العمليات

عملیات بیت‌المقدس

لیلا آزاده
43 دورہ

عملية بيت المقدس هي  من أكبر العمليات الإيرانية لتحرير المناطق المحتلة من قبل جيش العراق،التي تم بتنفیذها من خلالها تحرير 5038 كيلومتر مربع من الأراضي المحتلة، بما في ذلك مدن خرمشهر، هويزه، معسكر حميد وطريق الأهواز - خرمشهر.

بعد تحرير مناطق غرب نهر الكرخة في عملية فتح المبين في اواخر مارس، دخلت المنطقة العامة غرب نهر الكارون، وهي آخر منطقة محتلة في جبهة الجنوب تحت سيطرة العراق، في سلسلة من عمليات تحرير المناطق المحتلة، وتمت تهيئة الظروف لتنفيذ عملية بيت المقدس.[1]

كانت أهداف عملية بيت المقدس تدمير قوات العراق وتحرير الأراضي المحتلة غرب نهر كارون وتهديد البصرة لإجبار العراق على دفع تعويضات الحرب. كان لتحرير خرمشهر أهمية استراتيجية وسياسية خاصة. ومن بين أهداف هذه العملية أيضاً إبعاد مدن الأهواز، حميدية، سوسنغرد وطريق الأهواز - عبادان عن مدى المدفعية بعيدة المدى للعراق، وترميم الحدود الدولية وتحرير الطريق المواصلاتي بين الأهواز وخرمشهر. ‌‌[2]

تم تصميم عملية بيت المقدس على أربع مراحل.[3] كانت منطقة العمليات محاطة بأربعة حواجز طبيعية، حيث يحدها من الشمال نهر الكرخة كور، ومن الجنوب نهر أروند، ومن الشرق نهر كارون، ومن الغرب هور الهويزة وشط العرب، وكانت ارض المنطقة متصلة ومستطيلة الشكل.[4]

كانت التعاون الوثيق بين الحرس الثوري والجيش وجهاد البناء في عملية بيت المقدس نقطة مهمة في تنظيم القتال لهذه العملية، والتي لم يكن لها نظير في فترة الحرب.[5]

كانت «مقر كربلاء» تتكون من أربعة مقرات: قدس، فتح، نصر، وفجر، تشمل سبع فرق وخمس ألوية مستقلة من الجيش والحرس الثوري، وكانت تتحكم في العمليات وتوجهها.[6] كان علي صیاد شیرازي من الجيش ومحسن رضایي من الحرس الثوري يقودان المقر كربلاء المركزي. وكان قيادة مقر قدس تحت إشراف عزیز جعفري من الحرس الثوري وسيروس لطفي من الجيش. وكان غلامعلي رشید من الحرس الثوري ومسعود منفرد نیارکي من الجيش قادة مقر فتح، بينما كان مقر نصر تحت قيادة حسن باقري من الحرس الثوري وحسین حسني‌سعدي من الجيش،[7] وكان جهاد البناء مسؤولاً عن إنشاء السدود الترابي والطرق والجسور والخنادق قبل وأثناء وبعد كل مرحلة من هذه العملية.

تم تنفيذ العملية في أول 30 دقيقة من الصباح الجمعة 30 إبریل 1982م، بکلمة السرّ «یاعلي بن أبي طالب عليه السلام».[8]

تم تخصيص المحور الشمالي لمنطقة العمليات لقيادة قدس (بعبور من نهر الكرخة نور)، والمحور الأوسط لمقر فتح (بعبور من نهر كارون والتقدم نحو طريق الأهواز - خرمشهر)، والمحور الجنوبي لقيادة نصر (عبور من كارون والتقدم نحو شمال خرمشهر).[9]

في المرحلة الأولى من العملية، اشتبكت وحدات قيادة قدس مع القوات العراقية، وتمكنت فقط في أحد المحاور من السيطرة على مواقعهم في جنوب الكرخة. وصلت قيادة فتح إلى طريق الأهواز - خرمشهر بعد السيطرة على فوق الجسر والتقدم. عبرت قيادة نصر النهر، ولكن بسبب عدم التنسيق في التقدم عند طلوع  الفجر و ضوء النهارتعرضت لهجوم مضاد من العدو وتعرض الجناح الأيسر لمنطقة رأس الجسر للتهديد. استعاد العراقيون موقع الاختراق لقيادة قدس في المحور الشمالي. في محور قيادة فتح، وبسبب عدم التحاق قيادتي نصر وفتح، ضغطت القوات العراقية بشدة لاستعادة منطقة فوق الجسر. مع مقاومة القوات الإيرانية، تم ترميم بعض الاختراقات، لكن قوات قيادة قدس تراجعت إلى مواقعها الأصلية.[10]

