العمليات
عمليّة ثامن الأئمّة (ع)
لیلا حیدری باطنی
11 دورہ
عمليّة الهجوم ثامن الأئمّة (ع) كانت أوّل عمليّة مشتركة بين الجيش وحرس الثورة الإسلامية في الحرب المفروضة، والتي أُجريت في 27 سبتمبر 1981م تحت قيادة لواء 77 مشاة خراسان في محور عبادان إلى شرق كارون في محافظة خوزستان. كان هدف هذه العمليّة هو كسر حصار عبادان، وقد تمّ تحقيق ذلك بنجاح.
بعد عزل بني صدر من منصب القائد العام للقوات المسلحة، أصبح التعاون المشترك بين الحرس والجيش ممکناً. بعد سقوط خرمشهر، تمكن الجيش البعثي في 1 نوفمبر 1980م من محاصرة المدينة من خلال بناء جسر على نهر بهمن شير في منطقة ذوالفقاري شمال عبادان[1] فور ذلك، في 5 نوفمبر 1980م، أصدر الإمام خميني الأمر «يجب كسر حصار عبادان».[2]
الفرقة 77 مشاة خراسان في الجيش، بعد استلامها مسؤولية المنطقة العملياتية في خرمشهر وعبادان من قيادة أروند، دخلت الجنوب في اواسط مارس 1981م.[3] أحد أول الأمور التي تمت تنفيذها بعد استقرار 77 كانت إنشاء طريق بطول ثمانية عشر كيلومترًا، مما أتاح إمكانية التنقل إلى عبادان.[4]
نجحت الفرقة 77 في عمليات محدودة مثل تلال مدن أو ميدان الرماية في عبادان في 15 مایو 1981م ودارخوین في 11 یونیو 1981م، مما ساعد على استعادة معنويات القوات العاملة. بعد الفشل في هذه العمليات، اتبعت جيش البعث تكتيك الدفاع وتراجعت من شرق كارون، مع الحفاظ على منطقة محدودة منه، واكتفت بتعزيز مواقعها الدفاعية.[5]
في یونیو1981م، أعدت قيادة القوات البرية في الجيش خطة لعملية هجومية واسعة. وقد تم تكليف الفرقة 77 خراسان بتنفيذها.[6] في البداية، تم تسمية عملية كسر الحصار عن عبادان باسم «خطةحمزة»[7]، لكن الخطة النهائية تمت الموافقة عليها تحت اسم «عملية ثامن الأئمة (ع)» في 17 سبتمبر 1981م.[8]
أحد الأهداف الرئيسية للعملية كان البعد الدعائي/ الإعلاني وزيادة معنويات الشعب. ولهذا الغرض، كان من المقرر أن تُنفذ العملية في الذكرى السنوية لهجوم جيش البعث على الأراضي الإيرانية في 22 سبتمبر 1981م، لكن نقص الذخيرة واستعداد العدو أدى إلى تأجيل العملية لمدة أسبوع.[9]
كانت القدرة القتالية للفرقة 77 مشاة تتكون من ثلاثة ألوية تضم تسعة کتائب مشاة، وکتیبتین دبابات، وکتیبة الفارس المدرع، وکتائب المدفعية والهندسة. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك کتیبة دبابات تنظيمية من المركز المدرع، وکتیبة دبابات من الفرقة 16 المدرعة في قزوين، وکتیبة إغاثة من الدرك، وکتیبة دبابات من الفرقة 92 المدرعة، وکتیبة 107 من الدرك المتمركزة في منطقة عبادان - ماهشهر کما تم وضعهم تحت قيادة الفرقة 77. كما كانت القدرة القتالية لحرس الثورة تشمل خمسة عشر کتیبة.[10]
صدر أمر تنفيذ العملية في الساعة 1 صباحًا من 27 سبتمبر 1981م، وبدأت برمز «نصر من الله وفتح قريب» من ثلاثة محاور رئيسية بقيادة حسن باقري في محور دارخوين، وسيد يحيى رحيم صفوي في محور فياضيه، وعلي عساکره في محور طريق عبادان - ماهشهر[11] ومحور فرعي.[12]
