الأماكن
جزيرة طنب الكبرى
إعداد: عماد عزت آبادي
نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
20 دورہ
جزيرة طنب الكبرى هي إحدى الجزر الإيرانية في الخليج الفارسي. وكانت مسألة السيادة عليها إحدى الذرائع التي استخدمها صدام حسين لإشعال الحرب المفروضة على إيران.
تقع جزيرة طنب الكبرى، وهي جزء من مدينة أبو موسى في محافظة هرمزکان،[1] في الخليج الفارسي على بعد حوالي 180 كيلومترًا من بندر عباس، وتبلغ مساحتها حوالي 11 كيلومترًا مربعًا.
كلمة "تنب" في الفارسية القديمة تعني "تل"،[2] ويُعزى هذا الإسم إلى التلال الموجودة في غرب وشمال غرب الجزيرة، مما يمنحها مظهراً يشبه التل.[3] تتميز الجزيرة بمناخ جاف بحري وبحد أقصى للحرارة 45 درجة مئوية وأدنى 8.5 درجة مئوية،[4] بمعدل هطول أمطار سنوي منخفض (126 ملم) وموارد مائية جوفية محدودة للغاية.[5] يغلب على غطائها النباتي أنواع الكَرت، والكَهوَر، والكَنار، والكَز.[6]
معظم سكان الجزيرة هم من منتسبي الحكومة وعناصر القوات المسلحة الإيرانية. ووفقاً لإحصائيات عام 1996م، يبلغ التعداد السكاني 637 نسمة، وتتركز غالبية وظائفهم في المجالات العسكرية والعمرانية.[7]
كانت الجزيرة ملكاً للإيرانيين، باستثناء فترة انقطاع قصيرة، امتدت من زمن ملك الماد هُوَخشَترَه حتى انقضاء سلالة الساسانيين.[8] أصبحت الجزيرة جزءاً من الإمبراطورية الإسلامية في زمن الخليفة عمر بن الخطاب. لكنها عادت مُجدداً للسيطرة الإيرانية في عهد سعد بن زنكي أتابك فارس، وبقيت تحت هذه الملكية حتى الغزو البرتغالي عام 1480م. نجحت إيران في استعادة سيادتها عندما قام إمام قُلي خان بتطهير الخليج الفارسي من البرتغاليين بأمر من الشاه عباس الصفوي في عام 1625م. ومع ضعف السلطة المركزية للصفويين، تمركزت شركة الهند الشرقية البريطانية في الجزيرة، إلى أن أعادها نادر شاه أفشار إلى الملكية الإيرانية عام 1727م.[9]
إثر رحيل نادر شاه، وبسبب تراخي كريم خان زند، سيطر شيوخ القواسم في رأس الخيمة عملياً على الجزيرة.[10] لضمان أمن الملاحة البحرية لمصالحها الهندية وحماية خطوط إمدادها، وتفادياً لتفاقم الصراعات البحرية بين القواسم وبني ياس، وفي ظل غياب الوجود الإيراني على سواحلها الجنوبية، أمر حاكم بومباي المقيم السياسي البريطاني "هينيل" في الخليج الفارسي، عام 1820م، برسم خط فاصل (خط هينيل) لتحديد الحدود البحرية مع الشيوخ العرب. أقرّ هذا الخط بتبعية جزر طنب الكبرى وأبو موسى وسيري للأراضي الإيرانية.[11] على الرغم من هذا الإقرار، احتلت بريطانيا جزيرة طنب الكبرى وجزراً أخرى في عام 1903م. وفي ختام هذا التاريخ الطويل، وفي عام 1971م، ثبّت محمد رضا بهلوي السيادة الإيرانية على الجزر الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى مقابل التخلي عن المطالبة بسيادة البحرين.[12]
إحدى القضايا التي طرحها صدام حسين قبل فرضه الحرب على إيران كانت ضرورة الانسحاب الإيراني غير المشروط من الجزر الثلاث: طنب الكبرى، طنب الصغرى، وأبو موسى.[13] وساهم في ذلك دعم رئيس دولة الإمارات للعراق في هذا الشأن، مما دفع وحدات المنطقة الأولى للقوة البحرية الإيرانية إلى تعزيز مواقعها الدفاعية حول هذه الجزر بدعم من المنطقة الثانية للقوة البحرية.[14] وقبل اندلاع الحرب، أطلق صدام حملات دعائية واسعة تحت شعار القومية العربية والـ "ملكية العربية المزعومة" للجزر الثلاث بهدف تحفيز جيشه على شن هجوم كبير ضد إيران.[15] ادعى صدام أن هذه الجزر عربية[16] ويجب إعادتها إلى دول الشاطئ الجنوبي للخليج الفارسي.[17]
