الأماكن

خور موسى

إعداد: مريم لطيفي نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
6 دورہ

يقع خور موسى في الخليج الفارسي، ضمن نطاق ميناء الإمام الخميني في محافظة ماهشهر، وذلك في الجزء الشمالي الغربي من الخليج الفارسي وفي جنوب محافظة خوزستان الإيرانية.

يمتد خور موسى من الشمال حتى ميناء ماهشهر، وغرباً حتى نهر بهمنشير. يبلغ عرض مدخله حوالي 150 متراً، فيما يبلغ متوسط عرضه نحو 37 كيلومتراً، ويضيق عند القرب من ميناء الإمام الخميني ليصبح عرضه حوالي كيلومترين. يمتد الخور لمسافة تصل إلى 77 كيلومتراً نحو الشمال والشمال الغربي، ثم ينحرف نحو الشرق لينتهي عند ميناء ماهشهر.

يتراوح عمق الخور بين 20 و 40 متراً؛ وقد أتاح هذا العمق للسفن العابرة للمحيطات المرور والإبحار فيه بسهولة. ومن الموانئ الواقعة على ساحله: ميناء بوزي؛ الواقع في نهاية خور دورق، وميناء ماهشهر، وميناء الإمام الخميني.[1] يضم خور موسى عدداً من الجزر غير سكنية، من ضمنها دارا وبونه وقبر ناخدا.[2]

طرحت المصادر التاريخية والجغرافية عدة وجهات نظر حول سبب تسمية خور موسى، لكن الرأي الأكثر شيوعاً هو تسمية الخور تيمناً بموسى، الذي كان أحد قباطنة الخور المشهورين.[3]

يكتسب خور موسى أهمية كبرى بفضل موقعه الجغرافي، ووجود ميناء الإمام الخميني ومرافقه الحديثة لتحميل وتفريغ البضائع، وقدرة الميناء على استقبال عدد كبير من السفن، بالإضافة إلى وجود ميناء ماهشهر على ساحله، وتوفر طرق الوصول البرية إليهما.[4] قبل يوم واحد من الهجوم الشامل، وتحديداً في 21 سبتمبر 1980م، استهدف العراق سفينة إيرانية تُدعى "آزادي" في هذا الخور.[5]

مع بدء الهجوم العراقي على إيران في 22 سبتمبر 1980م، تمكن الجيش العراقي من التقدم على محور شلمجة-خرمشهر-عبّادان، عبور نهر كارون، والاستيلاء على طريق عبّادان-الأهواز، ثم قطع طريق عبّادان-ماهشهر أيضاً، ليُحكم بذلك الحصار الكامل على المنطقة براً. بالنظر إلى هذا الحصار، أصبح المسار الوحيد المتاح لدعم المجاهدين في عبّادان هو الطريق البحري عبر ميناء الإمام الخميني إلى خور موسى ثم نهر بهمنشير (تشويبده)، وكانت تتم عملية الإمداد بواسطة المراكب الصغيرة (اللنج). احتفظ هذا الطريق بأهمية بالغة في دعم المجاهدين المتمركزين في عبّادان حتى تاريخ إنشاء طريق الشهيد شهشهاني (وحدت).[6]

مع توقف عمل ميناءي عبّادان وخرمشهر نتيجة للحرب المفروضة، كثّف العراق جهوده لزعزعة الأمن وإغلاق الممر المائي لخور موسى. كان الهدف هو منع حركة السفن التجارية المتجهة إلى ميناء الإمام الخميني. في 15 أكتوبر 1980م، تعرضت القاطرة "پيام" والسفينة "نوید" لهجوم من قبل طائرتين مقاتلتين عراقيتين وهما في طريق مغادرتهما خور موسى إلى بندر عباس.[7] وفي 25 أكتوبر 1981م، تعرضت سفينتان تجاريتان، إحداهما إيرانية والأخرى هندية، لهجوم صاروخي عراقي أثناء مغادرتهما ميناء الإمام الخميني بعد تفريغ حمولتهما. وقد غرقت السفينة الإيرانية "إيران رضوان" بالقرب من خور موسى، واشتعلت النيران في السفينة الهندية "فيش فيشو ميترا".[8] وتكررت الهجمات، ففي 6 يونيو 1982م، تعرضت السفينة اليونانية "كودلاك" (الحاملة لـ 27 ألف طن من سماد اليوريا الكيماوي) لهجوم من طائرات عراقية.[9] وفي 26 يونيو 1982م، تعرضت سفينة يونانية أخرى في خور موسى لهجوم صاروخي أدى إلى اشتعال النيران فيها.[10]

