العمليات

عملیة والفجر 1

لیلا حیدری باطنی
21 Views

عملية الهجوم والفجر 21 مارس 1983م نفذت بقيادة جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في جنوب إيران. كان الهدف الرئيسي للعملية هو استكمال السيطرة على مرتفعات حمرين ودفع الجيش العراقي  الي الوراء من المناطق المحتلة بالاعتماد على نيران المدفعية. على الرغم من كسر خطوط الدفاع للجيش العراقي، لم يتم تثبيت المناطق التي تم الاستيلاء عليها.

 

فشل عملية والفجر التمهيدية في يناير 1983م أدى إلى التخطيط لعملية أخرى.[1]

بعد عملية والفجر التمهيدية، بأقل من شهرين  في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، تم تكليف العقيد علي صياد شيرازي، قائد القوات البرية في الجيش، بتقديم خطته النهائية للعملية الجديدة.[2] اعتبر الجيش في الخطة الجديدة أن تنفيذ العملية في الأراضي الشمالية لمنطقة فكه مناسبًا،[3] واختار عنوان "النار بدلاً من الدم" في مناورات العملية.[4] في الواقع، كانت عملية الهجوم والفجر 1 متابعة لتحقق أهداف عمليات محرم (نوفمبر 1982م) والفجر التمهيدية.[5]

منطقة العمليات، من الشمال إلى منطقة زبيدات وشياح بجليه في مرتفعات حمرين بالعراق، ومن الجنوب إلى المناطق الجنوبية لنهر دويرج ونقطة الحدود بيج‌انغيزه ومنطقة شرهاني شمال فكة، ومن الشرق إلى نهر دويرج الإيراني ومن الغرب إلى نهر طيب في العراق.

الأهداف الرئيسية للعملية هي الاستيلاء على مرتفعات حمرين وجبل فوقي، والسيطرة على السهول المستوية في المنطقة، ودفع قوات العدو من شمال فكة والمناطق المحتلة شرق نهر دويرج، والتقدم نحو مدينة العمارة، والاستيلاء على جسر غزيلة، والاستخدام الواسع والمركز لنيران المدفعية.[6]

تمت العملية المشتركة والفجر 1 بقيادة الجيش، بحضور وحدات من مقر كربلاء ونجف الحرس الثوري وعدد من فرق الجيش. كان مقر كربلاء يتكون من فرق 41 ثارالله، 7 ولي العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف، 8 نجف، 19 فجر، 14 الإمام حسين عليه السلام، ولواء 33 المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.

مقر نجف كان يتضمن الفرق 31 عاشوراء، 27 محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، 5 نصر واللواء 10 سيد الشهداء عليه السلام. کما ان قوات الجيش فكانت تشمل الألوية 55 المظليين، 84 خرم آباد، 58 ذو الفقار و37 المدرعة من شيراز، واللواء 21 حمزة واللواء 2 من اللواء 77 خراسان.[7]

أصدر مقر خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله كأحد المقرات المشتركة والمسيطرة على العمليات، أمر الهجوم في 10 إبريل 1983م برمز "يا الله يا الله يا الله"، وأعلن عن انتهاء العمليات في 17 إبريل.[8]

بدأت العمليات في الساعة 23، مع تنفيذ كثيف لنيران المدفعية. في الجهة اليمنى أو الشمالية من المنطقة، كان يجب على مقر كربلاء القيام بعمليات هجومية. أما الجهة اليسرى أو الجنوبية، فقد كانت مهمتها دفاعية، حيث تم تكليف مقر نجف وقوات الجيش بقيادة العقيد المدفعي منوجهر دجكام من الجيش ومحمد إبراهيم همت من الحرس.[9]  كما تم تحديد خندق بجليه كخط وسط بين المقرين. وكانت نيران الدعم تحت مسؤولية أربعة عشر كتيبة مدفعية من الجيش، وأربع كتيبات مدفعية من الحرس، وكان الدعم الجوي تحت مسؤولية القوة الجوية للجيش.[10]

بعد بدء العمليات، في المحور الشمالي، على الرغم من تقدم وحدات الجناح الأيسر والأيمن والاستيلاء على بعض المرتفعات، إلا أن عدم اختراق الجناح الأوسط لخطوط الجيش العراق والمقاومة الشديدة للقوات العراقية حال دون تثبيت الاستيلاءات. كما أن عدم تنسيق القوات أدى إلى بطء شديد في التقدم. لذلك، لم يكن من الممكن الاستيلاء على إحدى المرتفعات المهمة بسبب وجود حقول الألغام وكثرة العوائق، وتوقف التقدم.