مع بدء العمليات، في الساعات الأولى من 27 سبتمبر، هاجمت اللواء الأول، كتيبة المشاة 136، الفرقة 77، من منطقة ذو الفقارية إلى متاریس/حواجز جيش العراق على طريق ماهشهر - عبادان. واجهت كتيبة 163 مشاة، بعد الهجوم نحو حاجز/متراس العدو بالقرب من طريق عبادان - الأهواز، نيراناً كثيفة من مدفعيتهم. بعد ذلك، تقدمت لواء 2 في جبهة فياضيه و لواء 3 في جبهة دارخوين، حيث كانت هاتان الجبهتان من المحاور الرئيسية للعملية، وحققت تقدماً كبيراً بالإضافة إلى تكبيد الجيش العراقي خسائر فادحة، وأسر 122 شخصاً. كما تمكنت كتيبة 163 من الوصول إلى الأهداف المطلوبة من خلال أسر كتيبتين من القوات العراقية. مع احتلال قرية مارد، وجسر قصبة وتقدم القوات الإيرانية نحو جسر حفار، تفاقم أوضاع قادة العراق في شرق كارون. لقد دافعوا القوات الإيرانية بإشعال النار علی سطح نهر كارون لقطع الاتصال بين شرق وغرب كارون في المسافة بين جسر قصبة وجسر حفار.[13]
لذا انضمت قوات محوري الفياضية ودارخوين بعضهما إلى البعض، وأقامت خط دفاعي شرق كارون، حيث حاصرت القوات العراقية شرق كارون. بحيث استسلمت ثلاثون دبابة عراقية مع قائدها. وواصلت الكتائب 163 و122 من اللواء الثاني التقدم والتطهير من الشمال.[14] كانت درجة حرارة الجو في منطقة العمليات 42 درجة مئوية فوق الصفر.[15] لذا انضمت قوات محاور فياضية و دارخوین إلى بعضهما البعض .كما عبر المقاتلون حقول الألغام والفخاخ المتفجرة، وعند اقترابهم من مواقع العدو، فاجأوا الجيش البعثي.[16] في أقل من 24 ساعة، تمكن مقاتلو محور دارخوين من الالتفاف حول قوات العدو من منطقة نهر شادغان، وبتعاونهم مع قوات جبهة الفياضية، تمكنوا من كسر مقاومة العدو والالتحاق بين المحورين.
مع تنفيذ العملية بالكامل في المحورين دارخوين والفياضية، تم إغلاق جسور القصبة والحفار، وحوصرت القوات المعادية. كانت إنجازات اليوم الأول من العملية تشمل عددًا كبيرًا من الأسرى، والاستيلاء على الأهداف المحددة، وإلحاق أضرار رئیسیة بالفرقة 3 المدرعة العراقية.[17]
في اليوم الثاني من عملية ثامن الأئمة (ع)، 28 سبتمبر 1981م، أصدر قادة العملية أمراً بقصف مستودع مهمات عراقي في حفار الشرقي. في نهاية اليوم، تم الاستيلاء الكامل على شرق كارون من قبل القوات الإيرانية، وانشغلت الوحدات بتطهير المنطقة وجمع الأسرى، و بجهود المقاتلين، تم تدمير جميع الجسور الموصلة بما في ذلك جسر حفار الشرقي وجسر قصبة الغربي الذي كان يعتمد عليه القوات العراقية في الجناح الغربي. وبالتالي، انتهت العملية بعد يومين بتحقيق جميع الأهداف. في هذه العملية، استشهد الرائد برويز حبراني، قائد الكتيبة 110 مشاة من فرقة 77.[18]
تعتبر عملية ثامن الأئمة (ع) نقطة تحول في تاريخ الحرب الإيرانية العراقية، حيث كانت هذه العملية من جهة نهاية المعارك شبه الواسعة وعاملاً للتحول الاستراتيجي في السنة الأولى من الحرب، ومن جهة أخرى، كانت الخطوة الأولى لبدء العمليات الواسعة وتحرير المناطق المحتلة.[19]
