العمليات
عملیات رمضان
لیلا حیدری باطنی
10 Views
في صيف عام 1982م، تم تنفيذ عملية رمضان تحت القيادة المشتركة للجيش والحرس الثوري الإيراني، في الجبهة الجنوبية وشرق البصرة في العراق.
كان الهدف من هذه العملية هو التسلل في الأراضي العراقية لإنشاء موقف عسكري متفوق والحصول على مزایا أراضي، حيث كان صدام يسعى لإنهاء الحرب بذریعة هجوم إسرائيل على جنوب لبنان والاحتفاظ بمیّزة خرمشهر لنفسه. لذا، فإن الحصول على میزّة أراضي العدو كان يمكن أن يكون نهاية عادلة للحرب، مما يجبر هذا البلد على قبول شروط السلام. لكن هذه العملية فشلت بسبب عدم معرفة ظروف العدو.[1]
بعد فتح خرمشهر، تمكنت إيران من تحقيق ظروف أفضل في الجبهات من خلال اتباع سياسة جديدة تحت عنوان «مطاردة المعتدي».
وقد تحقق عبور الحدود والتسلل في الأراضي العراقية حتى الضفة الشرقية لشط العرب[2] السيطرة على الممرات المؤدية إلى البصرة. بعد ذلك، تقرر تسريع سياسة مطاردة المعتدي من خلال تنفيذ عملية أخرى، لتوفیر ظروفًا أفضل لإيران للضغط على الحكومة العراقية لقبول السلام من خلال السيطرة على مناطق من الأراضي العراقية. وإذا لم يكن ذلك ممكنًا، على الأقل يمكن أن تنطلق من مواقع أقوى للدفاع عن نفسها.[3]
أعضاء المجلس الأعلى للدفاع وقادة الجبهات الرئيسيين، في 10 یونیو 1982م، ذهبوا إلى حضرة الإمام الخميني. في هذه الجلسة، أكد الإمام على أن الدخول إلى أراضي العراق يجب أن يتم في نقاط لا يتواجد فيها الناس أو يكون تواجدهم قليلاً جداً. وبهذا الشكل، تم إعداد خطة العملية في 24 یونیو[4]، وبسبب تنفيذها في 13 یولیو 1982م، الذي صادف شهر رمضان، أطلق عليها اسم عملية رمضان.[5]
كانت منطقة عمليات رمضان أرضًا على شكل مثلث تبلغ مساحتها 1600 كيلومتر، تمتد من الشمال الی كوشك، وطلائية، وحافة هور العويزة الجنوبية، ومن الغرب نهر أروند، ومن الشرق الخط الحدودي الشمالي-الجنوبي من كوشك إلى شلمجة.[6] كما كانت هذه المنطقة تغطي غرب طريق الأهواز، وشمال قناة الصيد وشمال شرق البصرة في العراق.[7] بالإضافة إلى ذلك، كان نهر شط العرب في العراق، ونهر كارون في إيران، واهوار العظيم، تعتبر من المعالم الطبيعية للمنطقة، وكانت جزءاً من الحدود المشتركة بين البلدين.[8]
القوة القتالية للعملية كان يتكون من أربعة قيادات (قدس، فتح، نصر وفجر) من عشرة ألوية من الحرس الثوري واثنين من الفرق و لواء من القوات البرية للجيش، والتي الفرقتين المدرعتين 16 و92، وعناصر من فرقتي المشاة 21 و77، واللواء 40 للمشاة، ومجموعتي المدفعية 22 و33، وثلاث فرق قتالية من طيران القوات البرية للجیش، واجزاء من الفرق 1 و 3 و 5 و 7 مشاة، وعناصر من الفرقة 30 المدرعة للحرس. كانت العملية تحت قيادة مقر العمليات كربلاء.[9]
بدأت عملية رمضان في 13 یولیو 1982م الساعة 21:30 برمز «يا مهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف» في أربعة محاور بهدف تدمير قوات الحرس الثالث العراقي وتأمين خط أروند رود، واستمرت على مدى خمس مراحل حتى 29 یولیو 1982م. كان هناك أربعة جسور على نهر أروند، وفي جنوب غربه تقع مدينة البصرة التي كانت لها أهمية سياسية وعسكرية خاصة وكانت تتمتع بخطوط دفاعية مناسبة.[10]