كانت قيادة النجف في المحور الجنوبي مكلفة بعبور نهر دويرج. في الساعات الأولى من العمليات، تمكنت كتيبة من قيادة النجف من التقدم في المسار والوصول إلى هدفها بالقرب من نقطة التفتيش بيج‌انغيزه. کما تمكنت بعض الكتائب من فتح معابر في حقل الألغام، وعبور القنوات الأولى والثانية للعدو في مركز منطقة العمليات.[13]

 في الواقع، وصلت بعض وحدات القيادة إلى الأهداف المحددة في المرحلة الأولى، ولكن في المحاور الوسطى، بسبب العوائق الكثيرة والمقاومة الشديدة للعدو، لم تحقق نجاحًا كبيرًا.[14] لذلك، في صباح اليوم الثاني من العمليات، تم إصدار أمر بالانسحاب.

بدأت المرحلة الثانية من العمليات في 12 إبريل. في الليلتين الثانية والثالثة من هذه المرحلة، مع تبادل السيطرة على عدة مرتفعات بين القوى الداخلية والعدو، انخفضت حدة الاشتباكات،[15]

ومرت الاوقات في الدفاع عن المواقع، وتبادل النيران، ودفع هجمات الجيش العراقي. في الأيام التي تلت ذلك، واجه المقاتلون قتالاً عنيفاً، ومقاومة، وزيادة في ضغط العدو، وفي الوقت نفسه كانوا مشغولين بإعادة البناء وتجديد التنظيم.[16]

في هذه العملية، تم إطلاق ستين ألف قذيفة من قبل إيران، وهو رقم غير مسبوق خلال فترة الحرب، على مواقع العدو. على الرغم من أن العملية نفذت في محورين وعدة مراحل، ورغم كسر خطوط الدفاع للعدو، إلا أنه بسبب يقظتهم وعدم التنسيق بين المقاتلين، لم يتم تثبيت المناطق المحررة.[17]

في عملية الفجر 1، قُتل وأصيب أكثر من أربعة آلاف من قوات الجيش العراقي، وتم أسر ثلاثمائة وخمسين شخصًا. كما تم تدمير عدد من المروحيات والدبابات والناقلات، وتم الاستيلاء على خمسين دبابة وناقلة مدرعة ومئتي مركبة عراقية. من قواتنا، استشهد حوالي ألف شخص، وهنالك عدد مفقود، وخمسة آلاف جريح، وأكثر من مئة أسير.[18] كان رضا جراغي، قائد لواء 27 محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، من شهداء هذه العملية.[19]

وجود اختلاف في الآراء بين القادة، الذي أدى إلى تشكيل قيادتين منفصلتين ومستقلتين للجيش والحرس الثوري وتنفيذ عمليات منفصلة بعد عملية الفجر 1، كان من أسباب عدم نجاح العملية. كما أن الظلام الدامس في الليل، والخسائر البشرية، وإرهاق القوات، والقيود على قدرات المشاة الإيرانيين في العملية، والمواقع الدفاعية القوية، والنيران الثقيلة من العراق، ووجود العدو على المرتفعات وسيطرته على المنطقة، كانت من العوامل المؤثرة في هذه الهزيمة.[20]

کما أن قلة الأفراد المتخصصين وقيادة العمليات لتوجيه العملية، وضعف التدريب العسكري في المشاة، وعدم وجود معلومات كافية عن قدرات الجيش العراقي، وتغيير شكل المناورة في العملية، كانت من أسباب عدم النجاح في العملية.[21]

بعد أن لم تنجح عدة عمليات محدودة، تم إدراج تنفيذ العمليات في غرب إيران ضمن جدول الأعمال، وتم تنفيذ عملية والفجر 2 في 18 إبريل  1984م في غرب بيرانشهر.[22]

  •  

[1]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، طهران: سوره سبز، الطبعة الخامسة والثلاثون، 2014م، ص 88. 

