العمليات
عملية طريقالقدس
زهراسادات ذوقی
11 Views
نفذ الحرس الثوري الإسلامي والجيش الجمهوري الإسلامي الإيراني عملية طريق القدس في ديسمبر 1981 في محافظة خوزستان بهدف تحرير المدينة الحدودية بستان.
بعد عملية ثامن الأئمة 27 سبتمبر 1981م[1]، وضع قادة الحرس والجيش الجمهوري الإسلامي الإيراني خطة طويلة الأمد واستراتيجية جديدة بهدف تدمير الآلات الحربية العراقية، وتحرير المناطق المحتلة من إيران، واستعداد القوات الإيرانية لتنفيذ عمليات مختلفة، تحت عنوان خطة «کربلا» المكونة من اثنتي عشرة نقطة كان تنفيذ كل خطة يعتمد على خطوط الدفاع الإيرانية بعد كل عملية ومدى تحرير القوات الإيرانية من تلك الخطوط.[2]
لذلك، طلب العميد علي صياد شيرازي، قائد القوات البرية للجيش، من مقر القوات البرية المتقدم الذي كان يقع في جنوب خوزستان، أن يقدموا خططهم لتنفيذ عمليات هجومية في منطقة خوزستان وتحرير المناطق المحتلة. وفقًا لاقتراح المقر، تم تقديم تنفيذ العمليات في منطقتين: بستان و دزفول. لتعزيز القدرة القتالية للجيش ، كان من الضروري الاستفادة من القوات الشعبية وحرس الثورة أيضًا.
بعد دراسة خطة العمليات من قبل قائد القوات البرية، وضع العميد حسين خرسندي، نائب منسق القوات البرية، خطة عامة تتضمن هجومًا منفردًا في شمال كرخة (محور بستان) وهجومًا متزامنًا في جنوب كرخة (جبهة دزفول). [3] لذا، تم تنفيذ عملية طريق القدس، التي كانت أول خطة من خطط كربلاء لتحرير مدينة بستان الحدودية. لتحقيق هذه الأهداف، كان يجب أخذ جهدين رئيسيين وثانويين بعين الاعتبار. كان الجهد الرئيسي يتمثل في محورين مع لواءين مشاة من الحرس الثوري ولواء مدرع من الجيش وكتيبة ميكانيكية من الحرس، والتي كانت تنفذ العمليات من المناطق الرملية غرب تلال الله أكبر. ثم، مع التقدم نحو مضيق جزابة، كانت تدمر القوات البعثية في هذا المضيق. في الجهد الداعم، كانت الوحدات تعمل في ثلاثة محاور مع لواءين مشاة من الحرس الثوري ولواءين مدرعين من الجيش، حيث كانت تنفذ مناورات من جنوب نهر الكرخة إلى شمال نهر نيسان، بهدف تحرير مدينة بستان وغرب سوسنغرد.[4] من أجل الحفاظ على الاتصال وتبادل المعلومات لتنفيذ العمليات، كانت تُعقد جلسات مقترحة وتوجيهية مشتركة بين قادة الحرس الثوري والجيش في مقر كربلاء 1 (الجيش) ومراكز قيادة اللواء 16 المدرع أو اللواء 2 المدرع من اللواء 92 (وحدات الجيش).[5]
عمليات الهجوم للواء 2 من الفرقة 92 المدرعة (17 نوفمبر 1980م)، والفرقة 16 المدرعة في منطقة كرخه كور (5 ینایر 1981م)، وعمليّة خيبر (2 سبتمبر 1981م) كانت من بين العمليات التي تمهّد لطريق القدس.[6]
تم إدراج تنفيذ خطة عمليات القدس على جدول أعمال الحرس الثوري الإيراني والجيش اعتبارًا من 7 اکتوبر 1981م. ومن أجل المواجهة المباشرة مع القوات البعثية وضمان النصر في العملية، اقترح مخططو العمليات في الحرس الثوري الإسلامي خطة لبناء طريق في المنطقة الشمالية (جزابه). بدأت أعمال إنشاء الطريق في 7 نوفمبر 1981م وانتهت بعد عشرين يومًا. كان طول هذا الطريق ثمانية عشر كيلومترًا وعرضه سبعة أمتار.[7]