في بداية العملية، تولت ثلاثة مراكز من ثلاثة محاور، تضمّ لواءین من الحرس الثوري ولواء من الجيش، مسؤولية الهجوم على العدو من الجناح الشمالي؛ لكن وجود العوائق والتحصينات لدى العدو حال دون سرعة عمل المقاتلين للوصول إلى الأهداف. على الرغم من التقدم الأولي للقوات في شمال مخفر زيد، التي كانت تشكل المحور الاوسط للمنطقة، إلا أنهم فشلوا في الوصول إلى مثلثات العراق. في المحور الجنوبي وجنوب مخفر زيد، عبرت أربعة ألوية العوائق بسرعة وتم تقدمها حتى عمق ثلاثين كيلومتراً في أراضي العراق، حيث وصلت إلى نهر كتيبان شرق أروند وقناة الصيد. قامت هذه القوات بتدمير مركز قيادة اللواء التاسع المدرع العراقي كما تم الاستيلاء على سيارة بنز تابعة لقائد المقر. ومع ذلك، لم يتمكن الجناح الأيمن من تطهير القوات والعوائق التابعة للعدو بالكامل، ومع سطوع السماء ووصول التعزيزات العراقية، لم تصل إلى الأهداف المرجوة.[11]
المرحلة الثانية من العمليات بدأت في 16 يوليو من المحور الأوسط جنوب مخفر زيد، بقوة قتالية للمرحلة الأولى، وبمرافقة وحدة من الحرس الثوري و لواءین بقيادة مقر المحور الجنوبي. كان هدف هذه المرحلة توسيع تقدم القوات حتى قناة الصيد باستخدام الجسر الذي تم الاستيلاء عليه في المرحلة الأولى من العمليات. في حال الوصول إلى هذه المنطقة، كانت المسافة إلى البصرة ستصل إلى اثني عشر كيلومترًا. لكن بسبب تعزيزات الجيش العراقي بين المراحل لم يکتمل.
المرحلة الثالثة من العمليات، من المحور الأوسط، بدأت بنفس القوات السابقة بمرافقة ثلاثة ألوية، بهدف تدمير المعدات المدرعة العراقية في 21 يوليو. عبرّت القوات في الساعات الأولى خطوط العدو ودمرت أو استولت على جزء كبير من معداتهم في أرض تبلغ مساحتها 180 كيلومترًا. بدأ لواءان من الحرس الثوري ووحدة من الجيش المرحلة الرابعة من العمليات في 23 یولیو في منطقة شلمجة، لكن بسبب يقظة القوات العراقية والعوائق التي تم استخدامها، لم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم.
المرحلة الأخيرة والخامسة في 28 یولیو، في المحور الشمالي لمخفر زيد، بين الحصن الحدودي لأرض العراق والخنادق المثلثية للمخفر، تم تنفيذها بمشاركة سبع ألوية من الحرس الثوري ولواءین من الجيش. في 28 یولیو، اجتمع قادة العمليات في مقر كربلاء لمواصلة العمل. تم القرار بتقدم کتیبتان من لواء النجف مع لواء الإمام الحسين عليه السلام نحو الشمال، وأن يستمر کتیبتان من لواء البعثة في دعم تقدم لواء الإمام الحسين عليه السلام نحو الجنوب، وأثناء التنظيف على الجانب الغربي من المنطقة، يتم ضمهما معًا لتحقيق الاستقرار في المناطق المحتلة. من جهة أخرى، کما كانت اللواءان 1 و2 من الفرقة 77 في طريقهما لمساعدتهم من الشمال والجنوب لقمع القوات العراقية. لكن هذا الأمر لم يتحقق، ومع تأخير القوات الجیش لمدة خمس ساعات، وردّ الفعل الشديد من الجيش العراقي، وعدم التحاق القوات في الجانب الغربي، وإضاءة الجو وعدم دقة القوات في إنشاء المتاریس، تمكنت القوات العراقية من التسلل خمسة كيلومترات، کما لم يتم تثبيت المناطق المحتلة. بناءً على ذلك، لم يرَ القادة المصلحه فی استمرار وجود القوات في المنطقة وأعلنوا عن انتهاء العمليات. [12]
رغم أن وحدات مقر فتح تمكنت من التسلل إلى عمق العراق حتى نهر كتيبان، أي تقدم حوالي خمسة عشر كيلومترًا ، والوصول إلى مقر قيادة الجيش العراقي، إلا أنه بسبب ضعف الجناح الأيمن وعدم قدرة المقرات المجاورة على تجاوز العوائق، لم يتمكن هذا المقر من تثبيت موقعه.
