واسع النطاق على القواعد والمراكز العسكرية العراقية الرئيسية، شاركت قاعدة شيراز أيضاً، حيث نفذت مقاتلات F-14 12 طلعة جوية لتوفير الحماية والحراسة الجوية للمقاتلات الصديقة والتصدي للهجمات الجوية المعادية.[7]

كانت كتيبة الاستطلاع بعيد المدى وحدة حيوية في قاعدة شيراز، وتضم طائرات P-3F، وهي طائرات دورية بحرية تستخدم أربعة محركات.[8] على الرغم من أن هذه الطائرات كانت خارج الخدمة لأشهر بعد الثورة، إلا أن جهود الاختصاصيين في القوات الجوية أدت إلى تجهيزها وإعادتها بسرعة إلى الأسطول الجوي مع بداية الحرب المفروضة.[9] قامت كتيبة الاستطلاع في شيراز برحلات جوية استكشافية مكثفة فوق الخليج الفارسي، ومضيق هرمز، وبحر عمان. وكان لهذه البعثات أهمية في تحديد هوية وموقع جميع القطع البحرية العسكرية والتجارية الأجنبية في المنطقة. كانت البيانات الاستخباراتية التي حصلت عليها طائرات P-3F، بالإضافة إلى التصوير الجوي، تُنقل إلى قيادة الاستخبارات الجوية وإلى القوات البحرية. كانت هذه المعلومات حاسمة في توجيه القرارات والعمليات العسكرية للجيش، لا سيما العمليات البحرية.[10]

وفي عملية "مرواريد" التي أدت إلى شلّ القوة البحرية العراقية في 28 نوفمبر 1980م، كان لقاعدة شيراز دور قتالي مباشر. حيث حلقت مقاتلات F-14 التابعة للقاعدة في 9 طلعات حماية جوية لإسناد القوات البحرية، وتمكنت خلال هذه الطلعات من تدمير طائرة معادية.[11]

شاركت طائرات C-130 التابعة لقاعدة شيراز في نقل الذخائر والمعدات، بالإضافة إلى الجنود العسكريين، خلال مختلف العمليات إبان فترة الدفاع المقدس. ومن الأمثلة على ذلك نقل 1500 مقاتل من مجاهدي الإسلام من مشهد إلى خوزستان لعملية "بيت المقدس".[12]

في حرب الناقلات في الخليج الفارسي، قامت مقاتلات F-14 التابعة للقاعدة السابعة بمرافقة ناقلات النفط عبر تنفيذ عمليات التزود بالوقود جواً وطلعات ليلية ونهارية مستمرة. وقد منعت هذه الإجراءات الهجمات الجوية المعادية، مما سمح لصادرات النفط الإيرانية بالاستمرار.[13] في النصف الثاني من عام 1985م، نُقلت مقاتلات F-14 التابعة لهذه القاعدة إلى قاعدة أصفهان الجوية لترشيد تكاليف الصيانة. وفي أعقاب ذلك، تم نشر كتيبة مقاتلات تدريبية من طراز F-5 في قاعدة شيراز عام 1986م.[14]

تعرضت الأقسام العسكرية والمدنية لمطار شيراز لقصف من مقاتلات العدو في 15 أكتوبر 1986م، مما أدى إلى تدمير طائرتي بوينغ 747 بالكامل، وإصابة طائرة بوينغ 747 أخرى بأضرار جسيمة. كما لحقت خسائر بطائرة ركاب مدنية خلال هذا القصف.[15]

بعد فترة الدفاع المقدس، أُعيدت تسمية قاعدة شيراز لتصبح "المنطقة الجوية للشهيد دوران"، تخليداً لذكرى اللواء الطيار عباس دوران الذي استُشهد في عملية قصف بغداد.[16] أُضيفت معدات طيران جديدة إلى أسطول القاعدة السابعة، بما في ذلك قاذفات سوخوي-24 (Su-24) وطائرات النقل الثقيل إليوشن-76 (Il-76).[17] وحالياً، تُجرى أعمال الصيانة الأساسية والإصلاح الجذري لقاذفات سوخوي-24 وطائرات النقل C-130 في قاعدة شيراز.[18] كما تم بناء جهاز محاكاة طيران (سيميليتور) لطائرة سوخوي-24 بجهود الخبراء المتخصصين في هذه القاعدة، ويُستخدم هذا الجهاز في تدريب الطيارين.[19] من أبرز القادة والطيارين الذين خدموا في قاعدة شيراز خلال الحرب المفروضة: حسن شالجيان، محمد فرح‌آور، محمد مسبوق، ويد الله خليلي.[20] ويتولى قيادة المنطقة الجوية للشهيد دوران شيراز حالياً العميد الثاني الطيار مسعود جعفري.[21]

 

 

[1] آرياني، حامد، "پرواز از فارس تا آسمان خلیج فارس" (التحليق من فارس إلى سماء الخليج الفارسي(، مجلة صَف، العدد 417، بهمن 1394 ش / فبراير 2016م، ص 19.