في 9 أغسطس 1982م، تعرضت السفينة اليونانية "ليستون برايد" والسفينة "بنو سامبو" (المستأجرة من كوريا الجنوبية)، بعد تفريغ حمولتهما في ميناء ماهشهر، لإصابة بصاروخ مروحية، مما أدى إلى غرق السفينة "ليستون برايد".[11] و في عام 1982م، شنّ العراق هجمات على السفن الإيرانية والأجنبية التي كانت تعبر خور موسى في 4، 8، 9، 11، 13، و 17 سبتمبر، وكذلك في 18 ديسمبر.[12]

في 2 يناير 1983م، استهدفت هجمات عراقية ثماني سفن تجارية متجهة من بوشهر إلى ميناء الإمام الخميني عند مدخل خور موسى، مما ألحق أضراراً بالسفينة السنغافورية "إيسترن هانتر" والليبيرية "أرتيت هورايزن".[13] كانت هذه الهجمات تنفذ باستخدام المروحيات والطائرات وقاعدة صواريخ عراقية متمركزة في رأس البيشة.[14]

بهدف الحد من الهجمات العراقية المتكررة، تقرر ابتداءً من عام 1983م تسيير السفن التجارية القادمة من ميناء بوشهر والمتجهة إلى ميناء الإمام الخميني، أو المغادرة منه، في قوافل عسكرية. كانت هذه القوافل تُنظَّم على فترات تتراوح بين عشرة وعشرين يوماً، وتُزود بحماية عسكرية شاملة شملت: طائرات مقاتلة من سلاح الجو، ومروحيات من سلاح الطيران التابع للجيش (هوانيروز) وشركة النفط، وزوارق دورية من القوة البحرية للجيش، وقوارب سريعة مسلحة وقاطرات من الحرس الثوري، بالإضافة إلى كافة المعدات اللازمة لتأمين عبور السفن.[15]

ومع ذلك، كان العراق يستطيع الحصول على معلومات استخباراتية حول مواعيد تحرك القوافل، مما مكنه من الاستمرار في شن الهجمات عليها. لم تكن أنظمة الدفاع الجوي المُخصصة لحماية القوافل فعالة بالقدر الكافي، وكثيراً ما كانت تتعرض عدد من السفن في القافلة لإصابات من صواريخ عراقية.[16] منها:

12 سبتمبر 1983م تعرضت قافلة مكونة من 21 سفينة متجهة إلى ميناء الإمام الخميني لقصف جوي عراقي، لكنها لم تتكبد خسائر كبيرة.[17]

في 12 أكتوبر 1983م تعرضت قافلة مكونة من 19 سفينة كانت تغادر ميناء الإمام الخميني لهجوم عراقي، مما أدى إلى غرق السفينة "إيران شهادت" بعد إصابة غرفة محركها بصاروخ.[18]

في 31 أكتوبر 1983م تعرضت قافلة من 20 سفينة تجارية كانت في طريقها للدخول إلى ميناء الإمام الخميني لإطلاق ثلاثة صواريخ عراقية على المنطقة، أصاب أحدها السفينة اليونانية "أورا" (التي كانت تحمل 10 آلاف طن من الأسمدة الكيماوية) عند مدخل خور موسى، مما أدى إلى اشتعال النيران فيها.[19]

في 21 نوفمبر 1983م تعرضت 23 سفينة تجارية قادمة من بوشهر للتفريغ و 17 سفينة تجارية جاهزة للمغادرة لهجوم عراقي أثناء اقترابها من خور موسى، مما ألحق أضراراً بسفينتي شحن.[20]

كذلك، تعرضت قوافل السفن التي كانت تسعى للدخول إلى ميناء الإمام الخميني أو مغادرته لهجمات عراقية في التواريخ التالية: 8 ديسمبر 1983م، و25 أبريل 1984م، و1 يوليو 1984م، و10 يوليو 1984م، و11 أغسطس 1984م.[21]