لذلك، اكتفى بالسيطرة على منطقة مخفر زيد.[13] من جهة أخرى، كان من المقرر أن يعوض المقاتلون الفشل في المراحل السابقة من خلال إنشاء متراس كبير ومرتفع مزدوج الشرقی و الغربی في شمال المنطقة. ولكن في حساب خاطئ، تم ربط المتراس الرئيسي بدلاً من الاتصال بالمثلث الثالث بالمثلث الرابع، مما أضاف عدة كيلومترات إلى عرض المنطقة العملياتية وأدى إلى ضرر كبير لنجاح العملية.[14]
في 29 یولیو، وبعد الخسائر البشرية الكبيرة في الجيش العراقي وأسر ثلاثة من القادة في عملية رمضان، وللتعویض عن ذلک استدعت الحكومة العراقية للمرة الثانية جنود الاحتياط.[15]
في هذه العملية، استخدم طيارو طيران القوات البرية 34 مروحية، حيث قاموا بنقل 690 جريحًا و629 ساعة طيران، ونقل 961 مقاتلًا عبر heliborne (عملية منفذة بطائرات عمودية، أو هليكوبتر)، وحمل 10 أطنان من البضائع. [16]
كانت عملية رمضان هي الأول الهجوم الشامل والواسع لإيران على أراضي العراق. لذلك، كان من الضروري ضمان نجاحها من خلال المعلومات والموارد الكافية وطرق جديدة؛ ولكن عدم إمكانية الحصول على المعلومات عبر الأقمار الصناعية والتصوير الجوي، والاعتماد على الاستطلاع الدقيق للمنطقة من قبل القوات المحلية، ترك آثارًا سلبية على أداء وتنفيذ العملية، مما أدى إلى فشل العملية.[17]
أظهر الجيش العراقي مقاومة أكبر في الدفاع عن أراضيه باستخدام أساليب جديدة، وهزم القوات الإيرانية من خلال تشجیع الشعور بالإنتماء القومي والعرقي العربي لدى جنوده.[18]
قال العقيد علي صياد شيرازي، قائد القوات البرية في الجيش في ذلك الوقت، إن الضعف في المسائل التخصصية للحرب والمسائل العقائدية كان سبباً في فشل هذه العملية.
عدم إنشاء السواتر في الوقت المناسب وعدم تأمين القوات في الوقت المناسب للجناح الأيمن في محور شلمجة والجناح الأيسر في منطقة غمر بوبیان كانت من بين النواقص في المجال التخصصي للحرب. ومن الأسباب الأخرى أيضًا عدم التفاهم بين الجيش والحرس الثوري في هذه العملية وتركز كل منهما على نفسه.[19] الأنانیة
كما ذكر قائد الحرس الثوري في ذلك الوقت، محسن رضائي، أن أسباب فشل العملية تشمل وجود تحصينات العدو في الجناح الأيمن من المنطقة، وتعزیز القدرة المعلوماتیة للعراق، وإنشاء وحدات جديدة.[20]
رغم أن الأهداف المحددة في عملية رمضان لم تتحقق، إلا أنه يمكن الإشارة إلى النتائج التي تم تحقيقها، مثل تحرير 250 كيلومتر مربع من أراضي إيران و80 كيلومتر من أراضي العراق، وتدمير الألوية 96 و12 و42 المدرعة، واللواء 88 الميكانيكي، واللواء 55 المختلط، وتدمير 650 دبابة وعربة مدرعة و150 مركبة متنوعة وجهاز من انواع السیارات، وإسقاط 14 طائرة و2 مروحية. كما تم الاستيلاء على 100 دبابة وناقلة مدرعة، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمعدات من قبل القوات الإيرانية.[21]
بعد عملية رمضان، حدث ركود في الجبهات لمدة شهرين تقريبًا. وبعد ذلك، في شهري اکتوبر ونوفمبر 1982م، تم تنفيذ عمليات مسلم بن عقيل ومحرم.[22]
[1]. لطفاللهزادغان، علیرضا، روزشمار جنغ ایران و عراق، کتاب بیستم: عبور از مرز (التقویم الیومي لحرب إيران والعراق، الكتاب العشرون: عبور الحدود)، تهران: مرکز مطالعات و تحقیقات جنغ سباه، 2002م، ص27؛ رشید، محسن، اطلس جنغ ایران و عراق (أطلس حرب إيران والعراق)، تهران: مرکز مطالعات و تحقیقات جنغ سباه، 2000م، ص68.
