العمليات

عملیة والفجر 2

لیلا حیدری باطنی
22 Views

عملية والفجر 2 أُنفذت في يوليو 1983م في منطقة غرب بيرانشهر في محافظة أذربيجان الغربية. كانت هذه العملية تهدف إلى الاستيلاء على ثکنة حاج عمران، وأسر جنود من جيش البعث، وتدمير المواقع المناهضة للثورة والجماعات في أراضي العدو. كانت العملية ناجحة من خلال الاستيلاء على بعض المرتفعات وتحرير أكثر من ثمانين قاعدة تجمع للعدو.

بعد عمليات والفجر المقدمة (6 يناير 1983م) و والفجر 1 (10 إبريل 1983م) في المناطق العملياتية الجنوبية، توجهت أنظار القادة إلى المناطق الغربية من البلاد، وبعد التحليل والدراسات اللازمة، تم إدراج تنفيذ عمليات والفجر 2 و 3 و 4 و 5 و 6 في جدول الأعمال.

 كانت أهم القضايا في تنفيذ هذه السلسلة من العمليات هي استخدام القوة القليلة، وتقليل الخسائر، ومنع حدوث ضربة أساسية لقوة القوات، وضمان نجاح العمليات، وإقناع العراق بشروط الجمهورية الإسلامية.[1]

وأدى نجاح العملية إلى مراقبة تحركات المناهضين للثورة ودعم ومساندة المقاتلين المسلمين الأكراد العراقيين. [2]

بالإضافة إلى ذلك، فإن السيطرة على معسكر حاج عمران، وقرى زينو ورايات، والطريق الاستراتيجي بين بيرانشهر- رواندوز كانت ستؤدي إلى تدمير المراكز اللوجستية والمدفعية للجيش العراقي من جهة، والمصادر المهمة لدعم المناهضين للثورة من جهة أخرى.[3] كما تم منع أي اعتداء على بيرانشهر، مما أتاح إمكانية توسيع العمليات غير منتظمة في الأراضي العراقية، وتهيئة الظروف للاقتراب من المنشآت النفطية في كركوك.[4]

لذلک قامت القواعد الغرب والشمال الغربي للبلاد، عمليات هجومية واسعة النطاق لتجبر العراق على سحب قواته من جنوب البلاد وتغيير ميزان القوى في المنطقة الجنوبية لصالح القوات الإيرانية. تم تصميم وتنفيذ عملية والفجر 2 لتحقيق هذه الأهداف.[5]

كانت منطقة العمليات، محور بيرانشهر - رواندوز في محافظة أذربيجان الغربية في إيران، بين مرتفعات قمطره وتمرجين. كان الهدف من تنفيذ العملية هو السيطرة على مرتفعات سرکوب وثكنة حاج عمران، وتحرير المرتفعات الحساسة والاستراتيجية في المنطقة العامة بيرانشهر، والسيطرة على مدينة جومان مصطفى التي تبعد عشرين كيلومتراً عن ثكنة حاج عمران، ودفع اعتداء جيش العراق وأسر جنود عراقيين. كما كانت من الأهداف الأخرى للعملية، إغلاق المعابر المهمة لحركة المناهضين للثورة إلى كردستان إيران على حدود تمرجين، وتسهيل نفوذ القوات غير النظامية الإيرانية إلى كردستان العراق، وإمكانية تنقل المعارضين الأكراد العراقيين إلى إيران.[6]

لإجراء هذه العملية، في شمال غرب البلاد، تم اعتبار مقر حمزة سيد الشهداء بالتعاون مع مقر القوات البرية للجيش، مقر مالك الأشتر لقيادة والسيطرة على عملية والفجر 2. لذلك، تم تنفيذ عملية والفجر 2 بقيادة مقر مالك الأشتر، من قبل وحدات القوات البرية للجيش، والحرس الثوري، والبيشمركة الكردية.[8]  كانت القدرة القتالية للقوات تتكون من ستة عشر كتيبة من الحرس الثوري، وست كتيبات مشاة، وكتيبة ميكانيكية واحدة من القوات البرية للجيش. نظرًا لصعوبة التضاريس في المرتفعات، تولت طيران القوات البرية أيضًا جزءًا من دعم العملية.[9]