[2]. رشيد، محسن، اطلس جنغ ايران و عراق (أطلس حرب إيران والعراق)، طهران: مرکز مطالعات و تحقيقات جنغ، الطبعة الثانية، 2010م، ص 71. 

[3]. شيرعلي‌نيا، جعفر، زاهدي، سعيد، سعيد، کتاب راوي، ج8: روايت فکه، قمقمه‌هاي تشنه (كتاب الراوي، ج 8: رواية فكه، قناني العطشى)، طهران: ايده نو، 2009م، ص 81؛ أردستاني، حسين، تجزيه و تحليل جنغ ايران و عراق ، ج 3: تنبيه متجاوز (تحليل حرب إيران والعراق ، ج3: تأديب المعتدي)، طهران: مرکز مطالعات و تحقيقات جنغ، 2000م، ص 47. 

[4]. أردستاني، حسين، تحليل جنغ ايران و عراق (تحليل حرب إيران والعراق)، ج 3، ص 49. 

[5]. بهروزي، فرهاد، تقويم تاريخ دفاع مقدس، ج32: در امتداد فجر(تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج 32: في امتداد الفجر)، طهران: بنياد حفظ آثار و نشر ارزش‌هاي دفاع مقدس، 2016م، ص 678. 

[6]. شيرعلي‌نيا، جعفر، زاهدي، سعيد، کتاب راوي (كتاب الراوي)، ج 8، ص 82؛ أردستاني، حسين، تحليل جنغ ايران و عراق (تحليل حرب إيران والعراق)، ج 3، ص 48؛ بهروزي، فرهاد، تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج 32، ص 698-678؛ فرودي، قاسم، اطلس مناطق عملياتي غرب و جنوب غرب (أطلس المناطق العملياتية الغربية والجنوبية الغربية)، طهران: بنياد حفظ آثار و نشر ارزش‌هاي دفاع مقدس، 2016م، ص 90.

[7]. شيرعلي‌نيا، جعفر، زاهدي، سعيد، کتاب راوي (كتاب الراوي)، ج8، ص83؛ اردستاني، حسين، تحليل جنغ ايران و عراق (تحليل حرب إيران والعراق)، ج3، ص50 و 51. 

[8]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص88. 

[9]. بهروزي، فرهاد، تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج32، ص713. 

[10]. فرودي، قاسم، اطلس مناطق عملياتي غرب و جنوب غرب (أطلس المناطق العملياتية في الغرب والجنوب الغربي)، ص92 و 93. 

[11]. نفسه، ص94؛ بهروزي، فرهاد، تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج32، ص710 و 711. 

[12]. فرودي، قاسم، اطلس مناطق عملياتي غرب و جنوب غرب (أطلس المناطق العملياتية في الغرب والجنوب الغربي)، ص94. 

[13]. بهروزي، فرهاد، تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج32، ص715. 

[14]. نفسه، ص766. 

[15]. فرودي، قاسم، اطلس مناطق عملياتي غرب و جنوب غرب (أطلس المناطق العملياتية في الغرب والجنوب الغربي)، ص94. 

[16]. نفسه، ص1209ـ1204. 

[17]. رشيد، محسن، اطلس جنغ ايران و عراق (أطلس حرب إيران والعراق)، ص71. 

[18]. اردستاني، حسين، تحليل الحرب الإيرانية العراقية، ج3، ص54؛ جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص88. 

[19]. بابايي، غل‌علي، راز ذلك النجم (الكتاب الثالث من مجموعة 27 في 27)، طهران: صاعقة، 2012م، ص121 و 122. 

[20]. شيرعلي‌نيا، جعفر، زاهدي، سعيد، كتاب الراوي، ج8، ص83؛ اردستاني، حسين، تجزيه و تحليل جنغ ايران و عراق (تحليل الحرب الإيرانية العراقية)، ج3، ص54. 

[21]. بهروزي، فرهاد، تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج32، ص1209. 

[22]. دروديان، محمد، سيري در جنغ ايران و عراق، ج6: آغاز تا بايان (جولة في الحرب الإيرانية العراقية، ج6: من البداية إلى النهاية)، طهران: مرکز مطالعات و تحقيقات جنغ سباه، 1997م، ص79.