أيضًا في هذه العملية، قام طيّارو طيران القوات البرية بالطيران لمدة 1200 ساعة باستخدام أربعين مروحية، لنقل 620 جريحًا و800 مقاتل، بالإضافة إلى نقل وتفريغ 35 طنًا من البضائع والذخائر.[20]
من إنجازات العملية، بالإضافة إلى تحرير أكثر من 150 كيلومترًا مربعًا من أراضي إيران، هو الأثر المعنوي والنفسي لها. بعد عام من بدء اعتداء العراق لإيران، لم تتمكن القوات الإيرانية من توجيه ضربة قاسية وملحوظة للجيش العدو. كما اعترف القادة العراقيون بالهزيمة وأطلقوا عليها اسم "الانسحاب التكتيكي".[21]
ومن النتائج الأخرى التي تم تحقيقها، يمكن الإشارة إلى تطهير المناطق بين مارد وسلّمانية وجنوب محور ماهشهر وعبادان، وتحرير طريقين هامين هما ماهشهر - عبادان وأهواز - عبادان، والاستيلاء على ثلاثة جسور مواصلات للعدو على نهر كارون.[22]
في هذه العملية، قُتل وأصيب حوالي 1800 من القوات العراقية، وتم أسر 1500 من أفراد القوات العراقية. تم تدمير تسعين دبابة وناقلة مدرعة، ومئة سيارة، وعدد من مستودعات الذخيرة، وجسرين. ومن الغنائم التي تم الاستيلاء عليها، يمكن الإشارة إلى مئة وستين دبابة وناقلة مدرعة، ومئة وخمسين سيارة، وثلاثين جرافة، وخمس مدافع عيار 152 ملم، ومدفعين من نوع كاتيوشا، وعدد من البنادق عيار 106 ملم، والأسلحة الخفيفة والثقيلة، وكمية من الذخيرة.[23] باستخدام هذه الغنائم، نظم الحرس الثوري أول وحدة مدرعة له تحت اسم اللواء 30 مدرع. كما تم تشكيل أول مدفعية للحرس الثوري بعد الاستيلاء على عشرين مدفعًا عيار 152 و122 ملم من الجيش العراقي.[24]
بعد هذه العملية، تم إعدام سبعة من القادة العسكريين الكبار في جيش العراق بأمر مباشر من صدام. كما هددت القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية قادتها بأنه يجب عليهم التعامل بحزم مع الفارين من ساحة المعركة، وإلا فإن المسؤولية عن ذلك ستقع على عاتق القادة. کما، يجب على كل قائد من قادة الوحدات العراقية الذين فقدوا مواقعهم نتيجة الهجوم الإيراني استعادة المنطقة خلال ثلاثة أيام، وإلا سيتعرض للإعدام.[25]
[1]. علائي، حسين، روند جنغ ایران و عراق (مسار الحرب الإيرانية العراقية)، ج1، طهران: مرزوبوم، 2012م، ص218 و 219.
[2]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، طهران: سوره سبز، الطبعة الخامسة والثلاثون، 2014م، ص64.
[3]. نفسه؛ سروري، روح الله، جاوداني، أبو القاسم، عملية ثامن الأئمة، ج1، الدفتر الأول، طهران: هيئت معارف جنغ، 2005م، ص99 و 100؛ حسيني، سيد يعقوب، جوادي بور، محمد، ارتش جمهوري اسلامي ايران در هشت سال دفاع مقدس، ج3: اشغال خرمشهر و شکستن حصر آبادان (جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ثماني سنوات من الدفاع المقدس، ج3: احتلال خرمشهر وكسر حصار عبادان)، طهران: سازمان عقيدتي سياسي ارتش جمهوري اسلامي ايران ، 1994م، ص217.