بدأت عملية والفجر 2 في الساعة 1 صباحًا من يوم 20 يوليو 1983م، مع إعلان رمز «يا الله يا الله يا الله». بعد إصدار أمر العملية، تسلل المقاتلون من جناحي مرتفعات قمطره وتمرجين في عمق أراضي العراق إلى معدات الجيش العراقي، ونفذوا عمليات غير منتظمة في مناطق الشهداء، كهنه لاهيجان، وهوار برخلاء في شمال حاج عمران. وفي المحور الثاني، هاجموا خطوط العدو في منطقة حاج عمران،[10] محاصرين إياهم من الجهة الجنوبية الغربية لمحافظة أذربيجان الغربية، وأوقعوهم تحت نيران مدفعيتهم.[11] في الساعات الأولى من العملية، وقعت اشتباكات عنيفة في مناطق الجمارك، رايات، ودربند، مما إضطروا قوات العدو في قاعدة الجمارك على الفرار. مع فرارهم، تم الاستيلاء على المرتفعات المشرفة على قواعد الجمارك، وبعد ذلك تم الاستيلاء على قاعدتين مهمتين للعراق في مرتفعات كينغ وقاعدة خلان.[12]

بعد ساعات، تمكن المقاتلون من تحقيق هدفهم من خلال تدمير والاستيلاء على عدة قواعد تجمع العدو، وقاموا بتدمير الجسور اللوجستية والطرق الرئيسية بين بيرانشهر ورواندوز، مما أدى إلى تقليل قدرة العدو على المقاومة. ومع ذلك، استمر العدو في المقاومة رغم فقدانه لعدة نقاط استراتيجية مهمة في المرتفعات والمناطق السهلية. في محور شرق العمليات، بدأ المقاتلون بعبور العوائق الإيذائية والتسلل و الاختراق إلى مواقع جيش العراق، وبدؤوا عملية تطهير حقول الألغام.

 في محور تمرجين وقمطره، استمر تبادل النيران بشدة، لكن المعركة في مرتفعات كينغ كانت أكثر من غيرها من المناطق.[13] تمكن المقاتلون من إغلاق الطريق الوحيد الذي يربط جيش العراق في منطقة دربند في نهاية المنطقة العملياتية، مما أدى إلى محاصرة حوالي خمسة ألوية من جيش العراق، والتي تتكون من خمسة آلاف جندي، بكل معداتهم. في صباح اليوم الثاني، قامت القوات الإيرانية بتطهير المنطقة من العناصر المناهضة للثورة وداعمي جيش العراق.[14]

في المرحلة الثانية من العمليات، تمكنت القوات الإيرانية من التقدم على الطريق الرئيسي بين بيرانشهر ورواندوز نحو مواقع العدو. لم يتمكن الجيش العراقي من منع تقدمهم. وعندما لاحظ العدو تفوق القدرة القتالية للقوات الإيرانية، فرّ مستخدمًا الخنادق والمرتفعات في المنطقة، ورغم الهجمات الجوية الواسعة ضد مواقع القوات الإيرانية، لم يتمكن من تجنب المزيد من الخسائر والأضرار في صفوف قواته. في هذه المرحلة، استسلم عدد كبير من الضباط والمراتب في الجيش العراقي للقوات الإيرانية.[15]

في 29 يوليو 1983م، تراجعت القوات العراقية المستقرة في ممرات المرتفعات الإيرانية، وشكلت ثلاثة خطوط دفاعية تضمنت التحصين، وإنشاء ملاجئ، وزرع الألغام في مناطق واسعة. وبالتالي، وقعت العديد من الاشتباكات في هذه المناطق، وتم محاصرة المرتفعات المحيطة بحاج عمران من قبل إيران.[16] في الأيام التالية، قام المقاتلون باطلاق النار علي مواقع العدو، وكسروا خط دفاعهم، وتقدموا حتى عمق عدة كيلومترات داخل الأراضي العراقية، وتمكنوا من السيطرة على قاعدة حاج عمران بجميع معداتها المدرعة.