مع بدء التشغيل الأولي للمرحلة الأولى من ميناء الشهيد رجائي في بندر عباس في سبتمبر 1984م، وتطويره اللاحق حتى نهاية الحرب، انخفض تردد السفن في خور موسى بشكل حاد، مما أدى عملياً إلى تحييد الهجمات التي كان يشنها الجيش العراقي في هذا الممر المائي.[22]

بعد نهاية الحرب المفروضة، بدأت أعمال إعادة البناء وإصلاح الأضرار التي لحقت بالأرصفة والمنشآت والمعدات في ميناء الإمام الخميني وميناء ماهشهر، وعادت حركة السفن في هذا الممر المائي إلى ازدهارها السابق.[23]

خلال سنوات الحرب الثماني المفروضة، غرقت 7 سفن في خور موسى. وبعد الحرب، تم التركيز على إخراج هذه السفن بهدف: تطهير مسار خور موسى، زيادة سلامة الملاحة، تقليل الحوادث والعوائق، حماية البيئة البحرية، وخفض تكاليف التجريف. استمرت جهود إخراج هذه السفن حتى عام 2018م. [24]

إلى جانب السفن التي غرقت أثناء الحرب، يتم أيضاً الاهتمام بإزالة السفن التي تغرق نتيجة حوادث لاحقة. على سبيل المثال، في نوفمبر 2021م، تم انتشال السفينة "سارا" التي غرقت في خور موسى نتيجة حادث وقع عام 2005م.[25]

وأخيراً، ومن أجل رفع السعة القصوى للممر المائي، تحسين أمان الملاحة، والسماح بعبور سفن تصل حمولتها إلى 80 ألف طن على مدار الساعة، يتم تنفيذ عمليات تجريف متواصلة لمسار الوصول إلى خور موسى. وقد انطلقت المرحلة الأخيرة من هذه العمليات في فبراير 2021م، ووصلت نسبة إنجازها إلى 71% حتى نهاية ديسمبر 2022م.[26]

 

[1] حداد عادل، غلامعلي (بإشراف)، دانشنامۀ جهان اسلام(موسوعة العالم الإسلامي)، ج 16، طهران: مؤسسة دائرة المعارف الإسلامية، 1375 ش/ 1996م، ص 438.

[2] أمين سبحاني، إبراهيم، "خورموسی"، مجلة "علوم إنساني" لجامعة سيستان وبلوشستان، ع 4، ربيع وصيف 1376 ش/ 1997م، ص 75.

[3] قيّم، بهادر، تاريخ هشتاد ساله بندر امام خميني(ره) (تاريخ الثمانين عاماً لميناء الإمام الخميني)، أصفهان: هماي رحمت، 1388 ش/ 2009م، ص 61-67.

[4] بختياري، مسعود، بندر امام خمینی(ره) و سیادت دریایی(ميناء الإمام الخميني والسيادة البحرية)، طهران، إيران سبز، 1391 ش/ 2012م، ص 13.

[5] سليماني خواه، نعمت الله، تصمیم صدام به جنگ علیه ایران: لغو یک جانبه معاهده 1975 الجزایر(قرار صدام بشن الحرب على إيران: الإلغاء الانفرادي لمعاهدة 1975 بالجزائر)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1394 ش/ 2015م، ص 1175.

[6] لطف الله زادگان، عليرضا، هویزه، آخرین گام‌های اشغالگر: زمینگیر شدن و توقف کامل دشمن(الحويزة، الخطوات الأخيرة للمحتل: شلّ العدو وتوقفه التام)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1373 ش/ 1994م، ص 75-77. بختياري، مسعود، المصدر نفسه، ص 11.

[7] صادقي كويا، نجاتعلي، دفاع از آبادان: دفاع از آبادان در سال اول جنگ تحمیلی(الدفاع عن عبّادان: الدفاع عن عبّادان في العام الأول للحرب المفروضة)، طهران: إيران سبز، 1391 ش/ 2012م، ص 61.