[2] نمكي عراقي، علي رضا وآخرون، تاریخ نبردهای هوایی - عملیات کمان -99 )تاريخ المعارك الجوية - عملية كمان-99)، ج 3، طهران، مرکز انتشارات راهبردی نهاجا (مركز النشر الاستراتيجي لنهاجا)، 1396 ش / 2017م، ص 58.

[3] آرياني، حامد، المصدر نفسه، ص 20.

[4] زينلي، نصر الله، آماد و پشتیبانی هوایی در دفاع مقدس («الإمداد والإسناد الجوي في الدفاع المقدس»)، طهران، مرکز انتشارات راهبردی نهاجا (مركز النشر الاستراتيجي لنهاجا)، 1394 ش / 2015م، ص 261 و 264.

[5] أنصاري، مهدي وآخرون، روزشمار جنگ ایران و عراق )اليوميات الزمنية للحرب الإيرانية العراقية)، ج 4، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ (مركز دراسات وبحوث الحرب)، ط 2، 1375 ش / 1996م، ص 57.

[6] هیئت تدوین تاريخ دفاع مقدس، تقویم مستند عملکرد نیروی الهی هوایی ارتش جمهوری اسلامی ایران)التقويم الموثق لأداء القوات الجوية لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية)، مهر 1359 ش / أكتوبر 1980م، ج 3، طهران، مرکز انتشارات راهبردی نهاجا (مركز النشر الاستراتيجي لنهاجا)، 1397 ش / 2018م، ص 26.

[7] المصدر نفسه، ص 63؛ نمكي عراقي، علي رضا وآخرون، المصدر نفسه، ص 30، 97 و 98.

[8] شيرمحمد، محسن، چشمان عقاب، طهران، مرکز انتشارات راهبردی نهاجا (مركز النشر الاستراتيجي لنهاجا)، 1396 ش / 2017م، ص 50.

[9] زينلي، نصر الله، المصدر نفسه، ص 320.

[10] شيرمحمد، محسن، چشمان عقاب، ص 50؛ شيرمحمد، محسن، "پاکبازان عرصه عشق" (المُضحّون في ساحة العشق(،ماهنامه صنایع هوایی (مجلة الصناعات الجوية)، العدد 315، مرداد تا مهر 1397 ش / أغسطس إلى أكتوبر 2018م، ص 28.

[11] مسبوق، محمد وعلي رضا جواهري، عملیات مروارید«(عملية مرواريد)، طهران، مرکز انتشارات راهبردی نهاجا (مركز النشر الاستراتيجي لنهاجا)، 1394 ش / 2015م، ص 171 و 172؛ نمكي عراقي، علي رضا وآخرون، المصدر نفسه، ص 77.

[12] آرياني، حامد، المصدر نفسه، ص 20.

[13] المصدر نفسه، ص 20.

[14] نمكي عراقي، علي رضا وآخرون، المصدر نفسه، ص 58.

[15] أنصاري، مهدي وآخرون، المصدر نفسه، ص 351 و 352.

[16] آرياني، حامد، المصدر نفسه، ص 19؛ وكالة أنباء فارس، 13 اسفند 1391 ش / 3 مارس 2013م، . www.farsnews.ir/news/13911212001049.

[17] آرياني، حامد، المصدر نفسه، ص 21.

[18] آرياني، حامد، المصدر نفسه، ص 21 و 32.

[19] "شبیه‌ساز سوخو-24" (محاكي سوخوي-24(، مجلة صَف، العدد 417، بهمن 1394 ش / فبراير 2016م، ص 32.

[20] مسبوق، محمد وعلي رضا جواهري، المصدر نفسه، ص 193، 198 و 203؛ نمكي عراقي، علي رضا وآخرون، المصدر نفسه، ص 59 و 60.

[21] وكالة أنباء فارس، 6 فروردین 1399 ش / 25 مارس 2020م. www.farsnews.ir/news/13990106000323