الأماكن
آلواتان
إعداد: فاطمة خادمي
نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
12 دورہ
آلواتان هي منطقة تابعة لمدينة سردشت في محافظة أذربيجان الغربية. اكتسبت هذه المنطقة أهمية قصوى خلال الحرب المفروضة بسبب وجود عوائق طبيعية وتموضع قوات معادية للثورة على مرتفعاتها.
تقع منطقة وقرية آلواتان في الشمال الغربي لمدينة سردشت، وبالتحديد في أقصى جنوب غرب محافظة أذربيجان الغربية وشمال غرب محافظة كردستان،[1] وهي متاخمة للحدود الإيرانية-العراقية.[2] تحيط بقرى هذه المنطقة غابات كثيفة تُعرف بـ "غابات آلواتان"، وتنتشر حولها العديد من المرتفعات.[3] يسكن هذه المنطقة والقرى المحيطة بها السكان الكُرد، الذين يتحدثون اللغة الكردية.[4]
بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، تحولت غابات آلواتان، بفضل أشجارها الكثيفة والمتشابكة وصخورها وجبالها الخطرة، إلى حصن طبيعي منيع لتموضع وكمائن القوى المعادية للثورة.[5] تقع هذه الغابات على مسار الطريق الواصل بين بانه (في محافظة كردستان) وسردشت (في محافظة أذربيجان الغربية).[6] وقد أنشأت الجماعات المناهضة للثورة والانفصالية (كومله والديمقراطي) في محيط غابات آلواتان وبعض قراها، وتحديداً في منطقة دولتو[7]، قواعد شملت مقرات سياسية، وأماكن لاحتجاز الرهائن، ومراكز تابعة. استخدم أفراد هذه الجماعات الوديان الواقعة بين مرتفعات الغابات للعبور إلى العراق، حيث كانوا يُعدّون ويُجهّزون قواتهم، ويؤمنون لهم الذخيرة والمؤن.[8] كما قاموا بمهاجمة مركز شرطة سردشت في 24 أغسطس 1979م، واحتلوا هذه الثكنة الحدودية الإيرانية ونهبوا معداتها.[9]
بقيت غابات آلواتان تحت سيطرة القوى المعادية للثورة لمدة أربع سنوات كاملة، من عام 1979م إلى عام 1982م.[10] وشهدت المنطقة اشتباكات عنيفة بين القوات الإيرانية وتلك القوى لتطهير الطرق والمرتفعات. وكمثال على ذلك، في 24 أكتوبر 1979م، تعرّضت قافلة إيرانية مكوّنة من ثلاث مركبات كانت تنقل مؤناً لقوات الجيش في آلواتان، إلى هجوم من قبل القوى المعادية بالقرب من أحد الوديان، مما أسفر عن استشهاد 9 أفراد من الجيش وانفجار إحدى المركبات.[11]
تزامناً مع اندلاع الحرب المفروضة، تعاونت المجموعات المسلحة التابعة للحزب الديمقراطي مع العدو. وقامت هذه المجموعات بأسر عدد من عناصر الحرس الثوري، والجيش، والجهاد البناء، وغيرهم من مؤيدي نظام الجمهورية الإسلامية، واحتجزتهم في مكان عُرف بـ "سجن دولتو" في منطقة آلواتان. استُشهد هؤلاء الأسرى لاحقاً في قصف جوي نفذته طائرات النظام البعثي بتنسيق مباشر مع الحزب الديمقراطي.
في عام 1981م، عززت إيران من قوتها العسكرية في منطقة كردستان، وتمكنت من تطهير المنطقة من عناصر الحزب الديمقراطي وكومله، مما أجبرهم على الفرار إلى داخل الأراضي العراقية. كما تمكنت القوات الإيرانية، بالتعاون مع الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي والاتحاد الوطني الكردستاني العراقي، وبمشاركة البيشمركة المسلمين الكرد، ومن خلال تأسيس مقر "حمزة سيد الشهداء" في منطقة كردستان، من القضاء على أسس النشاط للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني.[12]
بهدف قمع القوى المعادية للثورة في شمال غرب البلاد وتحرير المناطق التي احتلتها، تأسس لواء "الشهداء" الخاص على يد الشهيدين محمد البروجردي وناصر كاظمي. وتم تعيين الشهيد محمود كاوه كقائد للعمليات في اللواء. إحدى أهم العمليات التي قادها كاوه كانت معركة آلواتان. كان الهدف منها هو تحرير المحور الحدودي الاستراتيجي الذي يربط بيرانشهر بسردشت (في جنوب غرب أذربيجان الغربية)، والتي بدأت في يونيو 1982م واستمرت حتى أكتوبر من العام نفسه.[13] تركزت العملية الأساسية على تحرير مرتفعات منطقة آلواتان، التي كانت تُعدّ القطب السياسي والعسكري ومركز النشاط الرئيسي للقوى المعادية للثورة. كان الدور الأساسي والحاسم في هذه العملية يخص محمود كاوه؛ حيث استُشهد أول وثاني قائد للواء "الشهداء" الخاص، ناصر كاظمي ومحمد غنجي زاده، خلال المرحلتين الأولى والثانية من المعركة، وبعد ذلك تولى كاوه قيادة العمليات.