بعد بدء الحرب المفروضة في 22 سبتمبر 1980م، لم يكتفِ العراق بالهجوم العسكري، بل سعى أيضاً على الصعيد الدبلوماسي للطعن في سيادة إيران على الجزر الثلاث. وفي 31 أكتوبر من العام نفسه، أعلن سعدون حمادي، وزير الخارجية العراقي، لدولة الإمارات العربية المتحدة أنها ستتمتع بدعم العراق إذا ما أقدمت على أي خطوة لاستعادة السيادة على هذه الجزر.[18] وادعى صدام أيضاً أن خطر الحرب والحروب اللاحقة سيبقى قائماً ما دامت إيران تحكم هذه الجزر، إلى أن يتم استرداد السيادة العربية عليها.[19] وفي 12 ديسمبر من العام نفسه، أعلنت حكومة الإمارات، في مذكرة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة كورت فالدهايم، أن إيران احتلت هذه الجزر عام 1971م، مؤكدة إصرارها على استردادها.[20]
بالتزامن مع التحركات الخارجية، قدم الرئيس الإيراني آنذاك أبو الحسن بني صدر طرحاً لإنهاء الحرب يقضي بنشر قوة ثالثة في الأراضي الإيرانية التي احتلها العراق، ومن ثم التفاوض مع دول الخليج الفارسي حول قضية الجزر الثلاث. هذا الطرح تسبب عملياً في تأخير تنفيذ العمليات الإيرانية وتأخير فك الحصار عن آبادان.[21] بطبيعة الحال، أثبت نجاح عملية ثامن الأئمة (ع) خطأ طرح بني صدر. إلا أن ما أدى إلى تغيير مواقف دول الخليج الفارسي بشأن هذه الجزر هو نجاح إيران في تحرير خرمشهر.
عقب هذا النجاح، أصدر مجلس التعاون لدول الخليج الفارسیة في 31 مايو 1982م بياناً أيّد فيه إنهاء الحرب وأعلن أن العراق مستعد للعودة إلى حدوده. كانت دول مجلس التعاون تسعى من جهة إلى منع التقدم الإيراني، وفي الوقت نفسه كانت تخشى رد فعل إيران. ولهذا السبب، لم تُعلن عن دعمها الصريح للعراق في البيان، وطالبت إيران بالترحيب بالجهود المبذولة لإنهاء الحرب.[22]
في عام 1983م، تسلّم العراق خمس طائرات سوبر إتندارد مجهّزة بصواريخ إكزوست من فرنسا، وذلك لعرقلة تصدير النفط الإيراني. وفي المقابل، هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز في حال تعرضت ناقلات النفط التابعة لها للهجوم.
ردّاً على هذا التهديد، وقبل تسليم الطائرات للعراق، عززت إيران مواقعها العسكرية في جزيرة طنب وغيرها من جزر الخليج الفارسي في أكتوبر 1983م، وأجرت طلعات استطلاعية وإجراءات إسناد لتهيئة الترتيبات اللازمة لإغلاق المضيق. وفي أعقاب هذا الإجراء، حذّر قابوس بن سعيد، سلطان عُمان، الولايات المتحدة من أن إيران تمتلك القدرة اللازمة على إغلاق مضيق هرمز.[23]
بعد انتهاء الحرب المفروضة، واصلت الإمارات العربية المتحدة إثارة ادعاءات حول السيادة على الجزر الإيرانية في الخليج الفارسي. وفي عام 1992م، حضرت إيران محادثات أبوظبي بشأن الجزر الثلاث، وأعلنت بوضوح أن هذه الجزر ملك لإيران إلى الأبد، وأنها لن تتفاوض أبداً حول سيادتها مع أي طرف.[24]
ونظراً لموقع الجزيرة (طنب الكبرى) الحيوي بالقرب من مضيق هرمز وفي أعمق جزء من الخليج الفارسي، فإن لها دوراً محورياً في مراقبة حركة الملاحة البحرية. فالسفن عند عبورها المضيق تضطر للمرور بجوار إحدى الجزر الإيرانية الثلاث، وتستغل إيران هذه الجزر للحفاظ على سيادتها البحرية على الخليج الفارسي.[25]
[1] گلوردي، عيسى، جغرافیای جزایر ایرانی خلیج فارس (جزایر بوموسی، تنب بزرگ، تنب کوچک) (جغرافيا الجزر الإيرانية في الخليج الفارسي - جزر أبو موسى، طنب الكبرى، طنب الصغرى)، طهران، سازمان جغرافیایی نیروهای مسلح (منظمة القوات المسلحة الجغرافية)، 1381 ش، ص 160.