مجموعة الفحص للقوات البرية في الجيش، في رسالة إلى علي صياد شيرازي، قامت بتحليل تكتيكي واستعراض نقاط القوة والضعف، وتوقعت أن تكون الخطة العملياتية للهجوم على المواقع المحصنة للقوات البعثية مصحوبة بالفشل أو الخسائر للقوات الإيرانية. في هذا الفحص، اعتبر خبراء القوات البرية في الجيش أن تنفيذ عمليات الحرس الثوري في شمال المنطقة العملياتية (جزابه) هو القوة الرئيسية للعملية. ومع ذلك، أعلنوا أن العملية، حتى في حالة الانتصار، ستكون بدون ميزة تكتيكية للقوات الإيرانية. في 23 نوفمبر، تم إرسال رسالة سرية من الإدارة العامة للجيش العراقي إلى الوحدات العراقية، تتعلق بتنفيذ العمليات الإيرانية في جبهة البستان بهدف السيطرة على طريق التعاون، طريق بستان جزابه، الذي كان يربط المحور الشمالي والجنوبي للقوات العراقية داخل الأراضي الإيرانية.
لكن لم يتم ذكر أي شيء عن إنشاء الطريق أو تنفيذ المناورة. في الخامس من ديسمبر، تم التوصل إلى اتفاق عام بشأن آخر التغييرات في المناورة بناءً على اقتراح الحرس الثوري بتنفيذها في منطقة جزابه.[8]
في 26 نوفمبر، تم إرسال رسالة اخری/جدیدة من اللواء 26 (العراق) تتعلق بتنفيذ عمليات القوات الإيرانية، حيث قدمت معلومات دقيقة حول أهداف هذه العمليات والوحدات المشاركة، وتم إعلان حالة الاستعداد للقوات العراقية المستقرة في المنطقة لمدة ثلاثة أيام. لم تُشر هذه الرسالة إلى تنفيذ هجوم في جبهة جزابة. كانت هذه الرسائل تشير إلى أن القوات العراقية، رغم امتلاكها معلومات دقيقة في جنوب المنطقة العملياتية، لا تزال غير مطلعة على تنفيذ العمليات في منطقة جزابة.
في 27 نوفمبر، تم الإعلان عن يوم ووقت العمليات. في نفس اليوم، قام علي صياد شيرازي ومحسن رضايي، القائد العام للحرس الثوري، بإجراء آخر التنسيقات، وقدموا التوصيات اللازمة في رسالة إلى الوحدات العملياتية.
في رسالة صياد شيرازي، تم ذكر امور منها أن قيادة الوحدات الهجومية تقع على عاتق الحرس الثوري، بينما تقع مسؤولية الدعم على عاتق وحدات الجيش. كما أبلغت قيادة الحرس الثوري أن قيادة العملیة تتولى مسؤوليتها غلام علي رشيد.[9] في النهاية، تم تنفيذ عملية طريق القدس في 29 نوفمبر 1981م، في الساعة 30 دقيقة بعد منتصف الليل، برمز «يا حسين عليه السلام».[10]
تم تنفيذ العملية الرئيسية في شمال كرخة بشكل جيد وسريع. تمكنت قوات الحرس الثوري تحت هطول الأمطار من كسر الساتر الترابي العراقي والدخول إلى مواقعهم. من جهة الشرق والشمال من بستان، تسللت القوات إلى عمق المنطقة. القوات التي تقدمت من شمال بستان فقدت الطريق عدة مرات، لكنها في النهاية تمكنت من السيطرة على مقر كتائب المدفعية للعدو.