[2]. لطفي، محمد حسن، حسيني، سيد يعقوب، ارتش جمهوری اسلامی ایران در هشت سال دفاع مقدس (جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ثماني سنوات من الدفاع المقدس)، ج6، طهران: سازمان عقیدتی سیاسی ارتش جمهوری اسلامی ایران، 1997م، ص50.
[3]. لطفاللهزادغان، علي رضا، روزشمار جنغ ایران و عراق، کتاب بیستم (التقویم الیومي لحرب إيران والعراق، الكتاب العشرون)، ص27؛ رشيد، محسن، اطلس جنغ ایران و عراق (أطلس حرب إيران والعراق)، ص68؛ أردستاني، حسين، ، تجزیه و تحلیل جنغ ایران و عراق: ج3، تنبیه متجاوز (تحليل حرب إيران والعراق: ج3، عقاب المعتدي)، طهران: مرکز مطالعات و تحقیقات جنغ، 2000م، ص 33.
[4]. بابایی، غلعلی، ضربة متقابلة، طهران: سوره مهر، 2009م، ص55 و 59.
[5]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهای ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، طهران: سوره سبز، الطبعة الخامسة والثلاثون، 1389، ص78 و 79.
[6]. نفسه.
[7]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهای ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص78.
[8]. لطفي، محمدحسن، حسيني، سيدي عقوب، ارتش جمهوری اسلامی ایران در هشت سال دفاع مقدس (جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ثماني سنوات من الدفاع المقدس)، ج6، ص42.
[9]. نفسه، ص50.
[10]. لطف الله زادغان، علي رضا، روزشمار جنغ ایران و عراق (التقویم الیومي لحرب إيران والعراق)، الكتاب العشرون، ص28.
[11]. نفسه، ص28 و 29.
[12]. نفسه، ص416 و 425 و 30 و 334 و 356 و 403.
[13]. رشيد، محسن، اطلس جنغ ایران و عراق (أطلس حرب إيران والعراق)، ص68؛ بابايي، غلعلي، ضربة متقابلة، ص151.
[14]. لطف الله زادغان، علي رضا، روزشمار جنغ ایران و عراق (التقویم الیومي لحرب إيران والعراق)، الكتاب العشرون، ص425، 426.
[15]. نفسه، ص416، 417.
[16]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهای ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ، ص79.
[17]. رشيد، محسن، اطلس جنغ ایران و عراق (أطلس حرب إيران والعراق)، ص68.
[18]. نفس المصدر؛ جعفري، مجتبي، اطلس نبردهای ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص78-79.
[19]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهای ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ص79؛ دهقان، أحمد، ما لم يُقال عن الحرب، ص324 و328.
[20]. أردستاني، حسين، تجزیه و تحلیل جنغ ایران و عراق (تحليل حرب إيران والعراق)، ج3، ص34.
[21]. جعفري، مجتبي، اطلس نبردهای ماندغار (أطلس المعارك الخالدة)، ، ص79؛ رشيد، محسن، اطلس جنغ ایران و عراق (أطلس حرب إيران والعراق)، ص68.
[22]. أردستاني، حسين، تجزیه و تحلیل جنغ ایران و عراق (تحليل حرب إيران والعراق)، ج3، ص34.