[2] أفشار سيستاني، إيرج، نام دریای پارس و دریای مازندران و بندرها و جزیرههای ایرانی )اسم بحر فارس وبحر مازندران والموانئ والجزر الإيرانية)، طهران، کشتیرانی والفجر هشت (شركة والفجر الثامنة للملاحة البحرية)، 1376 ش، ص 126.
[3] گلوردي، عيسى، المصدر نفسه، ص 161 و 162.
[4] المصدر نفسه، ص 166.
[5] المصدر نفسه، ص 177 و 178.
[6] المصدر نفسه، ص 181 و 182.
[7] المصدر نفسه، ص 189 و 192.
[8] عرب إسماعيلي، محمود وسليمان قاسمي، جزایر سهگانه ایرانی: پیشینه تاریخی ابوموسی، تنب بزرگ و تنب کوچک(الجزر الإيرانية الثلاث: الخلفية التاريخية لأبو موسى، طنب الكبرى وطنب الصغرى)، طهران، كانون انديشه جوان، 1395 ش، ص 47 و 49.
[9] عرب إسماعيلي، محمود، المصدر نفسه، ص 54-56، 64، 65، 69.
[10] گلوردي، عيسى، المصدر نفسه، ص 195.
[11] عرب إسماعيلي، محمود، المصدر نفسه، ص 79-80 و 82.
[12] المصدر نفسه، ص 113 و 160.
[13] مراد بيري، هادي ومجتبى شربتي، آشنایی با علوم و معارف دفاع مقدس (مقدمة في علوم ومعارف الدفاع المقدس)، طهران، سمت، ط11، 1392 ش، ص 71.
[14] سوادكوهي، شاهرخ، اقدامات و نتایج عملیات نیروی دریایی ارتش جمهوری اسلامی ایران در مقابله با تجاوزات و مداخلات عراق و نیروهای فرامنطقهای در خلیج فارس(إجراءات ونتائج عمليات القوة البحرية لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مواجهة اعتداءات وتدخلات العراق والقوى العابرة للمنطقة في الخليج الفارسي)، طهران، دافوس، 1397 ش، ص 249.
[15] لطف الله زادكان، علي رضا، روزشمار جنگ ایران و عراق (يوميات حرب إيران والعراق)، ج 5: هویزه آخرین گامهای اشغالگر: زمینگیر شدن و توقف کامل دشمن (هويزة الخطوات الأخيرة للمحتل: التجميد والتوقف الكامل للعدو....)، طهران، مرکز مطالعات و تحقیقات جنگ (مركز حرس الثورة الإسلامية لدراسات وبحوث الحرب)، ط4، 1390 ش، ص 544.
[16] سوادكوهي، شاهرخ، المصدر نفسه، ص 74.
[17] مراد بيري، هادي، المصدر نفسه، ص 70.
[18] لطف الله زادكان، علي رضا، المصدر نفسه، ص 85.
[19] المصدر نفسه، ص 166.
[20] المصدر نفسه، ص 419.
[21] إيزدي، يد الله، روزشمار جنگ ایران و عراق(يوميات حرب إيران والعراق)، ج 15: آزادسازی سرزمینهای ایران، گام اول: عملیات ثامنالائمه علیهالسلام شکستن محاصره آبادان ناکامی منافقین در براندازی نظام ( تحرير الأراضي الإيرانية، الخطوة الأولى: عملية ثامن الأئمة (ع) لكسر حصار آبادان وفشل المنافقين في الإطاحة بالنظام)، طهران، مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس لـ حرس الثورة الإسلامية، 1396 ش.، ص 1148.
[22] حبيبي، أبو القاسم، روزشمار جنگ ایران و عراق (يوميات حرب إيران والعراق)، مجلد 19: تحرير خرمشهر نهاية حلم تقسيم إيران، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1397 ش، ص 701-703.
[23] لطف الله زادكان، علي رضا وإيرج همتي، روزشمار جنگ ایران و عراق (يوميات حرب إيران والعراق)، ج 28: نخستین عملیات بزرگ در شمال غرب (أول عملية كبيرة في الشمال الغربي)، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1396 ش، ص 744.
[24] عرب إسماعيلي، محمود، المصدر نفسه، ص 183.
[25] أميري، علي وحجت نادري، "نقش جزایر سه گانه در سیادت دریایی ایران در خلیج فارس" (دور الجزر الثلاث في سيادة إيران البحرية على الخليج الفارسي)، نشریه تحقیقات کاربردی علوم جغرافیایی (مجلة البحوث التطبيقية للعلوم الجغرافية)، السنة 20، العدد 58، خريف 1399 ش، ص 341.