في الساعة الثالثة صباحًا، استقرت كتيبة دبابات من الفرقة 16 المدرع على طريق جزابة بستان، مما أغلقت المؤخرة الرئيسية للعدو باتجاه جزابة. وبهذا، تم تحرير المنطقة المحتلة في كرخة، وبدأ اللواء 3 المدرع بالتقدم في عمق المنطقة. تمكنت قوات لواء الإمام الحسين (عليه السلام) من الحرس الثوري، برفقة كتيبة ميكانيكية من الحرس وكتيبة من اللواء 3 من الجيش المدرع، من الوصول إلى مضيق جزابة بعد عبور الأراضي الرملية، وتم تحقيق الأهداف المتوقعة. في محور دهلاوية جنوب نهر كرخة، توقفت القوات بعد حوالي كيلومترين من التقدم. في محور السويداني، من المناطق العملياتية الأخرى جنوب نهر الكرخة، تمكنت القوات من الوصول إلى جسر الوان لكنها لم تتمكن من السيطرة عليه. مع استمرار الاشتباكات، أدى دخول القوات إلى المنطقة إلى زيادة كثافة القوات في المنطقة، مما جعل السيطرة على العمليات صعبة على القادة وتسبب في وقوع خسائر في صفوف القوات. كما تم أسر عدد من قوات الحرس الثوري على يد العراقيين. بشكل عام، لم تتمكن القوات في المحور الجنوبي من تحقيق الأهداف وتراجعت. [11]
في نفس اليوم، هنأ الإمام خميني في رسالة النصر في هذه العملية واعتبرها فتح الفتوح.[12]
في الساعة 6:30 صباحاً من 30 نوفمبر، بدأت القوات العراقية بمفردها لاستعادة المواقع المفقودة، لكنها فشلت. واستؤنفت العمليات في الساعة 9 صباحاً. في جبهة شمال الكرخة وغرب البستان، وصلت القوات إلى غرب البستان. وفي جنوب الكرخة، تحركت القوات نحو البستان. في النهاية، تم تحرير البستان الذي احتلته القوات العراقية في 26 سبتمبر 1980م بعد 412 يوماً، كما تم تحرير حوالي 250 كيلومتراً من الأراضي المحتلة الإيرانية.[13]
اليوم الثالث، 2 اکتوبر، كانت حالة الجبهة في شمال نهر الكرخة هادئة إلى حد ما، لكن استمر تبادل النيران في جزابة و بستان . [14] وفي اليوم الرابع، كثفت القوات العراقية غاراتها الجوية على المدن والمناطق السكنية، بالإضافة إلى محاولتها استعادة المناطق المحررة..[15]
بعد ستة أيام من النجاح النسبي، انتهت العمليات بنجاح كامل في 5 اکتوبر مع انسحاب جيش البعث العراقي إلى جنوب نهر نيسان.[16]
في هذه العمليات، قتلت القوات الإيرانية 2500 من قوات البعث وأسرّت 534 آخرين. كما دمرت 207 دبابات وناقلات مدرعة و18 طائرة لهم. وتم الاستيلاء على 19 مدفعًا و87 جرافة ولودر وجرار.[17] في هذه العمليات، استشهد 799 من القوات الإيرانية، منهم 674 من الحرس الثوري والمتعبویین و125 من الجيش. [18]
بعد نجاح إيران في عملية طريق القدس وظهور وضع جديد لإيران، زادت المخاوف في العراق. كتبت صحيفة واشنطن بوست في هذا المجال: "عراق قد اقترح سراً سحب قواته من إيران ودفع تعويضات مالية، بشرط أن تكون إيران مستعدة لمنح امتيازات، بما في ذلك إلغاء طلبها لتشكيل هيئة لتحديد المسؤول عن بدء الحرب."[19]
بعد عملية طريق القدس، قام العدو باتخاذ إجراءات لاستمرار استقراره في المناطق المحتلة، بما في ذلك دعم القوات المناهضة للثورة الداخلية، ومحاولة إحداث تأخير في العمليات اللاحقة للقوات الإيرانية، وتقديم اقتراحات للسلام.[20]
تذكار عملية طريق القدس في مضيق الشهيد علي مرداني (جزابة) هو موقع زيارة قوافل راهيان نور في المنطقة.[21]
[1]. رشيد، محسن، اطلس جنغ ايران و عراق (أطلس حرب إيران والعراق)، طهران: مرکز اسناد و تحقيقات دفاع مقدس، الطبعة الثالثة، 2013م، ص46.
