الأماكن

جزيرة هِنجام

بقلم: عماد عزت آبادي نقله إلى العربية: سيد محمود عربي
2 دورہ

تقع جزيرة هنجام في منتصف الخليج الفارسي وبالقرب من مضيق هرمز. وقد لعبت هذه الجزيرة دورًا هامًا في فترة الدفاع المقدس بسبب أهميتها الاستراتيجية والعسكرية.

تُعتبَر جزيرة هنجام جزيرة بيضوية الشكل، وهي إحدى جزر مقاطعة قشم التابعة لمحافظة هرمزجان الإيرانية.[1] تبلغ مساحتها خمسين كيلومتراً مربعاً وتقع على بُعد كيلومترين تقريباً جنوب جزيرة قشم. أعلى نقطة في الجزيرة هي قمة "ميترا"، التي ترتفع 160 متراً عن مستوى سطح البحر. تضم الجزيرة ثلاث قرى: هنجام كهنه (القديمة) في الجنوب، وهنجام نو (الجديدة) في الشمال، ومنطقة غَيل في الغرب. يتميز مناخ هنجام بالرطوبة، وتتركز المهن الرئيسية لسكانها في الصيد والملاحة.[2]

يتكون اسم الجزيرة من مقطعين: "هِن" بمعنى (يوجد) و"گام" بمعنى (قرية)، ويُذكِّر بقرية كانت موجودة في الجزيرة قديماً.[3]

نظراً لموقعها بالقرب من مضيق هرمز، تلعب هذه الجزيرة دوراً بالغ الأهمية في التحكم بحركة الملاحة البحرية في الخليج الفارسي، لدرجة أن الأوروبيين كانوا يعتبرونها في الماضي أحد مفتاحي السيطرة على الخليج الفارسي.[4]

هذا العامل الاستراتيجي هو ما دفع البريطانيين إلى إقامة مقرهم البحري للخليج في هذه الجزيرة لمراقبة حركة الملاحة. استمر هذا الوضع حتى عام 1928م، عندما صدر أمر من غلام علي بايندر للقوات البحرية الإيرانية بتحرير الجزيرة من الاحتلال البريطاني ورفع العلم الإيراني عليها.[5]

مع بدء الحرب المفروضة من العراق ضد إيران عام 1980م، استعادت جزيرة هنجام دورها الاستراتيجي، وبرزت كخط دفاعي ورأس جسر لإيران في مواجهة هجوم العدو، إلى جانب جزيرتي هرمز ولارك.[6] في عام 1983م، تلقى نظام البعث العراقي خمس طائرات سوبر إتاندارد مع صواريخ إكسوسيت من فرنسا، بهدف القضاء على قدرة إيران على تصدير النفط. وفي المقابل، هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز، وعززت مواقعها العسكرية في جزيرة هنجام وجزر أخرى في أكتوبر 1983م، كما قامت بطلعات استطلاعية وإسنادية لتوفير التمهيدات اللازمة لإغلاق المضيق. إثر هذا الإجراء، حذر السلطان قابوس، سلطان عُمان آنذاك، الولايات المتحدة الأمريكية من أن إيران تمتلك القدرة اللازمة لإغلاق مضيق هرمز.[7]

في أعقاب ذلك، واحتمال نشوب قتال مباشر بين إيران وأمريكا في الخليج الفارسي، أصدرت القيادة العامة لحرس الثورة الإسلامية في 12 ديسمبر 1983م تعليمات "الدفاع عن السواحل والجزر الإيرانية في الخليج الفارسي وبحر عُمان".

بناءً على هذه التعليمات، كُلفت قيادة المنطقة التاسعة للحرس الثوري (محافظتا فارس وبوشهر)، بالإشراف والتنسيق مع مقر "نوح النبي(ع)" والقيادة المركزية، بتمركز سرية كاملة التجهيز من الفرقة 19 فجر (محافظة فارس) في جزيرة هنجام، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين الغطاء الجوي، ونيران المدفعية، وغيرها من المتطلبات الدفاعية للجزيرة.[8]

ورغم أن هذه التعليمات لم تقتصر على هنجام بل شملت مناطق أخرى كقشم، وبندر عباس، ولارك؛ ورغم أن المضيق لم يُغلق فعلياً، فقد اتُخذت الإجراءات الضرورية للردع والحفاظ على اليد العليا في الخليج الفارسي. كان من أهم هذه الإجراءات، إلى جانب نشر القوات العسكرية في هنجام ومياه الخليج، الاستحواذ على صواريخ كرم إبريشم. ففي عام 1984م، اشترت إيران مائتي صاروخ كرم إبريشم (مضاد للسفن) من الصين، ونشرت جزءاً منها في جزيرتي هنجام وهرمز لضمان سيادتها البحرية في الخليج الفارسي باستهداف سفن العدو عند الضرورة.[9]