[4]. بورجباري، بيجمان، اطلس جغرافياي حماسي1: خوزستان در جنغ (أطلس الجغرافيا الملحمية 1: خوزستان في الحرب)، طهران: صرير، 2010م، ص100.
[5]. نفسه، ص119.
[6]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص64.
[7]. سليماني خواه، نعمت الله، اين سوي اروند جايي براي دشمن نيست (في هذا الجانب من أروند لا مكان للعدو)، طهران: مرکز مطالعات و تحقيقات جنغ، 2014م، ص465.
[8]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص64.
[9]. سروري، روح الله، جاوداني، أبو القاسم، عملية ثامن الأئمة، ج1، الدفتر الأول، ص186 و 187.
[10]. حسيني، سيديعقوب، جواديبور، محمد، ارتش جمهوري اسلامي ايران در هشت سال دفاع مقدس (جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ثماني سنوات من الدفاع المقدس)، ج3، ص254 و 255.
[11]. سليمانيخواه، نعمتالله، اين سوي اروند جايي براي دشمن نيست (في هذا الجانب من أروند لا مكان للعدو)، ص475 و 476 و 482 و 491.
[12]. دري، حسن، اطلس راهنما5: کارنامه نبردهاي زميني، طهران: مرکز مطالعات و تحقيقات جنغ، 2002م، ص78؛ دائرةالمعارف انقلاب اسلامي ويجه نوجوانان و جوانان (موسوعة الثورة الإسلامية الخاصة بالمراهقين والشباب)، ج1، طهران: سوره مهر، 2005م، ص258.
[13]. سليمانيخواه، نعمتالله، اين سوي اروند جايي براي دشمن نيست (في هذا الجانب من أروند لا مكان للعدو)، ص480-478.
[14]. نفسه، ص475 و 476؛ سروري، روحالله، جاوداني، ابوالقاسم، عمليات ثامن الأئمة، ج1، دفتر اول، ص188 و 198-194 و 201.
[15]. إيزدي، يد الله، روزشمار جنغ ايران و عراق، کتاب بانزدهم: شکستن محاصره آبادان (التقويم اليومي لحرب إيران والعراق، الكتاب الخامس عشر: كسر حصار عبادان)، طهران: مرکز مطالعات و تحقيقات جنغ، 2017م، ص1056.
[16]. دائرةالمعارف انقلاب اسلامي ويجه نوجوانان و جوانان (موسوعة الثورة الإسلامية الخاصة بالمراهقين والشباب)، ج1، ص257 و258.
[17]. دري، حسن، أطلس حرب إيران والعراق، طهران: مرکز مطالعات و تحقيقات جنغ، 2010م، ص46.
[18]. سروري، روح الله، جاوداني، أبو القاسم، عملية ثامن الأئمة، ج1، الدفتر الأول، ص204 و205.
[19]. دري، حسن، أطلس حرب إيران والعراق، ص46.
[20]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص64. لمكتب الأول، ص188 و 198-194 و 201.
[21]. سروري، روحالله، جاوداني، ابوالقاسم، عمليات ثامن الأئمة، ج1، الدفتر الأول، ص206 و 207؛ دائرةالمعارف انقلاب اسلامي ويجه نوجوانان و جوانان (موسوعة الثورة الإسلامية الخاصة بالمراهقين والشباب)، ج1، ص259.
[22]. دري، حسن، أطلس راهنما5، ص78.
[23]. همان؛ إيزدي، يدالله، روزشمار جنغ ايران و عراق (التقويم اليومي لحرب الإيرانية والعراقية)، الكتاب الخامس عشر، ص1084.
[24]. سليمانيخواه، نعمتالله، اين سوي اروند جايي براي دشمن نيست (في هذا الجانب من أروند لا مكان للعدو)، ص499.
[25]. إيزدي، يدالله، روزشمار جنغ ايران و عراق (التقويم اليومي لحرب الإيرانية والعراقية)، الكتاب الخامس عشر، ص1085.