[2]. لطف الله زادغان، علي رضا، روزشمار جنغ ايران و عراق، کتاب شانزدهم: آزادسازي سرزمينهاي ايران غام دوم: بستان (التقويم اليومي لحرب الإيرانية والعراقية، الكتاب السادس عشر: تحرير أراضي إيران، الخطوة الثانية: بستان)، طهران: مرکز اسناد و تحقيقات دفاع مقدس، 2015م، ص705.
[3]. بور داراب، سعيد، كريمي، نبي، تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج 16: فتح بستان، طهران: مرکز اسناد انقلاب اسلامي، 2010م، ص154 و155؛ بختياري، مسعود، عملية طريق القدس، طهران: سازمان حفظ آثار و ارزشهاي دفاع مقدس آجا بالتعاون مع انتشارات صباح، 2000م، ص48 و49.
[4]. لطف الله زادغان، علي رضا، روزشمار جنغ ايران و عراق، کتاب شانزدهم (التقويم اليومي لحرب الإيرانية والعراقية، الكتاب السادس عشر)، ص742.
[5]. بور داراب، سعيد، كريمي، نبي، تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج16، ص247 و248.
[6]. بختياري، مسعود، عملية طريق القدس، ص42-37.
[7]. لطف الله زادغان، علي رضا، روزشمار جنغ ايران و عراق، کتاب شانزدهم (التقويم اليومي لحرب الإيرانية والعراقية، الكتاب السادس عشر)، ص20.
[8]. نفسه، ص21 و20.
[9]. نفسه، ص21.
[10]. نفسه، ص20؛ بور داراب، سعيد، كريمي، تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج16، ص169.
[11]. لطف الله زادغان، علي رضا، روزشمار جنغ ايران و عراق، کتاب شانزدهم (التقويم اليومي لحرب الإيرانية والعراقية، الكتاب السادس عشر)، ص781-786.
[12]. بور داراب، سعيد، كريمي، نبي، تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج16، ص247 و248.
[13]. لطف الله زادغان، علي رضا، روزشمار جنغ ايران و عراق، کتاب شانزدهم (التقويم اليومي لحرب الإيرانية والعراقية، الكتاب السادس عشر)، ص803-801؛ نيري، حسين، قطعهاي از آسمان: بستان (قطعة من السماء: بستان)، طهران: سازمان هنري و ادبيات دفاع مقدس، 2014م، ص60.
[14]. لطف الله زادغان، علي رضا، روزشمار جنغ ايران و عراق، کتاب شانزدهم (التقويم اليومي لحرب الإيرانية والعراقية، الكتاب السادس عشر)، ص813 و814.
[15]. نفسه، ص836-825.
[16]. نفسه، ص20؛ بور داراب، سعيد، كريمي، نبي، تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج16، ص169؛ رشيد، محسن، اطلس جنغ ايران و عراق (أطلس الحرب الإيرانية والعراقية)، ص47.
[17]. بور داراب، سعيد، كريمي، نبي، تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج16، ص438-436.
[18]. رزاق زاده، أمير، نبرد طريقالقدس (معركة طريق القدس)، طهران: مرکز اسناد و تحقيقات دفاع مقدس، 2012م، ص818.
[19]. درودي، محمد، سيري در جنغ ايران و عراق، ج1: خونينشهر تا خرمشهر (جولة في الحرب الإيرانية والعراقية، ج1: خونين شهر حتى خرمشهر)، طهران: مركز الدراسات والبحوث للحرب التابعة لحرس الثورة الإسلامية، الطبعة التاسعة، 1387، ص80.
[20]. نفسه، ص80-78.
[21]. كتاب کار راوي (عمل الراوي) 3، مشهد: ستارهها، 2016م، ص73.