 كانت هذه القاعدة تقع على بعد ستة كيلومترات غرب الحدود الإيرانية العراقية، بجوار الطريق الرئيسي بين بيرانشهر ورواندوز، وكانت من المراكز المهمة لقيادة الجيش العراقي في المنطقة، وأيضًا مصدر تغذية للمعارضة.[17] كانت ذروة الاشتباكات بين القوات في مرتفعات 2519 (غردمند) حيث تم الاستيلاء عليها بعد تبادل السيطرة عليها من قبل المقاتلين الايرانيين.[18]

أخيرًا، انتهت عملية والفجر 2 في 14 أغسطس 1983م بعد 25 يومًا من القتال المستمر، مع السيطرة على الأهداف المحددة.[19]

من نتائج عملية والفجر 2 يمكن الإشارة إلى قمع المعارضة، وإلحاق خسائر فادحة بالعدو، والاستيلاء على كميات كبيرة من الذخائر والإمدادات والمعدات العسكرية للجيش العراقي. كما تم تحرير حوالي 270 كيلومترًا من أراضي العراق، والسيطرة على مناطق مثل ارتفاعات كلو، والاستيلاء على مدينة جومان مصطفى، وتحرير القرى الواقعة في محور بيرانشهر - رواندوز، وأكثر من ثمانين قاعدة ومركز تجمع للعدو، والاستيلاء على المرتفعات المهمة كينغ (الحرية)، غردمند، سيد الشهداء عليه السلام، تايجي كوران، قمم 2120 و1970 الشهيد آية الله صدر، المرتفعات 2062، كدو، خدرشرفان، جبل سرسول، تلة خالان في المناطق العامة بيرانشهر، قاعدة شيوه‌رش، وتحرير القري مينوتان العليا والسفلى، خوار العليا والسفلى، الانه، رايات العليا والسفلى، سومر وبابكرآب في العراق حول منطقة حاج عمران تُعتبر من نجاحات العملية.[20]

في هذه العملية، تم تدمير عدة مستودعات للذخيرة المدفعية، وأنواع من المدافع وقاذفات الهاون، وتم الاستيلاء على أكثر من 150 آلة لودر، وبلدوزر، وستين دبابة ومركبة مدرعة، واثني عشر ألف قطعة سلاح خفيف.[21] بالإضافة إلى ذلك، كانت من الغنائم القيمة للعملية رادار تتبع المدفعية الذي كانت العراق تسعى لمنع القوات الإيرانية من الاستيلاء عليه.[22] وقد تم تقدير عدد الضحايا من الجيش العراقي في هذه العملية بأربعة آلاف شخص بين جريح ومقتول و510 أسرى.[23]

 

لإكمال أهداف هذه العملية، تم تنفيذ عمليات والفجر 3 و4 و5 أيضًا في مناطق غرب البلاد.[24] وقد تمت هذه العمليات في وقت كانت فيه فرنسا تسعى لتسليم خمس طائرات سوبر إيتاندارد للعراق. بهذه الطريقة، كان بإمكان العراق استخدام هذه الطائرات لتهديد المنشآت النفطية الإيرانية، مما يهيئ الظروف لتدويل الحرب.‌‌[25] سعت الدول الغربية إلى منع توسيع أبعاد الحرب بين إيران والعراق من خلال إصدار قرار لإنهاء الحرب، وصادق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 31 اکتوبرعلى القرار 540.‌ [26]

بعد نجاح إيران في عمليات والفجر 2 و 3، زادت العراق من قصف المدن السكنية الإيرانية مثل أنديمشك وغيلان غرب.[27] أقيمت مراسم إحياء ذكرى شهداء عمليات والفجر 2 و3 والمدن التي تعرضت للقصف في مسجد الإمام خميني في سوق طهران.[28]

[1]. نعمت، يعقوب، کريمي، حجت‌الله، اکبربور، محمدجواد، روزشمار جنغ ايران و عراق، کتاب بيست‌وهفتم: آماده‌سازي عمليات والفجر 4(القويم اليومي للحرب الإيرانية والعراقية، الكتاب السابع والعشرون: إعداد عمليات والفجر 4)، طهران: مرکز اسناد و تحقيقات دفاع مقدس ، 2015م، ص21؛ جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، طهران: سورة سبز، الطبعة الخامسة والثلاثون، 2014م، ص89ـ86.

[2]. أردستاني، حسين، تجزيه و تحليل جنغ ايران و عراق ، ج3: تنبيه متجاوز (تحليل الحرب الإيرانية العراقية، ج3، عقاب المعتدي)، طهران: مرکز مطالعات و تحقيقات جنغ ، 2000م، ص56.