[8] لطف الله زادگان، عليرضا، آزادسازی سرزمین‌های ایران- گام دوم : بستان؛ اوج‌گیری ترورهای کور، تشکیل دولت پس از بحران(تحرير الأراضي الإيرانية - الخطوة الثانية: بستان؛ تصاعد الاغتيالات العمياء، تشكيل الحكومة بعد الأزمة)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1394 ش/ 2015م، ص 309.

[9] حبيبي، أبوالقاسم، آزادسازی خرمشهر: پایان رویای تجزیه ایران (تحرير خرمشهر: نهاية حلم تقسيم إيران)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1379 ش/ 2000م، ص 798.

[10] لطف الله زادگان، عليرضا، عبور از مرز: تعقیب متجاوز با عملیات رمضان (عبور الحدود: ملاحقة المعتدي بعملية رمضان)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1381 ش/ 2002م، ص 73. 

[11] المصدر نفسه، ص 575.

[12] لطف الله زادگان، عليرضا، عملیات مسلم بن عقیل: آزادی ارتفاعات سومار و تهدید مندلی – تصویب قطعنامه 522 شورای امنیت (عملية مسلم بن عقيل: تحرير مرتفعات سومار وتهديد مندلي – قرار مجلس الأمن 522)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1391 ش/ 2012م، ص 203، 252، 267، 295، 317، 371. و لطف الله زادگان، عليرضا، والفجر مقدماتی: دستگیری مرکزیت حزب توده و افزایش تیرگی روابط با شوروی (والفجر التمهيدية: اعتقال قيادة حزب توده وتزايد توتر العلاقات مع الاتحاد السوفيتي)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1392 ش/ 2013م، ص 50.

[13] لطف الله زادگان، عليرضا، المصدر نفسه، ص 167.

[14] لطف الله زادگان، عليرضا وإيرج همتي، نخستین عملیات بزرگ در شمال غرب: والفجر 4 (أول عملية كبيرة في الشمال الغربي: والفجر 4)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1397 ش/ 2018م، ص 426.

[15] المصدر نفسه، ص 39-40.

[16] نعمتي، يعقوب وآخرون، آماده‌سازی عملیات والفجر 4: تجهیز عراق به جنگنده‌های سوپراتاندارد؛ تهدید ایران به بستن تنگه هرمز(التحضير لعملية والفجر 4: تزويد العراق بمقاتلات سوبر إيتاندارد؛ تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)،1394 ش/ 2015م، ص 426.

[17] المصدر نفسه.

[18] المصدر نفسه، ص 1043.

[19] لطف الله زادگان، عليرضا وإيرج همتي، المصدر نفسه، ص 436.

[20] المصدر نفسه، ص 810-811.

[21] المصدر نفسه، ص 1035. يزدانفام، محمود، آغاز جنگ نفتكش‌ها: توافق غير مستقيم برای قطع حملات به مناطق مسكونی(بداية حرب الناقلات: اتفاق غير مباشر لوقف الهجمات على المناطق السكنية)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1397 ش/ 2018م، ص 100، 791، 875. و نعمتي وروجني، يعقوب وحجت الله كريمي، ركود در جبهه؛ تحرک در ديپلماسی(ركود في الجبهة؛ وحراك في الدبلوماسية)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1398 ش/ 2019م، ص 473.

[22] قيّم، بهادر، تاريخ هشتاد ساله بندر امام خميني(ره) (تاريخ الثمانين عاماً لميناء الإمام الخميني)، أصفهان، هماي رحمت، 1388 ش/ 2009م، ص 202.  بختياري، مسعود، بندر امام خمینی(ره) و سیادت دریایی (ميناء الإمام الخميني والسيادة البحرية)، طهران، إيران سبز، 1391 ش/ 2012م، ص 23.

[23] بختياري، مسعود، المصدر نفسه.

[24] صحيفة كيهان، ع 21643، 20/3/1396 ش/ 10 يونيو 2017م، ص 7. و https://www.isna.ir/news/97061306604.

[25] https://www.mehrnews.com/news/5357073.

[26] صحيفة دنياي اقتصاد، ع 1002، 20/4/1385 ش/ 11 يوليو 2006م، ص 27. و صحيفة رسالت، ع 7128، 18/8/1389 ش/ 9 نوفمبر 2010م، ص 16. و https://mana.ir/fa/news/94814.