في المرحلة الثانية من العمليات، وصلت قوات مقر فتح في بداية الهجوم إلى الطريق الحدودي. كانت قوات مقر نصر تحت ضغط شديد من العراقيين، لكن بالاعتماد على القناة التي كانت تعتبر خط الحد بين مقر فتح ومقر نصر، قاوموا امام هجمات العراق، وفي النهاية تراجعت القوات العراقية من غرب الطريق وتم تحرير طريق الأهواز - خرمشهر، وأصبح عمق القوات الإيرانية يعتمد على البر بدلاً من الاعتماد على نهر كارون، مع الاتصال بالأهواز.[11]

بدأت المرحلة الثالثة من العمليات بهدف تسريع تدمير القوات العراقية وزيادة عدد الأسرى والغنائم وتحرير خرمشهر. كان تركيز العراقيين في خرمشهر وإرهاق القوات الإيرانية يجعل التقدم نحو الأهداف صعبًا. في هذه المرحلة لم تتحقق الأهداف، لكن تم تدمير جزء من القوات العراقية. [12]

في المرحلة الرابعة من العمليات، وصلت قوات مقر فتح إإلى شرطة طريق خرمشهر، واستولت قوات مقر فجر على بل‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌نو وتقدمت نحو نهر أروند. تقدمت قوات مقر نصر على طول الحدود وقامت بتطهير وتدمير قوات البعثیه  العراقیه، متجهة نحو الجنوب ونهر خين. لم تحقق مقاومة العراقيين، خاصة في بل‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌نو ، بهدف الحفاظ على مؤخرة قواتهم أي نتيجة، وفي النهاية، في (24 مايو 1982)، على عكس توقعات العراقيين الذين كانوا في كمين عند الأبواب الشرقية والشمالية والجنوبية، دخلت القوات الإيرانية من الأبواب الغربية والشمالية، ومن نفس المحور الذي دخلت منه القوات العراقية إلى خرمشهر، وحررت المدينة.[13]

كانت الخسائر والأضرار التي لحقت بالعراق في هذه العملية ملحوظة. تم تحرير 5400 كيلومتر مربع من الأراضي المحتلة في إيران. قُتل وأصيب 16 ألف من قوات العدو، وأسر 19 ألف شخص على يد مجاهدي الإسلام. تم تدمير خمسين مركبة، و5500 دبابة ومدرعة، وعشرات المدافع، و53 طائرة، وثلاث مروحيات عراقية في هذه العملية. حققت انتصارات عملية بيت المقدس بتقديم حوالي ستة آلاف شهيد وحوالي 25 ألف جريح. [14]   

 

هناك نكته مهمه ينبغي التوجه اليها

 

فتح خرمشهر كان نتيجة لتكتيكات فريدة لم يكن لدى العراقيين أي استعداد لمواجهتها أو السيطرة عليها. [15]  انتصار إيران في عملية بيت المقدس وتحرير خرمشهر أحدث تحولاً استراتيجياً في مسار الحرب. كان تغيير التوازن في المنطقة من أحد أهم النتائج التي أسفر عنها انتصار إيران. ومنذ ذلك الحين، أصبح كل جهد الولايات المتحدة  مرکزا  على إنهاء الحرب دون فائز وإقامة وقف إطلاق النار. كما تدفقت المساعدات من داعمي صدام إلى العراق للحفاظ على ثقته بنفسه.[16]

في 24 مایو 1982م، أصدر الإمام خميني قدس سره الشريف رسالة تهنئة بهذه المناسبة، معرباً عن امتنانه لقادة القوات المسلحة والمقاتلین وشعب إيران.[17]

فيما يتعلق بسبب تسمية عملية بيت المقدس، قال محسن رضائي، القائد العام في ذلك الوقت للحرس الثوري، في رسالة إذاعية: "من خلال تسمية عمليتنا أثبتنا أننا لا نعتزم بأي شكل من الأشكال التعدي على أي دولة، وهدفنا هو طرد الأجانب والمرتزقة الذين دخلوا أراضينا، وهدفنا الأساسي في النهاية هو بيت المقدس وحرية بيت الله، الذي يجب أن نحرره من دنس الصهاينة الدوليين والإمبرياليين المتغطرسين الناهبي العالم." [18]

تم إنتاج العديد من الأفلام والمسلسلات حول خرمشهر وعملية تحريرها، مثل "حريم مهرورزي"، "فتح خرمشهر"، بلمي به سوي ساحل «بلم إلى الساحل»، «كيميا»، سرزمین خورشید «أرض الشمس»، دوئل«مبارزة»، روز سوم «اليوم الثالث»، خاک سرخ «تراب أحمر»، قفسي براي برواز «قفص للطيران»، در جشم باد «في عين الريح»، و غل‌هاي غرمسیري «زهور المناطق الحاره ». كما أن مهرجان مسرح فتح خرمشهر هو أحد المهرجانات الموضوعية والتاريخية العریقة في المسرح الذي يُقام سنويًا، حيث يتم تقديم وعرض مسرحيات مختلفة في هذا السياق.