 في 3 يوليو 1988م، وفي تمام الساعة 10:25 صباحًا، استهدفت المدمرة الأمريكية "يو إس إس فينسينس" طائرة الركاب الإيرانية من طراز إيرباص، التي كانت تحلق في مسار دولي متجهة إلى دبي، وذلك بالقرب من جزيرة هنجام، مما أدى إلى استشهاد جميع ركابها البالغ عددهم 290 شخصاً.[10]

بعد الحرب المفروضة، حافظت جزيرة هنجام على أهميتها السابقة. فهي، إلى جانب جزيرتي هرمز ولارك عند مدخل الخليج الفارسي، ذات أهمية قصوى من ناحية قدرة المراقبة والسيطرة البحرية، وتُعتبر الدرع الدفاعي لإيران في مواجهة التهديدات. كما أن قربها من جزيرة قشم يسهّل عملية إسنادها اللوجستي.[11]

تتمتع هنجام بميزة العمق المناسب لقاع البحر حولها، مما يجعلها موقعاً مثالياً لتمركز السفن الحربية والغواصات[12]. ورغم أن هنجام كان لها دور مهم تاريخياً في التحكم بحركة الملاحة، فقد حافظت اليوم على دورها الاستراتيجي والعسكري، وأصبحت أيضاً وجهة سياحية ممتازة بسبب وجود الدلافين وشواطئها الجميلة.[13]

وفي 12 أغسطس 2015م، دُفن في الجزيرة جثمان شهيدين غواصين مجهولي الهوية، بعد تشييعهما من قبل الأهالي.

 

 

[1] سايباني، أحمد، جغرافیای تاریخی هرمزگان(الجغرافيا التاريخية لهرمزجان)، بندر عباس، نسيم بادگير، 1399 ش/ 2020م، ص 138.

[2] سايباني، أحمد، المصدر نفسه، ص 146 و 147.

[3] أفشار سيستاني، إيرج، نام دریای پارس و دریای مازندران و بندرها و جزیره‌های ایرانی (اسم بحر فارس وبحر مازندران والموانئ والجزر الإيرانية)، طهران، كشتيراني والفجر هشت، 1376 ش/ 1997م، ص 155.

[4] سايباني، أحمد، المصدر نفسه، ص 147.

[5] فصلنامه مطالعات تاریخی (فصلية الدراسات التاريخية)، ع 65، صيف 1397 ش/ 2018م، ص 121.

[6] فصلنامه جغرافیایی نظامی و امنیتی (الفصلية الأكاديمية للجغرافيا العسكرية والأمنية)، ع 1، ربيع 1394 ش/ 2015م، ص 113.

[7] نعمتي، يعقوب، كريمي، حجة الله، أكبربور، محمد جواد، روزشمار جنگ ایران و عراق(التقويم اليومي للحرب الإيرانية العراقية)، الكتاب السابع والعشرون: آماده‌سازی عملیات والفجر 4 (التحضير لعملية والفجر 4)، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1394 ش/ 2015م، ص 744 و 745.

[8] لطف‌الله‌زادگان، علي رضا، همتي، إيرج، روزشمار جنگ ایران و عراق (التقويم اليومي للحرب الإيرانية العراقية)، الكتاب الثامن والعشرون: نخستین عملیات بزرگ در شمال غرب والفجر 4 (أول عملية كبرى في الشمال الغربي والفجر 4)، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، 1396 ش/ 2017م، ص 1103.

[9] جمشيدي، محمد حسين، يزدان فام، محمود، روزشمار جنگ ایران و عراق (التقويم اليومي للحرب الإيرانية العراقية)، الكتاب السابع والأربعون: آخرین تلاش‌ها در جنوب (المحاولات الأخيرة في الجنوب)، طهران، مرکز اسناد و تحقیقات دفاع مقدس (مركز وثائق وبحوث الدفاع المقدس)، ط3، 1390 ش/ 2011م، ص 409.

[10] ماهنامه صنایع هوایی (مجلة الصناعات الجوية الشهرية)، السنة 26، ع 298، ص 26 و 27.

[11] قلي زاده، السيد إبراهيم، كلاري، بشير، المصدر نفسه، ص 113.

[12] مجله سیاست دفاعی (مجلة السياسة الدفاعية)، السنة 21، ع 84، ربيع 1394 ش/ 2015م، ص 112.

[13] إسلامي چاهوئي، محمد، نقش اقتصاد مقاومتی در توسعه جزیره قشم با تأکید بر گردشگری طبیعی(دور اقتصاد المقاومة في تطوير جزيرة قشم مع التركيز على السياحة الطبيعية)، کنفرانس بین‌المللی تغییر و تحول (المؤتمر الدولي للتغيير والتحول)، 14 و 15 مهر 1395 ش/ 5 و 6 أكتوبر 2016م، ص 7.