[3]. کريمي، نبي، تقويم تاريخ دفاع مقدس (تقويم تاريخ الدفاع المقدس)، ج35: والفجر 2، طهران: مرکز اسناد انقلاب اسلامي، 2016م، ص1244 و1245.

[4]. أردستاني، حسين، تجزيه و تحليل جنغ ايران و عراق (تحليل الحرب الإيرانية العراقية)، ج3، ص56.

[5]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص87.

[6]. کريمي، نبي، تقويم تاريخ دفاع مقدس (تقويم تاريخ الدفاع المقدس)، ج35، ص1125؛ أردستاني، حسين، تجزيه و تحليل جنغ ايران و عراق (تحليل الحرب الإيرانية العراقية)، ج3، ص56؛ رشيد، محسن، أطلس الحرب الإيرانية والعراقية، طهران: مرکز مطالعات و تحقيقات جنغ، 2000م، ص86.

[7]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص89. 

[8]. كريمي، نبي، تقويم تاريخ دفاع مقدس (تقويم تاريخ الدفاع المقدس)، ج35، ص1131. 

[9]. اردستاني، حسين، تجزيه و تحليل جنغ ايران و عراق (تحليل الحرب الإيرانية العراقية)، ج3، ص56. 

[10]. كريمي، نبي، تقويم تاريخ دفاع مقدس (تقويم تاريخ الدفاع المقدس)، ج35، ص1159؛ جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص89. 

[11]. كريمي، نبي، تقويم تاريخ دفاع مقدس (تقويم تاريخ الدفاع المقدس)، ج35، ص1159. 

[12]. نفسه، ص1128. 

[13]. نفسه، ص1242. 

[14]. نفسه، ص1157. 

[15]. نفسه، ص1243 و1244. 

[16]. جنغ ايران و عراق، عمليات جبهه مياني (الحرب الإيرانية العراقية، عمليات الجبهة الوسطى)، ج12، طهران: شكيب، 2008م، ص349 و350. 

[17]. كريمي، نبي، تقويم تاريخ دفاع مقدس (تقويم تاريخ الدفاع المقدس)، ج35، ص1157-1129. 

[18]. اردستاني، حسين، تجزيه و تحليل جنغ ايران و عراق (تحليل الحرب الإيرانية العراقية)، ج3، ص56. 

[19]. كريمي، نبي، تقويم تاريخ دفاع مقدس، ج36: والفجر 3 (تقويم تاريخ الدفاع المقدس، ج36: الفجر 3)، طهران: مرکز اسناد انقلاب اسلامي، 2016م، ص1389. 

[20]. نفس المصدر، ص1157. 

[21]. نفس المصدر، ص1125. 

[22]. صحيفة الجمهورية الإسلامية، ش1219، 15 أغسطس 1983م ، ص10. 

[23]. اطلس راهنما5، کارنامه نبردهاي زميني (أطلس راهنما5، سجل معارك الأرض)، طهران: مرکز مطالعات و تحقيقات جنغ سباه باسداران انقلاب اسلامي، 2002م، ص135؛ جعفري، مجتبي، اطلس نبردهاي ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص89. 

[24]. صحيفة اطلاعات، ش17083، 14 أغسطس 1983م، ص2. 

[25]. نعمتي، يعقوب، کريمي، حجت‌الله، اکبربور، محمدجواد، روزشمار جنغ ايران و عراق، کتاب بيست‌وهفتم (القويم اليومي للحرب الإيرانية والعراقية ، الكتاب السابع والعشرون)، ص19 و20. 

[26]. لطف‌الله‌زادغان، عليرضا، همتي، ايرج، روزشمار جنغ ايران و عراق، کتاب بيست‌وهشتم: نخستين عمليات بزرغ در شمال غرب، والفجر 4 (القويم اليومي للحرب الإيرانية والعراقية ، الكتاب الثامن والعشرون: أول عملية كبيرة في الشمال الغربي، والفجر 4)، طهران: مرکز اسناد و تحقيقات دفاع مقدس سباه باسداران انقلاب اسلامي ، 2017م، ص43 و46. 

[27]. صحيفة اطلاعات، ش17083، 14 أغسطس 1983م ، ص2. 

[28]. صحيفة الجمهورية الإسلامية، ش1220، السنة الخامسة، 16 أغسطس 1983م، ص1.