[1]. عملیات بیت‌المقدس (عملية بيت المقدس)، آزادي خرمشهر (تحرير خرمشهر)، طراحي، اجرا، نتایج، بازتاب‌ها، واکنش‌ها (تصميم، تنفيذ، نتائج، انعكاسات، ردود أفعال)، طهران: مرکز مطالعات و تحقیقات جنغ سباه باسداران انقلاب اسلامي ، 1985م، ص14.

[2]. نفس المصدر، ص18.

[3]. بختياري، مسعود، معين وزيري، نصرت الله، ارتش جمهوري اسلامي ایران در هشت سال دفاع مقدس، ج4: نبرد بیت‌المقدس، آزادسازي خرمشهر (جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ثماني سنوات من الدفاع المقدس، ج4: معركة بيت المقدس، تحرير خرمشهر)، طهران: معاونت تبلیغات و روابط‌ عمومي سازمان عقیدتي سیاسي ارتش جمهوري اسلامي ایران، 1984م، ص81 و82.

[4]. درودياني، محمد، تجزیه و تحلیل جنغ ایران و عراق، بیش‌درآمدي بر یک نظریه (تحليل الحرب الإيرانية العراقية، مقدمة لنظرية)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس سباه باسداران انقلاب اسلامي، 2016م، ص292.

[5]. عملیات بیت‌المقدس (عملية بيت المقدس)، آزادي خرمشهر (تحرير خرمشهر)، ص19.

[6]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، طهران: سورة سبز، الطبعة الخامسة والثلاثون، 2013م، ص76 و77.

[7]. رشيد، محسن، اطلس حماسه خرمشهر (أطلس ملحمة خرمشهر)، طهران: مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس سباه باسداران انقلاب اسلامي ، 2018م، ص 116.

[8]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص76 و 77. 

[9]. بورجباري، بجمان، اطلس جغرافیاي حماسي1(أطلس جغرافيا حماسي 1): خوزستان در جنغ (خوزستان في الحرب)، طهران: صرير، 2010م، ص43.   

[10]. درودياني، محمد، تجزیه و تحلیل جنغ ایران و عراق (تحليل الحرب الإيرانية العراقية)، بیش‌درآمدي بر یک نظریه (مقدمة لنظرية)، ص298 و 299. 

[11]. عملیات بیت‌المقدس (عملية بيت المقدس)، آزادي خرمشهر (تحرير خرمشهر)، ص26 و 27. 

[12]. درودياني، محمد، تجزیه و تحلیل جنغ ایران و عراق (تحليل الحرب الإيرانية العراقية)، بیش‌درآمدي بر یک نظریه (مقدمة لنظرية)، ص300 و 301. 

[13]. عملیات بیت‌المقدس (عملية بيت المقدس)، آزادي خرمشهر (تحرير خرمشهر)، ص28. 

[14]. علائي، حسين، تاریخ تحلیلي جنغ ایران و عراق (تاريخ تحليلي للحرب الإيرانية العراقية)، ج1، طهران: مرزوبوم، 1395، ص488. 

[15]. درودياني، محمد، جولة في الحرب الإيرانية العراقية، ج2: من خرمشهر إلى الفاو، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنغ سباه باسداران انقلاب اسلامي، الطبعة الخامسة، 1999م، ص17. 

[16]. ولايتي، علي أكبر، تاریخ سیاسي جنغ تحمیلي (التاريخ السياسي للحرب المفروضة)، طهران: دفتر نشر فرهنغ اسلامي، 1997م، ص 117-114.

[17]. بختياري، مسعود، معين وزيري، نصرت الله، ارتش جمهوري اسلامي ایران در هشت سال دفاع مقدس (جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ثماني سنوات من الدفاع المقدس)، ج4، ص 181-179.

[18]. روزشمار جنغ ایران وعراق (التقویم الیومي للحرب الإيرانية والعراقية)، الكتاب التاسع عشر: آزادي خرمشهر (تحرير خرمشهر)، بایان رؤیاي تجزیه ایران (نهاية حلم تجزئة إيران)، ص 17.