نُفذت هذه العملية على ست عشرة مرحلة واستغرقت ثلاثة أشهر. كانت نتائجها هي تحرير محور بيرانشهر ـ سردشت والتحام القوات بين المدينتين، وتحرير المرتفعات والغابات الاستراتيجية لآلواتان، وتدمير مركز الفرق المعادية للثورة، ومحطتهم الإذاعية، والكثير من معداتهم وإمكانياتهم. بالإضافة إلى مقتل أكثر من 750 فرداً من القوى المعادية، وتحرير أكثر من 120 كيلومتراً من الطرق. لُقبت هذه العملية بـ "فتح الفتوح" في المعركة ضد القوى المعادية للثورة، ورافقتها تغطية عالمية تضمنت "سيلاً من الأكاذيب والافتراءات" عبر الإذاعات الأجنبية بهدف تشويه هذا الانتصار العظيم.[14]
استمراراً لعمليات التطهير في هذه المناطق، قامت الوحدات المنتشرة في بيرانشهر (غرب وجنوب غرب أذربيجان الغربية والمتاخمة للعراق)، وحاج عمران (مدينة في إقليم أربيل العراقي المتاخمة لأذربيجان الغربية)، وسردشت وآلواتان، بإطلاق نيران مدفعية كثيفة على مواقع العدو في 3 مارس 1984م، مما كبّد العدو خسائر وأضراراً ومنع تعزيز قواته.[15]
تواصلت عمليات التحرير والتطهير لمرتفعات غابات آلواتان وطريق بانه-سردشت من القوى المعادية للثورة، وتم إنجازها مرة أخرى على عدة مراحل. أولاً، انطلقت عملية "نصر" بتنسيق من مقر "حمزة سيد الشهداء" في منتصف ليل 18 يوليو 1984م، بهدف تحرير قرى منطقة آلواتان وتأمين المرتفعات الحدودية، وذلك من ثلاثة محاور رئيسية: المحور الأول: بقيادة ناصر صفرزاده، من مفترق آلواتان على طريق بيرانشهر-سردشت جنوباً. المحور الثاني: بقيادة محمود كاوه، من ميرآباد جنوباً. المحور الثالث: بقيادة علي رضا عسكري، من بيوران شمالاً. بمجرد بدء العملية، قام مراقبو القوى المعادية المتمركزون على المرتفعات المحيطة برصد تحركات وحدات الحرس الثوري والجيش وأبلغوا عن مواقع القوات الإيرانية، مما أدى إلى فرار الكوادر والقوات الرئيسية للقوى المعادية إلى الأراضي العراقية. بينما قامت القوات المتبقية من الوحدات الصغرى بمقاومة القوات الإيرانية. استمرت العملية 13 يوماً، وخلالها تم تطهير 16 قرية، والاستيلاء على المرتفعات المهمة في المنطقة من قبل قوات الحرس الثوري والجيش.[16]
استمراراً لهذه العمليات، وفي أواخر صيف 1984م، توغل كتيبة من قوات كومله في منطقة آلواتان، وقاموا بزعزعة أمن القرى التي لم تكن تحوي قواعد عسكرية، وهاجموا بعض المواقع الإيرانية. لاستعادة الأمن، كلّف مقر "حمزة سيد الشهداء" لواء الشهيد البروجردي 110، بالتعاون مع كتيبة من فرقة "نوهد 23" التابعة للجيش وكتيبة المشاة الجبلية للحرس الثوري بسردشت، بمحاصرة وقمع قوات كومله في آلواتان. بدأت الوحدات العملياتية، بعد استطلاع المنطقة، عملية "فجر" في 9 سبتمبر 1984م من 3 محاور:
المحور الأول: من قرية واوان باتجاه قرى آغلان، نوچوان، وأحمد برو. المحور الثاني: من قرية واوان باتجاه قرية برده سور. المحور الثالث: من قرية واوان باتجاه قرى سرشيو، ديوالان، وعاش الدين.
هربت قوات كومله من المنطقة فور رؤية وحدات الحرس الثوري والجيش، ودخلت القوات الإيرانية القرى دون مقاومة. ومع ذلك، نصب عدد من قوات كومله كميناً في طريق مجموعة تابعة لفرقة نوهد 23، مما أدى إلى استشهاد 6 من أفرادها.[17]
بعد عام 1984م، ساد هدوء نسبي في هذه المنطقة حتى نهاية الحرب المفروضة. وتُعدّ مجزرة القصف الكيماوي التي نفذها العراق على سردشت عام 1987م، والتي خلّفت 130 شهيداً و 8025 جريحاً، من أقسى الحوادث في المنطقة خلال الحرب، ولا يزال ضحاياها ومصابوها يعانون من آثارها الكيماوية حتى اليوم.[18]
[1] صادقی، رضا، اطلس راهنما 12ـ آذربایجان غربی در جنگ با ضد انقلاب و دفاع مقدس،(أطلس راهنما 12 - أذربيجان الغربية في الحرب مع المناهضین للثورة والدفاع المقدس) طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس سپاه پاسداران انقلاب اسلامی، (مركز وثائق وأبحاث الدفاع المقدس للحرس الثوري الإسلامي)، 1391ش/2012م، ص 66 و 154.
[2] أحمدي، بتول، معمای دولتو، أصفهان، ستارگان درخشان، 1392ش/2012م، ص 7.
[3] صادقی، رضا، المصدر نفسه، ص 154.
[4] المصدر نفسه، ص 22.
[5] موسوي، سعيد، نبرد آلواتان، مشهد، کنگره بزرگداشت سرداران شهید استان خراسان،(مؤتمر إحياء ذكرى قادة شهداء محافظة خراسان)،1379ش/2000م، ص26 و 27 و 52.
[6] المصدر نفسه، ص 27.
[7] أحمدي، بتول، المصدر نفسه، ص 7.
[8] صادقي، رضا، المصدر نفسه، ص 154؛ موسوي، سعيد، المصدر نفسه، ص 27.
[9] موسوي، سعيد، المصدر نفسه، ص 66.
[10] المصدر نفسه، ص 72.
[11] أميرنظمي أفشار، منوجهر و إسفنديار حاجي لو، تاریخ معاصر آذربایجان ـ آذربایجان غربی در گذار از بحرانهای انقلاب اسلامی و جنگ تحمیلی (تاريخ معاصر أذربيجان - أذربيجان الغربية في مرحلة أزمات الثورة الإسلامية والحرب المفروضة)، ج 1، طهران، سوره سبز، 1395ش/2016م، ص 257.
[12] دایرهالمعارف انقلاب اسلامی (دائرة معارف الثورة الإسلامية)، ج 2، طهران، دفتر ادبیات انقلاب اسلامی (مكتب أدب الثورة الإسلامية)، سوره مهر، 1384ش/2005م، ص 94.
[13] صادقی، رضا، المصدر نفسه، ص 90؛ واعظي، مرادعلي و سمية إقبالي نسب، دلیرمردی از دیار خراسان، بیرجند ـ سپاه پاسداران انقلاب اسلامی (خراسان جنوبی)، فرماندهی سپاه انصار الرضا (ع)، (رجل شجاع من ديار خراسان، بيرجند - الحرس الثوري الإسلامي (خراسان الجنوبي)، قيادة حرس أنصار الرضا (ع)، 1394ش/2015م، ص 36 و 37.
[14] واعظي، مرادعلي، المصدر نفسه، ص 36-39، 71.
[15] شهريار نقيب وران وآخرون، تاریخ معاصر آذربایجان ـ آذربایجان غربی در گذار از بحرانهای انقلاب اسلامی و جنگ تحمیلی (تاريخ معاصر أذربيجان - أذربيجان الغربية في مرحلة أزمات الثورة الإسلامية والحرب المفروضة)، ج 2، طهران، سوره سبز، 1395ش/2016م، ص 666.
[16] صادقي، رضا، المصدر نفسه، ص 154.
[17] المصدر نفسه، ص 138.
[18] موقع إيرنا، 8 تير 1401ش / 29 يونيو 2022م / رمز الخبر: 84806086.
